عادت قضية الصحراء الغربية إلى واجهة الأحداث الدولية في الأيام الأخيرة بدءا بتحركات لمنظمات حقوقية ومجتمعات مدنية ونواب في مختلف البرلمانات الدولية وصولا إلى مجلس الأمن الدولي ومرورا بحركة عدم الانحياز اجمع الكل على حتمية إنهاء النزاع من خلال تقرير مصير الشعب الصحراوي. وتزامنا مع إصدار مجلس الأمن الدولي للائحة 1871 طالب وزراء خارجية دول عدم الانحياز الذين عقدوا اجتماعا تقييميا للحركة بالعاصمة الكوبية هافانا وبالاجماع بضرورة التعجيل بتنظيم استفتاء لتقرير المصير في آخر مستعمرة في القارة الإفريقية. وأكد الوزراء في ختام أشغالهم الممهدة لقمة الحركة بمنتجع شرم الشيخ منتصف شهر جويلية القادم على حل عادل ودائم في الصحراء الغربية ينتهي بتقرير مصير الشعب الصحراوي. وقد ثمنت الجزائر على لسان وزيرها المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل موقف الحركة وأكد أن الجزائر تثمن الدعم الثابت لحركة عدم الانحياز في مساندتها لقضية الصحراء الغربية ودعمها لجهود الأممالمتحدة الرامية إلى التوصل إلى تسوية عادلة ودائمة لنزاع الصحراء الغربية. وهو الاعتقاد الذي دفع بالوزير الجزائري إلى التأكيد على موقف الجزائر الثابت تجاه هذا النزاع ومواصلة دعمها لجهود الأممالمتحدة من اجل مساعدة طرفي النزاع في التوصل إلى حل سياسي يوافق عليه الطرفان على أساس لوائح مجلس الأمن وفي إطار احترام حق شعب الصحراء الغربية في تقرير مصيره بكل حرية. وكان وزراء خارجية دول عدم الانحياز الذين انهوا اجتماعا بالعاصمة الكوبية جددوا التأكيد على لوائح الأممالمتحدة بخصوص قضية الصحراء الغربية وكذا دعم جهود الأمين العام الأممي ومبعوثه الشخصي "قصد التوصل إلى تسوية سياسية يقبلها الطرفان وتضمن تقرير مصير الشعب الصحراوي في إطار اتفاقات مطابقة الأهداف ومبادئ الأممالمتحدة". وأكدوا على ضرورة العمل من اجل دفع طرفي النزاع إلى مواصلة المفاوضات بشكل مكثف للتمكن من تطبيق لوائح مجلس الأمن الدولي. وفي سياق هذه الديناميكية الدبلوماسية تحرك 33 نائبا في الكونغرس الأمريكي حيث طالبوا في رسالة موقعة بأسمائهم الرئيس باراك اوباما من اجل دعم حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. وتزامنت "الرسالة النداء" مع الاجتماع الدوري لأعضاء مجلس الامن الدولي الذين صادقوا على اللائحة 1871 حول هذا النزاع وضمنوها مطلبا جوهريا حول ضرورة تخويل بعثة الأممالمتحدة في الصحراء الغربية "مينورسو" دورا في مراقبة وضعية حقوق الإنسان في المدن الصحراوية المحتلة. وعبر النواب الأمريكيون في رسالتهم إلى الرئيس اوباما عن قلقهم العميق إزاء ما يجري في المدن الصحراوية المحتلة من انتهاكات متواصلة ضد المدنيين الصحراويين وطالبوه بدعوة الأممالمتحدة إلى القيام بتحقيق معمق حول هذه الأوضاع التي تتم تحت حصار مغربي مطبق على كل ما يجري من تجاوزات. وجاء هذا المطلب على ضوء عشرات النداءات لمنظمات حقوقية وبرلمانية دولية التي وقفت على فظائع الممارسات المغربية في حق المدنيين الصحراويين من طلبة وحقوقيين والنشطاء المدافعين عن حق تقرير المصير في الصحراء الغربية. وذكر النواب الأمريكيون الرئيس اوباما بأكثر من ستين لائحة أصدرتها الأممالمتحدة بخصوص النزاع في الصحراء الغربية وأكدت جميعها على حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره سواء في إطار اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة في إطار لوائح مجلس الأمن الدولي. وحذر النواب الأمريكيون رئيس إدارتهم أن كل تجاهل لحق تقرير المصير يعد تنكرا لمبادئ الأمة الأمريكية التي قامت على أساس هذا المبدأ". وهو الموقف الذي دافع عنه جون بول لوكوك النائب بالجمعية الوطنية الفرنسية عن حزب اليسار الديمقراطي الذي أكد أن كل شيء قيل عن النزاع في الصحراء الغربية ولم يبق سوى توفر شجاعة كافية لوضع الأطراف المعنية بالنزاع أمام مسؤولياتها لتقرير مصير الشعب الصحراوي. وأكد لوكوك أن لوائح الأممالمتحدة واضحة ويبقى فقط تنظيم استفتاء تقرير المصير في آخر المستعمرات في القارة الإفريقية. وقال لوكوك الذي يعد عضوا في اللجنة الخارجية بالجمعية الوطنية الفرنسية أن لا أحد بإمكانه أن يقرر في مكان الشعب الصحراوي وبالتالي تعين مواصلة النضال من اجل عدم إبقاء النزاع في طي النسيان" والعمل من اجل فضح الممارسات المغربية ضد أدنى حقوق الإنسان ضد المدنيين الصحراويين". وهي الانتهاكات التي دفعت منظمة العفو الدولية إلى إدراج قضية انتهاك حقوق الإنسان ضمن مهمة بعثة "المينورسو" في الصحراء الغربية. واعتبرت منظمة أمنيستي أن إدراج مسألة حقوق الإنسان ضمن مهام المينورسو يبقى خطوة ضرورية لمعالجة النزاع في الصحراء الغربية في شموليته. وقد ركزت أستاذة القانون الدولي الجزائرية مايا ساحلي على هذه النقطة وأكدت أن قضية الصحراء الغربية سيكون لها صدى أكبر في أوساط فعاليات المجتمع الدولي في حال ما اذا تم التركيز على دراستها من زاوية حقوق الإنسان. وطالبت ساحلي في هذا المجال المجتمعات المدنية في كل الدول الى تبني المسألة الصحراوية من أجل مواكبة عمل الطبقات السياسية وإلزامها باتخاذ مواقف تتوافق مع الشرعية الدولية وتمكين الشعب الصحراوي من كل حقوقه بما فيها الاستقلال.