توقف الدكتور الباحث عبد الحميد بورايو خلال حديثه مع "المساء"، مؤخرا، عند الجانب الأكاديمي الخاص بتوثيق ودراسة التراث الأمازيغي الزاخر، داعيا إلى المزيد من البحث والجهد، كما اعتبر يناير جزءا من التراث القديم الذي يحتفل به فلكلوريا. سألت "المساء" الدكتور بورايو، عما تحقق من دراسات في المجال الأكاديمي، والمتعلق بالثقافة الأمازيغية، وكيف يمكن أن يرسخ هذا التراث الوطني الزاخر بعيدا عن الإطار الفلكلوري، فأشار الدكتور إلى أن الاحتفال بالناير ظاهرة فولكلورية من التراث الأمازيغي القديم، لا يمكن معالجتها إلا من هذا المنظور(فلكلور)، وهي عبارة عن طقوس لإحياء رأس السنة الفلاحية بتحضير أطعمة معينة، وأجاب "لا أعرف شخصيا دراسة أكاديمية تناولت هذا الموضوع، أما ما تحقق من أبحاث جامعية حتى الآن، فتتعلق بالتراث الأمازيغي عامة لغة وأدبا وممارسات طقوسية أخرى.. فهناك دراسات حول الحكاية الشعبية الأمازيغية، وحول محاولات روائية حديثة، وحول الشعر والأمثال". أكد المتحدث أنه تم إنجاز بعض هذه الدراسات في جامعات الجزائر وتيزي وزو وبجاية، بعضها منشور، وبعضها ظل حبيس رفوف المكتبات، كما أن هناك مدونات منشورة من هذه المواد، بعضها مترجم للغة الفرنسية، والقليل منه مترجم إلى اللغة العربية. اعتبر الدكتور أن بعض الأبحاث المتعلقة بالتراث الشعبي تم تناولها في جامعات جزائرية، من بينها ظاهرة الاحتفال بيناير وبعض الطقوس المشابهة له، مثل "أنزار" (في بلاد القبائل) وشايب عاشوراء (في الشرق الجزائري) والعيرادي (في خميس بني سنوس) وغيرها. للإشارة، تولى الدكتور بورايو مناقشة بعض البحوث والرسائل الخاصة بالثقافة الأمازيغية، منها مثلا، أطروحة دكتوراه حول هذه الاحتفالات بتيزي وزو، وهي عبارة عن بحث ميداني قدمته طالبة من سطيف، أبرزت إمكانية القيام بمثل هذه الدراسات، بغرض التعرف على التاريخ الثقافي وعلاقته بسلوك الأفراد والجماعات في الحياة العامة. بالنسبة للفنون، هناك معالجة مسرحية عرفتها مدينة تلمسان وقرية بني سنوس، في أقصى الغرب الجزائري، اعتبرها بورايو من آثار جهد الفنان المسرحي علولة، الذي دفع أفرادا من فرقته إلى العناية بهذا الأمر، وتقديم أعمال فنية، وكان بعض المسرحيين الذين تكونوا على يديه، يقيمون احتفالات يناير بإحياء طقوس الأداء التمثيلي واستخدام الأقنعة بطريقة حديثة مستمدة من الماضي، ليؤكد أن هناك حاجة ماسة بهذا الشأن إلى بحوث ميدانية في الأنثروبولوجيا، وفق منهجية علمية، كما أن الكتاب والفنانين ورجال المسرح بإمكانهم أن يستوحوا هذا العنصر لإنتاج أعمال أدبية وفنية تصنع ثقافتنا المعاصرة. للتذكير، الباحث المعروف الدكتور عبد الحميد بورايو، مختص في التراث الشعبي واللغويات وصاحب مؤلفات عديدة، ومحاضر بجامعة الجزائر ومدير مخبر "أطلس" للثقافة الشعبية الجزائرية.