رسالة أمريكية حاسمة تخلط أوراق الرئيس الصومالي المنتهية ولايته، وتضعه على خط النار بمواجهة مجتمع دولي بدأت أزمة الانتخابات تفاقم قلقه. رسالة تأتي في وقت تستفحل فيه أزمة الانتخابات في بلد انتهت فيه ولاية رئيسه محمد عبد الله فرماجو منذ 8 فبراير/شباط الماضي، وسط معارضة تطالب باحترامه الدستور، ومراجعة النقاط الخلافية التي تعرقل مسار الاقتراع. وفي أوج الاحتقان السياسي، وجهت واشنطن، الجمعة، رسالة ضمنية حاسمة يجزم مراقبون أنها نزلت كالصاعقة على فرماجو، جاءت هذه المرة على غير العادة عبر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن. وقال بلينكن عبر تويتر: "نشعر بقلق عميق من مأزق الانتخابات في الصومال، يجب على قادة الصومال إجراء الاقتراع فورا، لأن استمرار حالة عدم اليقين يقوض الأمن والاستقرار والازدهار في البلاد" . ويرجح محللون أن تفرض واشنطن إجراءات عقابية على فرماجو في حال لم يضطلع بالدور المطلوب للتوصل إلى اتفاق فوري حول الانتخابات ومواصلة عرقلته مسار الحوار السياسي. ..رسالة حاسمة
وزير التخطيط الصومالي السابق عبدالرحمن عينتي قال عبر فيسبوك، إن "دعوة واشنطن إلى إنهاء الجمود في الانتخابات بالصومال أمر مرحب به، الولاياتالمتحدةالأمريكية أكبر مانح للصومال". وأضاف عينتي: "يبدو أن واشنطن سئمت من ممارسات فرماجو بالتمسك بالسلطة، وستتخذ إجراءات عقابية ضده خلال الأيام القادمة"، لافتا إلى أن "رسالة بلينكن مختلفة تماما عن رسائل السفارة الأمريكية في مقديشو خلال الأشهر الماضية، وهي حاسمة، وفرماجو يدرك هذا الأمر جيدا" . وللالتفاف حول الأمر، وجه فرماجو، السبت، دعوة رسمية لرؤساء الولايات الإقليمية الخمسة وعمدة مقديشو، لحضور مؤتمر تشاوري حول الانتخابات بين الإثنين والأربعاء المقبلين. لكن قيادات من المعارضة وولاية بونتلاند ردت على الدعوة بسرعة، مؤكدة أنه لا يحق لفرماجو دستوريا الدعوة إلى مؤتمر حول الانتخابات، بسبب انقضاء ولايته الدستورية دون الحصول على توافق بين جميع المكونات السياسية. أيضا، ثمة مغالطات في البيان إذ لم يذكر مكان انعقاد المؤتمر ما يشي بأنه محاولة للالتفاف على العتاب الأمريكي وحيلة يائسة لتبرئته من تسببه في أزمة الانتخابات. وتعد هذه الدعوة الخامسة من نوعها التي يطلقها فرماجو منذ انقضاء ولايته في 8 فبراير/شباط الماضي، ولم تتم تلبية أي من هذه الدعوات، ما يؤكد أن قراراته لم تعد نافذة من منطق قناعة مختلف الأطراف بانتهاء ولايته. ..أهداف وفي قراءة للمشهد السياسي بالصومال، يحاول فرماجو تحقيق ثلاثة أهداف من وراء هذه الدعوات؛ أولها الالتفاف على البيان الأمريكي شديد اللهجة، والبحث عن أوهام الشرعية الدستورية بعد انقضاء ولايته، وأخيرا محاولة إقصاء المعارضة من المشاورات السياسية حول الانتخابات عبر تفكيك "مجلس الإنقاذ الوطني" الذي يضم ولايتي جوبلاند وبونتلاند، واتحاد مرشحي الرئاسة، ورئيس مجلس الشيوخ عبدي حاشي عبدالله. لكن كل هذه الأهداف من الصعب تحقيقها بسبب عدم اعتراف المعارضة بفرماجو رئيسا للبلاد وفشله في التوصل إلى اتفاق مع الأطراف الأخرى قبل انتهاء ولايته، علاوة على دور المجتمع الدولي، والذي يعد طوق النجاة الوحيد للانتخابات الصومالية. وفي سبيل إنقاذ البلاد من الوقوع في وحل الفشل السياسي، تشكلت، الخميس، بالعاصمة مقديشو، جبهة سياسية توحد كافة الأطراف من مكونات المعارضة الصومالية . وأطلق على التكتل السياسي اسم "مجلس الانتقال الوطني"، ويضم كلا من ولايتي جوبلاند وبونتلاند واتحاد مرشحي الرئاسة، إضافة إلى رئيس مجلس الشيوخ عبدي حاشي عبدالله الذي يمثل السياسيين المنحدرين من أرض الصومال. ووفق بيان رسمي صادر عن المجلس الجديد، تتمثل مهمته في إجراء انتخابات شفافة ونزيهة، ومنع البلاد من الوقوع في وحل الفشل السياسي. ويعتبر المجلس الأول من نوعه في الصومال منذ عقدين من الزمن، ويأتي تشكيله في سياق متأزم يجعل من الصعب التكهن بمصير الانتخابات الصومالية، ويعبر عن الفجوة الكبيرة بين المعارضة والرئيس المنتهية ولايته.