ستكون مصر حاضرة بكامل هيئاتها الثقافية وفنونها في المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني، الذي ستحتضن الجزائر فعالياته من 5 إلى 20 جويلية القادم، بهذه العبارات لخّص الوكيل الأوّل ورئيس الإدارة المركزية للمنظمات الدولية والإعلام الخارجي بوزارة الثقافة المصرية، السيد نادر أحمد حافظ، ل"و.أ.ج"، المشاركة المصرية في المهرجان. مشيرا إلى أنّه لأول مرّة تشارك مصر بوفد بهذا المستوى في فعاليات ثقافية في الجزائر، التي تشهد "نهضة ثقافية غير مسبوقة بدعم من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة". وأعرب نادر أحمد حافظ، عن استعداد بلاده للمساهمة في إنجاح هذا الحدث الثقافي القاري الهام، الذي "يعيد إلى إفريقيا صورتها الحضارية"، حيث يكفي عنوان التظاهرة "عودة إفريقيا" لتأكيد الاهتمام البارز بالثقافة الإفريقية التي أثرت على الثقافات في العالم. وقال أنّ الوفد المصري في المهرجان يضمّ حوالي 130 فنان ومحاضر وأديب، إلى جانب الأعمال الفنية والمعدّات المصاحبة للفرق التي ستقوم بتقديم أنشطتها. مبرزا أهمية هذه المشاركة التي تتميز - كما قال - بخصوصية تمثيل أغلب ألأنشطة الثقافية والفنية المصرية بمختلف المناطق. وكان وزير الثقافة المصري، السيد فاروق حسني، قد صرّح مؤخر ل"و.أ.ج"، أنّ مشاركة بلاده في المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني ستكون "ثرية وغزيرة وسخية". وقال خلال استقباله لمدير التلفزيون، السيد عبد القادر العلمي، ومستشار وزيرة الثقافة، السيد نور الدين عثماني، أنّ العلاقة القوية التي تربط البلدين لا تسمح بأن "نخذل هذا المهرجان الضخم والهام ونقتصد في مشاركة الفرق المصرية". وأكّد في هذا الصدد استعداد بلاده لترقية التعاون في المجال الثقافي بشكل "قوي"، وقال أنّ الثقافة هي "أرضية" العمل السياسي والاقتصادي. مذكّرا بالعلاقات السياسية والاقتصادية الجيّدة بين البلدين. وأضاف أنّ التعاون الثنائي في المستقبل سيعرف "ازدهارا". مؤكّدا التفاهم الدائم لمسؤولي الثقافة في البلدين في كلّ الأمور التي تخدم المصلحة المشتركة. وتتجلى المشاركة المصرية في هذا المهرجان في إشراك كافة الفنون والثقافات الشعبية التي يزخر بها التراث المصري قصد التعريف بها وتبيان علاقات "التأثير والتأثر" مع باقي الثقافات الإفريقية، ومن بين الفرق المشاركة، فرقة الطبول النوبية والآلات الشعبية المصرية التي تأسّست في 1990 من قبل الفنان انتصار عبد الفتاح، وذلك في سعيه للحفاظ على التراث الغنائي والإيقاعي النابع من نهر النيل بالطريقة والأسلوب واللكنة النوبية القديمة. وتجتهد هذه الفرقة في البحث عن الجذور الإيقاعية والغنائية الأصيلة مع إبراز تشابهها وصلتها بالطقوس الفرعونية القديمة، كما تتشابه هذه الطبوع المعروفة في الجنوب المصري مع طبوع الفلكلور الإفريقي، ويشمل البرنامج عروضا لفرقة "النيل للآلات الشعبية" تحت إشراف المخرج عبد الرحمن الشافعي تتنوّع بين الإنشاد الصوفي والموسيقى الشعبية وتقدّم من خلال الموسيقى الشعبية عددا من العازفين المهرة للآلات الشعبية المختلفة مثل "المزمار والربابة والناي وغيرها"، إلى جانب حضور عدد من المنشدين الذين يحفظون التراث الشعبي المصري والمشايخ الذين يحملون جزءا مهما من التراث الصوفي. وارتأى معدّو هذا البرنامج إدراج فرقة الرقص المسرحي الحديث بقيادة الفنان والكوريغرافي وليد عوني، لتعريف الجمهور بمظهر الحداثة في الثقافة المصرية، وهي فرقة حديثة تعمل منذ 16 عاما على ترسيخ هذا الفن في المجتمع المصري، حيث تمكّنت خلال هذه الفترة من تكوين عدد من مصمّمي الرقصات وستقدّم هذه الفرقة عرض "عطيل" السيرة الهلالية المصنفة ضمن التراث العالمي غير المادي، وتعدّ هذه السيرة من أكبر وأضخم السير الشعبية في الأدب الشعبي العربي وفي الفلكلور المصري، وتحكي السيرة عن قبيلة بني هلال ورحلتهم من أراضي شبه الجزيرة حتى وصولهم إلى المغرب العربي بعد الجفاف الذي ضرب أراضيهم، وتتكوّن السيرة من ما يقرب من مليون بيت من الشعر وتحكي عن تاريخ قبيلة بأكملها من خلال عدة قصص مرتبطة ببعضها في تسلسل زمني يروي مغامرات وبطولات أبنائها ك"أبي زيد الهلالي" و"دياب الأحمر"، تبرز السيرة أهمية المرأة في مجتمع القبيلة العربية من خلال شخصيات متألقة مثل "الجازية الهلالية" ابنة الملك سرحان التي كان لها ثلث الرأي في أيّ حكم من أحكام القبيلة. وتشارك أيضا فرقة تخت شرقي بتقديمها للقوالب الموسيقية الآلية والغنائية والإيقاعات العربية وفرقة الجاز "افتكاسات" وغيرها من الفرق، وأفرد البرنامج المصري في المهرجان حيّزا كبيرا للمعارض، من خلال ثلاثة نماذج تعرّف أكثر بإبداعات الفنانين المصريين في اللون، منها معرض للفنون التشكيلية بشقيها المعاصر والتراثي ومعرض للحرف التقليدية وثالث للتصوير الفوتوغرافي. وقال الفنان محسن شعلان رئيس قطاع الفنون التشكيلية الذي سيكون ضمن الوفد، أنّ الأعمال المشاركة تصل إلى 21 عملا، إضافة إلى حوالي 7 أعمال في التصوير الفوتوغرافي و69 عملا فنيا عبارة عن حرف فنون تقليدية افريقية. وأشار إلى أنّ الأعمال الفنية تزخر بالموروثات التراثية المصرية في مجال الخيامية والنسيج وخرط الخشب وتطعيم الصدف والنسجيات. وفي هذا السياق، سينظّم خلال المهرجان معرض يسجّل بالصور مسار المسرحيين المصريين الذي أثروا المسرح المصري والعربي والإفريقي أمثال نجيب الريحاني، يوسف وهبي، أمينة رزق وسيمحة أيوب، وسيشارك أدباء ونقاد وأخصائيون مصريون في مختلف الندوات الملتقيات المنظمة في إطار المهرجان مثل ندوة حول "الأدب الإفريقي" التي ستساهم في تنشيطها الدكتورة منيرة عز الدين سليمان وملتقى "السينما الإفريقية" الذي سيعرف مشاركة نقاد وفنانين كالدكتور خالد عبد الجليل رئيس المركز القومي للسينما، إلى جانب ملتقيين حول "سياسات الكتاب والقراءة العمومية في إفريقيا" وحول "الكتاب الرقمي". أمّا في مجال السينما، فستشارك مصر بعدّة أفلام روائية طويلة وقصيرة وتسجيلية وتاريخية، ومن أبرزها الحديثة "عمارة يعقوبيان" للمخرج مروان حامد والمقتبسة قصتها عن رواية الكاتب علاء الأسواني، وفيلم "في شقة مصر الجديدة" من إنتاج الشركة المصرية للإنتاج الإعلامي وإخراج محمد خان، وفيلم "حين ميسرة" الذي أخرجه خالد يوسف وأنتجه كامل أبو علي.