اتفقت الجزائر وجمهورية الصين الشعبية على رزنامة زمنية لإنجاز اتفاقيات مهمة ذات بعد استراتيجي، مؤكدتان على إرادتهما القوية للقفز بعجلة الشراكة إلى مستويات أهم، حيث أشار وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، السيد رمطان لعمامرة، في هذا الصدد الى أنه سيتم التوقيع على هذه الاتفاقيات عندما تكون جاهزة. وتطرق رئيس الدبلوماسية الجزائرية، عقب مباحثاته مع مستشار الدولة ووزير الشؤون الخارجية لجمهورية الصين الشعبية، وانغ، يوم الاثنين الماضي، الى امكانية "اضافة قطاعات جديدة إلى القطاعات الاستراتيجية والعمل على جمع شروط انطلاقها على أساس علاقة رابح رابح". وقال رئيس الدبلوماسية الجزائرية، عقب مباحثاته مع مستشار الدولة ووزير الشؤون الخارجية لجمهورية الصين الشعبية، وانغ، يوم الاثنين الماضي، "أنا على يقين بأننا سننجز فعلا هذه الخطوات المهمة التي ستدفع شراكتنا إلى ما نصبو اليه"، مضيفا أنه استعرض مع المسؤول الصيني الذي قاد وفدا هاما خلال زيارته للجزائر، الشراكة الاستراتيجية الشاملة والتي تم على ضوئها إنجاز الكثير، في انتظار انجاز العديد من المجالات في المنطقة الافريقية. وأعرب لعمامرة، عن يقينه بإنجاز هذه الخطوات المهمة التي ستدفع الشراكة الثنائية إلى ما نصبو إليه، في الوقت الذي جدد فيه البلدان عزمهما للعمل على رفع مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة إلى مستوى العلاقات السياسة التاريخية "التي لطالما كانت هي الدافع الأساسي لقوة العلاقات الجزائريةالصينية منذ أن اعترفت الجمهورية الصينية الشعبية في 1958، بالحكومة المؤقتة الجزائرية. وأشار الوزير، إلى أن ضيف الجزائر قد حظي باستقبال من طرف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الذي كان محاطا بالعديد من الوزراء الذين يشرفون على قطاعات تهمهم بالدرجة الأولى الشراكة الاستراتيجية الشاملة مع الصين، مضيفا أن "المحادثات لا تزال متواصلة مع وزراء هذه القطاعات، الأمر الذي يشكل إرادة قوية للقفز بعجلة الشراكة إلى مستويات أهم بين البلدين". وعلى المستوى الاقليمي والدولي قال لعمامرة، إن "الأممالمتحدة أصبحت اليوم بوتقة تنصهر فيها آمال وتطلعات الشعوب في مستقبل أفضل، تسوده العدالة والسلام والإنصاف"، آملا في أن "تواصل الصين عملها في مجلس الأمن الأممي بصفتها ممثلا لكافة الدول النامية ولحركات التحرر في المنطقة الإفريقية". وأوضح أن المباحثات التي تمت بينه وبين نظيره الصيني، تركزت حول الأزمة في الشرق الأوسط خصوصا القضية الفلسطينية، حيث "أكدنا على دعم دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وعلى صلاحية وجدارة المبادرة العربية للسلام"، مشيرا إلى تأييد الصين لحل الدولتين والعيش جنبا إلى جنب في كنف الأمن والاستقرار. وأضاف في هذا الصدد "تبادلنا وجهات النظر حول الأزمة الليبية والنزاع في الصحراء الغربية، وناقشنا دعم الصين للتنمية في القارة الإفريقية واستعرضنا مسائل ذات الاهتمام المشترك". وبخصوص احتفال الصين والعالم بالذكرى الخمسين لاسترجاع مقعدها الدائم في مجلس الأمن الأممي، عبّر لعمامرة، بعد إشادته بالدور الذي لعبته الجزائر في تحقيق ذلك عن إيمانه بأن "دمقرطة العلاقات الدولية كانت تقتضي بأن تحتل الصين هذا المقعد الكبير في مجلس الأمن"، في الوقت الذي أبرز فيه دور الصين في توازنات العلاقات الدولية. دعم الجزائر لصيانة الاستقلال ووحدة الأراضي من جانبه شدد السيد وانغ يي، على توافق الرؤى حول العديد من المسائل السياسية والقضايا الدولية مع الجزائر، مؤكدا دعم بلاده للجزائر والدول النامية جنبا الى جنب في ظل التغيرات الكبرى غير المسبوقة منذ 100 سنة. وتطرق المسؤول الصيني، إلى الصداقة التي تجمع بين البلدين، مؤكدا أنها ستظل "صامدة أمام تغيرات الأوضاع الدولية التي تزداد أزماتها مع مرور الوقت"، كما أشاد بوقوف الجزائر دائما إلى الجانب الصين في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية لهذه الأخيرة، مشيرا إلى أن بلاده "ستواصل دعم الجهود الجزائرية لصيانة الاستقلال ووحدة الأراضي". كما حرص على "ضرورة تكريس معادلة جديدة في التعاون وتسريع وتيرة التشاور والتوقيع على خطط للتعاون الاستراتيجي الشامل بين البلدين"، الى جانب برنامج تنفيذي للتعاون ضمن مبادرة حزام الطريق وفي المجالات ذات الأولوية الكبرى خلال الثلاث سنوات المقبلة. وذلك من أجل تحقيق تنمية سريعة في الجزائر. وتوقف المسؤول الصيني، عند الجهود التي بذلتها بلاده والجزائر كبلدين ممثلين عن الدول النامية، مصرحا بالقول "سنعزز الوحدة والتضامن للحفاظ على الحقوق والمصالح المشتركة للدول النامية، مع تعزيز التنسيق والتواصل في الشؤون الدولية والإقليمية والدفاع عن العدل والعدالة الدوليين". وقال مستشار الدولة ووزير الشؤون الخارجية لجمهورية الصين الشعبية، إن الجزائر والدول النامية والأصدقاء في العالم وقفوا الى جانب الصين بكل ثبات طيلة 50 سنة، صمدوا أمام الضغوط ودعموا العدل والحق، وظلت الصين والدول النامية تقف في خندق واحد وهي اليوم لن تخيب أملهم". وأضاف أنه بفضل مساندة ودعم الدول النامية للصين "وصلنا إلى المستوى الذي نحن عليه اليوم، لذا فإن الصين ستقدم مساهمات ضخمة لتعزيز رفاهية الدول النامية وسيكون دوما مصيرنا واحدا ومشتركا". وأبرز الوزير الصيني، أن بلاده التزمت بتعهداتها إزاء الدول النامية، مؤكدا أن "صوت الصين في الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي دائما لصالح هذه الدول"، مؤكدا أن بلاده تلتزم باستبدال المواجهة بالحوار والتصدي لسياسة القوة، إلا أنها "لن تخضع للقوة ولن تتراجع أمام الصعوبات، وستدافع بكل قوتها على سيادتها واستقلالها وتمضي في المطالبة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول". كما أكد على رفض الصين "القاطع" للهيمنة وسياسة القوة، والدفاع بكل ثبات عن الحقوق المشروعة للدول النامية، في الوقت الذي طالب فيه "بكل حزم" بزيادة التنسيق مع الدول النامية في الحوكمة العالمية، وتكريس القيم المشتركة المتمثلة في السلام والتنمية والعدل والعدالة والديمقراطية. وفيما يتعلق بتداعيات جائحة كورونا وتأثيرها على التبادل التجاري بين البلدين الذي شهد تراجعا مؤخرا، اعتبر الدبلوماسي الصيني، أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد "صعوبات عابرة فقط"، معربا عن تفاؤله بشأن أفق التعاون التجاري المتبادل بين الصينوالجزائر، مشيرا إلى أن الصين "تولي اهتماما بالغا لتعزيز التجارة مع الجانب الجزائري وتحرص على فتح السوق الصينية أمام الجزائر". وثمّن وانغ يي، حملة التطعيم التي تقوم بها الجزائر لمجابهة فيروس كورونا، مبرزا في هذا الصدد تبادل الدعم والمساندة بين البلدين، في ظل تفشي جائحة كورونا وذلك من أجل التغلب على الصعوبات خاصة في ظل "التعاون الوثيق" الذي يجمعهما في مجال التصدي لهذا الوباء. بكين مستعدة لمواصلة تقديم اللقاحات للجزائر وأعرب عن استعداد بلاده لمواصلة تقديم اللقاحات المضادة لفيروس كورونا الى الجزائر، قائلا في هذا الصدد: "سنقدم كل ما في وسعنا من لقاحات ومهما كان عددها طالما أن الجانب الجزائري بحاجة إليها، وهذا إلى غاية انتصاره على هذه الجائحة بشكل سريع ونهائي". للاشارة كان السيد وانغ يي، قد حظي خلال زيارته باستقبال من قبل رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، حيث حضر اللقاء الذي جرى بمقر رئاسة الجمهورية، كل من وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج السيد رمطان لعمامرة، و مدير الديوان برئاسة الجمهورية، نور الدين بغداد الدايج، إلى جانب كل من وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب، وزير التجارة وترقية الصادرات كمال رزيق، وزير الأشغال العمومية كمال ناصري، ووزير النقل عيسى بكاي. وكان بيان لوزارة الخارجية، قد ذكر بأن زيارة مستشار الدولة ووزير الشؤون الخارجية لجمهورية الصين الشعبية، تعد "فرصة لتعميق المشاورات السياسية بين البلدين، وتقييم التقدم المحرز في إطار تنفيذ اتفاق الشراكة الاستراتيجية الشاملة للدفع بعلاقات التعاون الثنائي، خصوصا في مجال الشراكة الاقتصادية الخاصة بالهياكل والمنشآت القاعدية، والاستثمارات المباشرة في كافة القطاعات ذات الأولوية، فضلا عن الجهود الرامية لمكافحة جائحة كورونا".