جدد الوزير الأول الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أمس رفضه القاطع فكرة وقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة متحديا بذلك كل المجموعة الدولية التي تصر على وقف الاستيطان كشرط لإنجاح مسار السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وشدد الوزير الأول الإسرائيلي خلال الاجتماع الأسبوعي لحكومته أمس انه لم يقدم أية تعهدات أو التوصل إلى اتفاق لوقف الاستيطان حتى وإن كان لفترة مؤقتة. وحتى يؤكد على موقفه الرافض أكد الوزير الأول الإسرائيلي انه لا يمكن أبدا قبول مسألة وقف الاستيطان بقناعة أن ذلك غير وارد في سياسة حكومته. وجاءت تأكيدات نتانياهو ردا على ما تردد مؤخرا بوجود اتفاق ضمني من اجل وقف الاستيطان لمدة ثلاثة أشهر تعبيرا عن حسن نيته في إتمام عملية السلام وقبل الدخول في مفاوضات جديدة مع الفلسطينيين. ويكون الوزير الأول الإسرائيلي بمثل هذا الموقف قد كرس سياسة الأمر الواقع وموقفه الذي أبداه منذ الوهلة الأولى لمقترح الرئيس الأمريكي باراك اوباما الذي اكد منذ توليه نصبه على ضرورة وقف الاستيطان كشرط لاستئناف مفاوضات السلام. ولا يفوت نتانياهو كل مناسبة من اجل تأكيد موقفه في رسائل تحد واضحة باتجاه الرئيس الأمريكي الذي وضع نفسه في موقف حرج بعد ان التزم هو الآخر بالعمل من اجل إقامة دولة فلسطينية مستقلة الى جانب اسرائيل ولكنه عجز إلى حد الآن في إيجاد آليات تنفيذ وعده بعد أن تمسكت الحكومة الإسرائيلية برفضها لشرطه الداعي إلى وقف الاستيطان. ولم تكتف إدارة الاحتلال برفض هذا الشرط من خلال تصريحات صحفية ولكنها عمدت الأسبوع الماضي إلى الإعلان عن مناقصة لبناء 1450 وحدة سكنية في قلب الضفة الغربية في نفس الوقت الذي كان وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك يجري محادثات مع جورج ميتشل الموفد الأمريكي الخاص إلى منطقة الشرق والذي يسعى من اجل تفعيل مسار مفاوضات السلام وإعطائها دفعا جديدا بعد الجمود الذي أصابها منذ أكثر من سبع سنوات. وعمدت حكومات الاحتلال المتعاقبة منذ سنوات على انتهاج سياسة الأمر الواقع في الضفة الغربية من خلال موجات إسكان واستيطان منتظمة في مستوطنات عشوائية بلغ تعداد من قطن الضفة الغربية قرابة نصف مليون مستوطن يهودي جيء بهم من مختلف الأصقاع. وتسعى إسرائيل من وراء ذلك بالإضافة إلى فرض أمر واقع ميداني في نفس الوقت الذي تقوم فيه بأكبر عملية تهويد ممنهجة في الضفة الغربيةوالقدس الشريف التي عرفت خلال السنوات الأخيرة اكبر عملية هدم واستيلاء على ممتلكات الفلسطينيين بعد أن اعتبرت ان القدس الشريف بشقيها الشرقي والغربي تبقى العاصمة الأبدية لدولة الاحتلال. وقالت مصادر فلسطينية أن أكثر من 200 ألف يهودي تم إسكانهم في مدينة القدسالشرقية رغم أن السلطة الفلسطينية تصر على إقامة عاصمة الدولة الفلسطينية المستقبلية فيها. ورغم هذا التحدي الصريح لإدارة الرئيس الأمريكي الجديد فإن وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك أكد أمس انه سيلتقي مجددا بالموفد الأمريكي إلى المنطقة بدعوى البحث عن صيغة توافقية مع الإدارة الأمريكية حول مسألة الاستيطان في الأرض الفلسطينية. ويؤكد مثل هذا التصريح أن حكومة الكيان الإسرائيلي المحتل مازالت مقتنعة بإمكانية إقناع الرئيس أوباما بالتخلي عن شرطه الخاص بالاستيطان لإعادة بعث مسار المفاوضات المعطلة. وينتظر أن يلتقي باراك مع ميتشل اليوم بالعاصمة البريطانية لندن في ثاني لقاء بينهما في أقل من أسبوع بعد اللقاء الذي جمعهما الأسبوع الماضي بمدينة نيويورك ولكنه لم ينته إلى أية نتيجة على طريق تفعيل مسار السلام. ولكن السؤال الذي يطرحه المتتبعون لآخر التطورات التي أفرزها تكفل الرئيس الأمريكي بعملية السلام هو إلى أي مدى بإمكان هذا الأخير أن يضغط من أجل تحقيق مبتغاه بإحلال السلام؟ والأكثر من ذلك هل يمتلك الرئيس أوباما وسائل تنفيذ هذا المسعى المعقد الذي يبدو أن الزخم الذي أحيط بتصريحاته حول أوضاع المنطقة بدا في التلاشي التدريجي ليبدأ الشك يجد طريقه الى نفوس الفلسطينيين بعد ان علقوا آمالا على مضمون خطاب الرئيس الأمريكي في الرابع من الشهر الماضي بالعاصمة المصرية ولكنه بقي مجرد أقوال ينتظر أفعالا.