يرى أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة الجزائر عبد القادر مشدال، أن الجزائروروسيا بإمكانهما تطوير علاقاتهما الاقتصادية بالتوجّه نحو الاستثمار في القطاعات الاستراتيجية الكبرى، مثل المناجم والنقل، حيث تحتاج الجزائر، حسبه، إلى الاستفادة من خبرة روسيا في هذه المجالات، وبالتالي تعزيز التعاون الاقتصادي وإخراجه من طابعه التقليدي ليرقى إلى مستوى العلاقات السياسية الجيدة بين الطرفين. اعتبر مشدال في تصريح ل"المساء"، أمس، أن زيارة الدولة التي يقوم بها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون إلى موسكو، فرصة لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، والتي لا زالت ضئيلة، إذا ما قورنت بالعلاقات التاريخية والسياسية الممتازة. وقال في هذا الصدد إن أمام الجزائروروسيا فرصة كبيرة يمكن استغلالها لتطوير التعاون الاقتصادي، بالتفكير في توجيهه نحو الاستثمارات في القطاعات الاستراتيجية الكبرى، بدل حصره في الجانب التجاري، والذي لم يرق بعد إلى مستوى العلاقات التاريخية التي تجمع البلدين، حيث لا يتجاوز حجم المبادلات التجارية بين الجزائروروسيا حاليا 3 ملايير دولار. وهو أمر "معقول"، وفقا لمحدثنا، الذي أشار إلى أن الاقتصاد الجزائري يعتمد على النفط كمصدر رئيسي في التصدير، وروسيا منتج كبير للطاقة، وبالتالي فهي ليست في حاجة إلى استيراد النفط، بالإضافة إلى أن البلدين يتنافسان على معظم الأسواق ولهم نفس الزبائن تقريبا.. في المقابل، ذكر مشدال بأن الجزائر لا زالت ورشة مفتوحة في عدة قطاعات، خاصة في مجال المناجم، حيث تملك ثروة هائلة في الفوسفات، الزنك، الحديد، وحتى التربة النادرة، وهي بحاجة الى شراكة قوية في هذا القطاع، لإنجاز مشاريع كبرى، تتطلب رؤوس أموال ضخمة وتجربة رائدة، ويمكن لروسيا أن تصبح شريكا قويا للجزائر في هذا المجال بحكم الثقة والعلاقات الصلبة بين الطرفين. إلى جانب المناجم، ذكر، محدثنا بإمكانية تطوير الشراكة في قطاع النقل، الذي يعد قطاعا حيويا لازال بحاجة الى تطوير للاستجابة لحاجيات المواطن، خاصة بالمدن الكبرى، وذلك بالبحث عن فرص للاستثمار مع روسيا، لتطوير قطاع السكك الحديدية وتوسيع شبكة المترو، باعتبار روسيا بلد رائد في هذا المجال ومن البلدان التي تملك شبكة مترو موسعة ومتطوّرة. وأشار مشدال إلى أن هذه الاستثمارات وفي حال تجسيدها يمكن أن تجلب ملايير الدولارات للجزائر التي يمكنها أن تلعب على وتر علاقات الصداقة القوية مع موسكو لتنويع اقتصادها وتقويته، موضحا أن هذه المشاريع ليست بالأمر الصعب ولا بالمستحيل، وتجسيدها يتوقف على توفر إرادة سياسية ووضع خطة عمل على مدى زمني معين بطريقة مدروسة وغير استعجالية لتحقيق الأهداف المرجوة. كما اعتبر محدثنا زيارة رئيس الجمهورية إلى روسيا فرصة للدفع بملف انضمام الجزائر إلى منظمة "بريكس" التي تعد روسيا عضوا فعّالا فيها، مؤكدا أن توسيع الاستثمارات خاصة مع روسيا في القطاعات الاستراتيجية سيحسّن من مؤشرات الاقتصاد الوطني ويزيد من حظوظ الجزائر للانضمام إلى هذه المجموعة. أما في الشق التجاري، فذكر محدثنا بوجود أسباب موضوعية لم تمكن من تنويع الصادرات الجزائرية نحو روسيا، بالرغم من تسجيل طلب كبير عليها، كالمنتوجات الفلاحية والتمور، حيث تصطدم هذه الأخيرة، حسبه، بعدة عوائق أهمها لوجيستكية، نظرا لبعد المسافة بين البلدين.