❊ الدبلوماسية البرلمانية لاستغلال التحويلات النقدية الجزائرية للجالية ❊ الأفامي: الاقتصاد الجزائري من أسرع الاقتصاديات نموا أكد البروفيسور حكيم بوحرب، أستاذ المالية والاقتصاد بجامعة البليدة، أن الدبلوماسية الاقتصادية في الجزائر، تعد عاملا أساسيا لتحقيق النفوذ والنمو الاقتصاديين، وآلية تفاوضية توفر منافذ لتعزيز قوة التصدير، من خلال تكثيف العمل الدبلوماسي على المستويين الدولي والداخلي من خلال تشجيع المستثمرين المحليين، بإزالة العقبات التي تحد من أنشطتهم خاصة ما تعلق بالعقار الصناعي والعقبات الادارية، وتعزيز الطبقة الصناعية الجزائرية من خلال دعم فرص إنشاء مؤسسات جديدة، مع إعادة توزيع أوراق القوة في عالم مترابط اقتصاديا بالشكل الذي يدعم القدرة التفاوضية للمؤسسات الجزائرية المصدرة. اعتبر الأستاذ بوحرب في تصريح ل"المساء"، أن تحقيق الإقلاع الاقتصادي، يمثل أولوية في الاستراتيجية الاقتصادية للجزائر الجديدة، خاصة وأن العالم يعرف اضطرابات وتقلبات اقتصادية حادة، مشيرا إلى أن المتتبع لخطط ومناهج تعامل رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون مع القضايا الاقتصادية، يخلص إلى وجود فلسفة جديدة أساسها رؤية شاملة واستشرافية. ويقول المتحدث إن الحركة الأخيرة في سلك الدبلوماسيين، تبين توجه السياسة الخارجية نحو ترقية الاستثمارات والصادرات، في ظل العمل على تكوين دبلوماسيين مكلفين بالشؤون الاقتصادية والتجارية ضمن البعثات الدبلوماسية في الخارج. وقال أستاذ المالية، إن الجزائر تمتلك مؤهلات وإمكانيات اقتصادية كبيرة، إلا أن ضعف أساليب ووسائل التعريف بها والترويج لها، بسبب غياب دبلوماسية اقتصادية قوية في وقت سابق حال دون ذلك. وأشار إلى أن تفعيل الدبلوماسية، لم يكن ضمن أجندة صناع القرار في وقت سابق، ما جعل رئيس الجمهورية يوظف الموارد السياسية لخدمة التوجهات الاقتصادية، وجعلها وسيلة لتعبيد الطريق أمام الفاعلين الجزائريين، والاعتماد على البعد الدولي من خلال ربط اتصالات بفاعلين أجانب إلى جانب تفعيل دور السفارات والمعارض الدولية، التي يتعين استغلالها للتعريف بالمنتجات الوطنية مع تقديم التسهيلات والضمانات اللازمة لتعزيز الصادرات، من خلال إعطاء إشارات إيجابية للمتعاملين الأجانب لإبرام اتفاقيات ثنائية. وأشار الأستاذ بخصوص البعد الداخلي، إلى الدور الهام الذي تلعبه الدبلوماسية الاقتصادية في تنويع الاقتصاد وتحسين مداخيل الجزائر، بتشجيع المستثمرين المحليين لتصدير منتجاتهم وإيجاد أسواق خارجية جديدة، مؤكدا على ضرورة بعث الأنشطة الاقتصادية المجمّدة، ومنح صلاحيات للولاة من خلال استحداث لجان ولائية، للتكفل بانشغالات المستثمرين ،ويرى الخبير، بوادر نجاح ظهرت تجلياتها من خلال نجاح القمة العربية التي حققت مكاسب سياسية، أعادت للجزائر مكانتها كدولة فاعلة في على الصعيدين الإقليمي والدولي. وأشار إلى أن القمة حقّقت مكاسب اقتصادية مباشرة وغير مباشرة كبيرة خاصة ما تعلق بالشق الطاقوي، حيث نجحت الجزائر في إدراج مسألة الأمن الطاقوي في إعلان الجزائر والذي شدد على ضرورة ثمين المواقف المتوازنة التي تبنتها مجموعة "أوبك +" لضمان استقرار سوق الطاقة العالمي واستدامة الاستثمارات في هذا القطاع الحساس ضمن مقاربة اقتصادية، تضمن حماية مصالح الدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء. كما تمكنت الدبلوماسية الجزائرية من إعادة بعث الشراكة بين مجمع "سوناطراك" والمؤسسة الوطنية للنفط الليبية، وتعاقدهما من أجل القيام باستثمارات مستقبلية واعدة بين البلدين الجارين. الاقتصاد الجزائري من أسرع الاقتصاديات نموا وأكد بوحرب، أن الدبلوماسية الاقتصادية، مكنت الجزائر من حلحلة عمليات التصدير، التي بلغت خارج قطاع المحروقات 3,507 مليار دولار خلال السداسي الأول من العام الجاري مقابل 2,074 مليار دولار خلال نفس الفترة من سنة 2021، بزيادة قدرت ب48 من المائة مع تطلع لأن تبلغ قيمة هذه الصادرات قبل نهاية السنة الحالية نحو 7 ملايير دولار. وشدّد أستاذ الاقتصاد والمالية، على ضرورة تبيان الإطار المؤسساتي الداعم لجهود التصدير، حيث تم إنشاء الصندوق الخاص لترقية الصادرات، الذي يتحمل جزءا من تكاليف نقل المنتجات الموجهة للعرض وتكاليف مشاركة الشركات في المعارض والصالونات الدولية بالخارج، بالإضافة إلى تسهيلات جمركية وبنكية، اللازمة للمصدرين لترويج منتجاتهم وسلعهم في مختلف الأسواق العالمية. وقال بخصوص معدل النمو وتوقعات صندوق النقد الدولي ببلوغه نسبة 4,7 من المائة مقارنة ب3,9 من المائة في 2021، ما جعله يؤكد أن الاقتصاد الجزائري يعتبر أحد أسرع الاقتصاديات نموا في العالم. وذكر المتحدث بأن الجزائر تعد متعاملا فاعلا في الشراكة من أجل تنمية إفريقيا، باعتبارها طرفا أساسيا في بعث مبادرة "النيباد" التي مثلت منطلقا لتحقيق التنمية المستدامة في القارة، من خلال إعداد خطة تنموية عرفت باسم الألفية الجديدة. وأوضح الأستاذ أن الدبلوماسية الاقتصادية سمحت للجزائر رغم الجائحة، استمرار سلاسل توريد السلع خاصة الأساسية منها، والتي تذبذب مسار توفيرها في الأسواق الدولية، إضافة إلى توفير شروط ملائمة لسلاسل التوريد الخاصة بالنشاط الصناعي ومدخلاتها. دبلوماسية برلمانية لتحقيق الفارق وفي سياق متصل ذكر الخبير، أن الدبلوماسية الاقتصادية لا تقتصر على دور السفارات والتمثيليات الدبلوماسية بالخارج فقط، بل تتعداه إلى فعاليات أخرى كالبرلمان من خلال ما يعرف بالدبلوماسية البرلمانية التي يتعين عليها المساهمة بشكل فعال في مرافقة مسار تقوية الاقتصاد الوطني، من خلال مرافقة النشاط السياسي في الجزائر، باعتبار البرلمان هيئة تشريعية، من خلال لعب دور هام في الاتصال بالمستثمرين ونقل انشغالاتهم. ويتجلى دور الدبلوماسية البرلمانية أيضا، من خلال ممثلي الجالية الجزائرية بالخارج، حيث يمكن للبرلمانيين، العمل على إقناع أصحاب رؤوس الأموال من الجزائريين المتواجدين في الخارج، بالاستثمار في الجزائر، نظرا لحاجة الجزائر للتحويلات النقدية الجزائرية للجالية، كما أن استقطاب ادخار الجالية الجزائرية، يتجسد من خلال الدبلوماسية البرلمانية بالتنسيق مع السفارات، التي يوجد على مستواها مكاتب خاصة بالإعلام وترقية الصادرات والاستثمارات، وأخرى تخص تكوين الكوادر. وأكد الخبير، أن الجزائر اختارت توجيه عملها الدبلوماسي وجهودها لتنمية اقتصادها نحو عمقها الإفريقي والعربي، وتجلى ذلك من خلال حضورها البارز في مساعي بناء المنطقتين الحرتين، العربية والافريقية، وكذا مشاركتها في منتديات الشراكة بين إفريقيا والصين من جهة وإفريقيا والولايات المتحدةالأمريكية من جهة أخرى، مشيرا إلى أن استغلال هذه الفضاءات لتكثيف جهود الدبلوماسية الاقتصادية أصبح حتمية بالنظر إلى التحولات السياسية الكبيرة، التي جعلت كل الدول تبحث عن مصالحها وعن شراكات تضمنها. وقال إن الجزائر في ظل هذه التوجه أصبحت عضوا فاعلا على المستوى الاقليمي والدولي، كما هو الحال بالنسبة للشراكة مع الصين التي أصبحت تعول على الشراكة الجزائرية، من خلال مبادرة الحزام والطريق، باعتبارها شريكا استراتيجيا. ولدعم ملف انضمام الجزائر إلى مجموعة "بريكس"، أشار بوحرب إلى أن رئيس الجمهورية أكد في لقاء الحكومة بالولاة الأخير، أن الاقتصاد الجزائري تعافى، إلا أنه اعتبر أن الغاية المرجوة لن تتحقق إلا بانضمام الجزائر إليها، وضرورة أن تلعب الدبلوماسية الاقتصادية دورها في دعم هذا الملف، والذي ستجني منه الجزائر عديد المزايا. ولفت الخبير في هذا الخصوص إلى امتلاك الجزائر علاقات وطيدة مع أعضاء "بريكس"، على غرار روسيا التي تعد حليفا استراتيجيا، إذ يعد الانضمام لهذه المنظمة خطوة كبيرة لتعزيز القدرة التفاوضية للدبلوماسية الجزائرية، وفتح المجال لعقد اتفاقيات اقتصادية جديدة، والانفتاح على أسواق جديدة، التي فرضت إقرار تسهيلات مالية وادارية، توجد حاليا في طريق المعالجة، حيث يجب ان تستغل الطبقة الصناعية ما اتيح من ظروف للنهوض بالاقتصاد الوطني، واستغلال عضوية الجزائر في المنظمات الدولية التي تكسبها نقاط جديدة في تعزيز القدرة التنافسية وتجسيد برنامج الإنعاش الاقتصادي.