تصاعدت أطوار الأزمة السياسية المستفحلة في الصومال بين رئيس البلاد، محمد عبد الله محمد، المعروف باسم "فرماجو" ورئيس الوزراء، محمد حسين روبل، ما أثار مخاوف المجموعة الدولية وخاصة الحلفاء الغربيين من انزلاق هذا البلد في متاهة حرب أهلية وخيمة العواقب. واستيقظ سكان العاصمة موقاديشو، أمس، على مشاهد لقوات عسكرية مدججة بالأسلحة الثقيلة وقد تمحورت في أهم المواقع الاستراتيجية بالعاصمة بأمر من رئيس الوزراء الذي أصدر تعليمات للجيش وقوات الأمن بتلقي الأوامر منه مباشرة بدلا من رئيس البلاد. واشتدت القبضة مجدّدا بين الرجلين على إثر إعلان الرئيس فرماجو، أول أمس، إقالة رئيس وزرائه بتهمة "التقاعس في أداء مسؤولياته" بعد أن سحب منه صلاحية تنظيم الانتخابات المنتظرة منذ بداية العام الجاري. وجاء رد فعل روبل، باتهام الرئيس فرماجو بالقيام ب"انقلاب ضد الحكومة والدستور وقوانين البلاد" وقال، "مادام الرئيس قرّر تدمير المؤسسات الحكومية... فقد أمرت جميع القوات الوطنية الصومالية بالعمل تحت قيادة مكتب رئيس الوزراء اعتبارا من يوم أمس". ودخلت الولاياتالمتحدة على خط هذه الأزمة، بانحيازها إلى جانب رئيس الوزراء بعدما أبدى الفرع الإفريقي في كتابة الدولية الأمريكية قلقه بخصوص قرار الرئيس فرماجو اقالة روبل. وأكدت الخارجية الأمريكية، أنها تدعم رئيس الوزراء في جهوده الرامية لتنظيم انتخابات سريعة وذات مصداقية. وأثار احتدام الصراع بين الرجلين ردود فعل دولية قلقلة، دعت الأممالمتحدة والشركاء الدوليون، من خلالها طرفي الأزمة، إلى تغليب مصلحة البلاد وتهدئة التوترات السياسية المتصاعدة والامتناع عن الاستفزازات التي من شأنها تقويض السلام والاستقرار. وأعربت المنظمة الأممية عن قلقها البالغ إزاء التطورات السياسية في الصومال والمخالفات الإجرائية والتأخير المسجل في العملية الانتخابية، مؤكدة على ضرورة التنفيذ الفوري لاتفاقيتي 17 سبتمبر 2020 و27 ماي 2021 باعتبارهما أساس تنظيم الانتخابات ، دون مزيد من التشويش أو الاضطراب. وتعمّقت الأزمة السياسية في الصومال بعد أن اتهم قائد القوات البحرية، عبد الحميد محمد، الأسبوع الماضي، رئيس الحكومة بمصادرة أراض تابعة للبحرية الصومالية وبنائها. وهو ما أدى إلى فتح وزير الدفاع الصومالي، حسن حسين، تحقيقات حول الاتهامات وتطوّر الأمر إلى أن أجرى رئيس الوزراء تعديلا وزاريا جزئيا تبادل فيه وزيرا الدفاع والعدل منصبيهما بما استدعى إصدار الرئيس فرماجو قرارا يقضي بتوقيف رئيس الحكومة عن العمل . ودخلت الصومال في أسوأ أزمة سياسية منذ أفريل الماضي عندما مدد الرئيس ولايته المنتهية في فيفري الماضي لعامين بما أدى إلى اندلاع اشتباكات في العاصمة موقاديشو، إلا أن فرماجو تراجع عن قراره بضغط دولي ومحلي. وكلف حينها رئيس وزرائه بحلحلة الوضع ومواصلة المساعي لإجراء انتخابات في أقرب وقت ممكن بالاتفاق مع المعارضة. ومنذ ذلك الحين، تعدّدت الخلافات بين روبل وفرماجو بشأن صلاحيات كل منهما، حيث تبادل الطرفان الاتهامات حول فشل الانتخابات البرلمانية التي سيعقبها انتخاب رئيس الدولة وفق للنظام الانتخابي المعقد غير المباشر في الصومال.