شرع رجال الأعمال للاتحاد المغاربي أمس بالجزائر في بحث آليات تحقيق الاندماج الاقتصادي بين دول المنطقة، والتفكير في وضع إطار يساهم في تنسيق الجهود لمواجهة التحديات العالمية المرتبطة بالأزمة الاقتصادية وفتح آفاق دعم مجال الاستثمار الثنائي والبيني. في خطوة هي الأولى من نوعها عقد 600 رجل أعمال يمثلون الجزائر وتونس والمغرب وموريتانيا وليبيا ملتقى بفندق الشيراطون بالعاصمة بغرض إيجاد آليات تحريك التعاون المغاربي، بعيدا عن الجمود السياسي الذي يعرفه التكتل، وكان الملتقى فرصة لهم للتأكيد على ضرورة تحقيق الاندماج الاقتصادي باعتباره حتمية تفرضها التحولات العالمية وخاصة الظرف الراهن الذي يتميز بتحول الأزمة المالية الى أزمة اقتصادية تستدعي تكاتف جهود الجميع من أجل تجاوزها. وتقاطعت تصريحات وزيرا الصناعة وترقية الاستثمارات السيد حميد تمار، والتشغيل والعمل والضمان الاجتماعي السيد الطيب لوح ورئيس الكنفدرالية الوطنية لأرباب العمل السيد بوعلام مراكش، ورئيس الاتحاد المغاربي لرجال الأعمال السيد الهادي الجيلاني، والأمين العام لاتحاد المغرب العربي السيد لحبيب بن يحيي حول أهمية مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية "ككتلة متحدة" وليس "على انفراد" كما كان الحال خلال مفاوضات التوقيع على اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وأجمعوا على ان الحركية الاقتصادية والتفكير في إقامة مشاريع مشتركة يبقى أمرا ممكنا، وأوضحوا أن الخلافات السياسية بين الدول يمكن تجاوزها، ولا يمكن ان تشكل عائقا أمام تجسيد التعاون في المجال الاقتصادي. وقدموا مثالا عن الاتحاد الأوروبي الذي كانت بدايته باتفاق حول الفحم ليتطور الى شراكة اقتصادية حقيقية قبل ان تعمق تعاونها السياسي. ويرى رجال الأعمال ان حجم المبادلات التجارية بين البلدان المغاربية والمقدر ب2.9 بالمئة لا يستجيب لطموحات شعوب المنطقة وهذا ما جعل السيد لحبيب بن يحيي يركز على ضرورة التفكير في خلق سوق مشتركة تمون من طرف الشركات المغاربية. وركز الأمين العام للاتحاد في تدخله في اليوم الأول من الملتقى الذي تختتم أشغاله اليوم الاثنين على ضرورة بحث فرص الاستثمار البينية والثنائية والتحضير للاستجابة لمتطلبات سوق واعدة، من منطلق ان عدد سكان المنطقة سيبلغ 100 مليون نسمة في حدود 2015. وأشار الى انه "حان الوقت للاعتماد على التضامن الموجود بين دول المغرب العربي والإرادة القوية لقياداتها لجعل من الاندماج الاقتصادي حقيقة معاشة". كما أشار إلى ضرورة تعزيز منحى بناء مغرب عربي قوي وموحد لمواجهة الأزمات المتعددة التي يعيشها العالم اليوم لا سيما الأزمة الاقتصادية الدولية داعيا إلى تعزيز التعاون بين دول المنطقة في مجالات كالطاقة خاصة الطاقات المتجددة والأمن الغذائي والسياحة مما يجعلها أكثر استقطابا للاستثمارات الأجنبية. ومن جهته قال وزير الصناعة وترقية الاستثمارات السيد حميد تمار بأن الاندماج الجهوي هو اختيار أساسي لدعم مكانة دول المغرب العربي في إطار العولمة معتبرا مسالة تعزيز الاتحاد المغاربي "ضرورة ملحة لتقوية النشاط الاقتصادي المغاربي". وأكد السيد تمار أن الموارد البشرية والمادية متوفرة بشكل كاف في مختلف دول المغرب العربي من أجل بناء فضاء اقتصادي تنشط فيه مؤسسات مغاربية قادرة على المنافسة وسط مناخ اقتصادي يتميز بتشجيع البحث والابتكار وبقوة الاستثمار. وبدوره شدد وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي السيد طيب لوح على أن الاندماج الاقتصادي بين دول المغرب العربي أصبح ضرورة لمواجهة الصعاب خلق مناصب شغل جديدة والثروة في هذه المنطقة ودعا رجال الأعمال إلى استغلال فرص الاستثمار المتاحة وخلق شراكات تعود بالنفع على الجميع. وجاءت مداخلة رئيس الاتحاد المغاربي لرجال الأعمال السيد الهادي الجيلاني في نفس الاتجاه موضحا بأن الاندماج الاقتصادي بين دول المغرب العربي "هو من الأولويات التي تتطلب تنسيقا أفضلا وإرادة أقوى من أجل تطبيقها على أرض الواقع". كما تأسف السيد الجيلاني لضعف التبادلات التجارية بين دول المغرب العربي داعيا إلى تدعيمها من خلال بعث مشاريع اقتصادية مشتركة وتشجيع الاستثمار على أساس قدرات كل بلد. وبدوره أكد السيد بوعلام مراكش رئيس الكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل باعتباره الجهة التي بادرت إلى تنظيم الملتقى على ضرورة توفير الظروف اللازمة لتحقيق التطور الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة. وفي رسالة وجهتها إلى المشاركين أوضحت مديرة اللجنة الإفريقية للأمم المتحدة لمنطقة إفريقيا السيدة كريمة بونمرة بن سلطان بان "التحدي" الذي يواجه دول المغرب العربي يكمن في تحديد الوسائل اللازمة للوصول إلى الاندماج الاقتصادي المغاربي والذي حسب رأيها يعتمد كثيرا على الدور الهام الذي يلعبه رجال الأعمال المغاربة. واعتبرت بان خلق فضاء اقتصادي مغاربي قوي يستلزم خلق مؤسسات مغاربية ذات مصداقية وسلسلة لوجستيكية تربط بين دول المغرب العربي وكذا فتح حوار مستمر بين القطاع العام والقطاع الخاص في هذه المنطقة. وينتظر ان يتوج الملتقى بتوصيات تهدف الى إعطاء تصور للنهوض بقطاعات الصناعة والفلاحة، وكيفية تنسيق الجهود لتحقيق الأهداف المشتركة المسجلة في إطار التوصل إلى تجسيد التكامل الاقتصادي.