أحدث سقوط العاصمة الأفغانية كابول، تحت سيطرة مقاتلي حركة طالبان صدمة لدى الأفغان الذين انتابهم ذعر وخوف شديد مما دفع بالآلاف منهم الى التدفق في جموع لامتناهية على مطار العاصمة كابول على أمل ايجاد طائرة تقلهم بعيدا وتنقذهم من حكام البلاد الجدد. ونقلت مواقع التواصل الاجتماعي وشاشات مختلف تلفزيونات العالم، صورا ومشاهد صادمة لأفغانيين بلغت درجة يأسهم وذعرهم من عودة نظام طالبان حد تشبثهم بأجنحة إحدى الطائرات العسكرية الأمريكية وهي بصدد الاقلاع من مدرج المطار مما تسبب في سقوط مميت لإثنين من بينهم. وأشارت عدة تقارير إلى مصرع آخرين خلال تدفق جموع الفارين من البلاد، لم يتضح خلالها ما إذا كان الضحايا أصيبوا بأعيرة نارية أم أنهم ماتوا جراء حالة التدافع التي حدثت. وعمت فوضى عارمة العاصمة كابول ومطارها رغم التواجد الكثيف للقوات الأمريكية التي تم تسخيرها لتأمين عمليات إجلاء الرعايا الأمريكيين وموظفي السفارات والتمثيليات الدبلوماسية والمنظمات غير الحكومية والموظفين الأفغان العالميين لديها. وشرعت مختلف الدول الغربية في عمليات إجلاء طارئة لرعاياها ساعات بعد اقتحام مسلحي حركة طالبان القصر الرئاسي، أول أمس، بعد رفع القوات النظامية الأفغانية الراية البيضاء وفرار الرئيس أشرف غني، الذي برر تصرفه برغبته في "حقن دماء الأفغان". وأمام هذه التطورات المتسارعة في المشهد الأفغاني، تضاربت مواقف الدول بين من أبدى رغبته في التعامل مع حكام كابول الجدد، على غرار روسيا التي فضلت عدم اجلاء دبلوماسييها واعتبرت أن حركة طالبان ستضمن النظام العام، والصين التي أعلنت استعدادها لإقامة علاقات "ودية" مع طالبان إلى النقيض من الدول الغربية التي حملت مسؤولية هذا الانهيار للادارة الأمريكية التي قررت بشكل مفاجئ وغير منتظر سحب قواتها من هذا البلد، بعد عشرين عاما من احتلاله دون أن تتمكن من تغيير معادلة القوة فيه لصالح القوات الحكومية الأفغانية التي زعمت طيلة عقدين أنها بصدد تدريب أفرادها لقهر مقاتلي حركة طالبان. فمن وزير الدفاع البريطاني الى المستشارة الألمانية إلى الأممالمتحدة، لم يخف حلفاء واشنطن، امتعاضهم من قرار الرئيس جو بايدن، بسحب قوات بلاده بدعوى أنها حققت المراد في القضاء على المتورطين في تفجيرات 11 سبتمبر. وبينما وصف وزير الدفاع البريطاني، بان ولاس، عودة حكم حركة طالبان إلى أفغانستان بأنه "فشل للمجموعة الدولية التي لم تفهم بأنه لا يمكن تسوية الأمور بين ليلة وضحاها"، عبرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أمس، عن شعورها ب"الإحباط" بسبب تطورات الوضع في هذا البلد، مشيرة إلى وجود "أسباب داخلية للقرار الأمريكي"، في حين تحدث أرمن لاشيت، القيادي في الحزب المحافظ والمرشح المحتمل لخلافة ميركل عن "أكبر كارثة يشهدها الحلف الأطلسي منذ إنشائه". من جهته دعا الأمين العام الأممي، أنطونيو غوتيريس، المجموعة الدولية إلى تبنّي موقف موحد للقضاء على التهديد الارهابي في أفغانستان. وقال غوتيريس، إنه "يجب على المجموعة الدولية أن تتوحد للتأكد من أن أفغانستان لن يستخدم مجددا كمواقع خلفية أو ملجأ لمنظمات إرهابية".