أعلن الجيش الاثيوبي أمس، عن حالة تأهب قصوى في صفوف قواته، استعدادا لمواجهة أي طارئ قد يعيق عملية الملء الثاني لسد النهضة العملاق المقررة خلال الشهر الجاري، بما يرشح الأزمة المشتعلة بين أديس أبابا والقاهرة والخرطوم لمزيد من التصعيد الذي قد يقود الى عواقب لا تحمد عقباها في كل منطقة القرن الإفريقي. وأعلن الجنرال أسرات دينيرو، القائد العسكري لمنطقة "متكل" التي يقع فيها سد النهضة، عن رفع مستوى تأهب القوات المنتشرة في المنطقة بهدف تأمين المرحلة الثانية من عملية ملئه والمقدرة ب13,5 مليار متر مكعب في موعدها المقرر الشهر الجاري. وقال خلال اجتماع مع قادة عسكريين، إن "القوات في المنطقة في حالة تأهب قصوى لتنفيذ المرحلة الثانية من ملء السد، مشددا التأكيد على أن الشعب الإثيوبي "بأكمله يتابع عملية بناء السد" التي تجرى ب"وتيرة متسارعة دون أي عائق"، مشددا على "الحاجة إلى تعزيز المهمة لضمان السلام في المنطقة، وأن الجيش الإثيوبي مستعد لمواصلة النصر وإكمال الجولة الثانية من إمدادات المياه بنجاح". وتصر السلطات الإثيوبية على إتمام عملية الملء رغم رفض مصر والسودان، لمثل هذا الإجراء مخافة تأثر حصتيهما من مياه نهر النيل، والتي تعتمد عليها الدولتان في تلبية احتياجاتهما من هذه المادة الحيوية التي أصبحت بمثابة وقود لحرب مياه بدأت مؤشراتها تلوح في الأفق. ويأتي الإعلان عن حالة التأهب في صفوف القوات الإثيوبية عشية عقد مجلس الأمن الدولي، بعد غد الخميس، جلسة تخصص لبحث الموقف بخصوص النزاع القائم حول هذا السد، ضمن مسعى لبحث سبل نزع فتيل أزمة مشتعلة بين البلدان الثلاثة استجابة لطلب تقدم به السودان في 22 جوان الماضي، لمناقشة الخلاف المرشح لمزيد من الاحتقان. وأمام الإصرار الإثيوبي، لجأت كل من مصر والسودان الى مجلس الأمن الدولي، للنظر في أزمة مياه بدأت تأخذ أبعادا دولية ولا يبدو أن حلها ممكن على الأقل في المستقبل القريب، في تصرف رفضته اثيوبيا التي دعت مجلس الأمن إلى تشجيع البلدين على الانخراط في المفاوضات بقيادة الاتحاد الإفريقي. وطالب السودان مجلس الأمن، بحث كل الأطراف على الالتزام بتعهداتها بموجب القانون الدولي والامتناع عن اتخاذ إجراءات أحادية الجانب، ودعوة إثيوبيا للكف عن ملء أحادي الجانب قبل التوصل لاتفاق نهائي. كما أكد تمسكه بمفاوضات سد النهضة الإثيوبي تحت رعاية الاتحاد الإفريقي، مجددا اقتراحه الذي وصف ب"الموضوعي" بتعزيز هذه المفاوضات بالرباعية الدولية الممثلة في الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والاتحاد الإفريقي. وتطالب مصر، مجلس الأمن بالنظر في أزمة سد النهضة "فورا وبشكل عاجل"، بقناعة أن هذه الأزمة "يمكن أن تشكل خطرا يهدد السلم الدولي"، خاصة وأن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، توعد مرارا بالرد بقوة في حال تم المساس ولو بقطرة واحدة من مياه المصريين، وقال إن ذلك يعد "خطا أحمر". وفجّر مشروع سد النّهضة العملاق خلافات حادة بين السودان ومصر وإثيوبيا، وسط تخوف مصري من تأثير سلبي محتمل للسد على حصتها السنوية من المياه المقدرة ب 55,5 مليار متر مكعب، بينما يحصل السودان على 18,5 مليار متر مكعب.