واصل الطيران الحربي والمدفعية الاسرائيلية، أمس، دك قطاع غزة بالصواريخ الفتاكة والقذائف القاتلة التي تستهدف المباني السكنية وحتى المدارس والمساجد ملحقة دمارا وخرابا كبيرين بهذا الجزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة الذي قطعت عنه حكومة الاحتلال الماء والكهرباء والغذاء والدواء ضمن سياسة عقاب جماعي بعدما عجز جيشها عن التصدي للمقاومة في عملية "طوفان الأقصى". تصب إسرائيل جام غضبها على المدنيين العزل في القطاع الجريح والمنكوب في عمل انتقامي بغيض رفضته حتى المجموعة الدولية بعدما راحت تفرض حصارا خانقا على غزة بحرمان سكانها من الكهرباء والماء ومنع دخول أي إمدادات طبية أو دواء أو مؤونة بعذر أقبح من ذنب أنها تدافع عن نفسها في مواجهة المقاومة الفلسطينية وبالتحديد حركة "حماس" ومقاتليها في كتائب القسام الذين ضربوا الجيش الصهيوني في مقتل عجرفته. وتواصلت، أمس، لليوم الرابع على التوالي عملية "طوفان الأقصى" الفريدة من نوعها، حيث دوت صافرات الإنذار في مستوطنات سديروت ونيرعام وإيبيم الواقعة في غلاف غزة وبلغ صداها حتى بئر السبع والنقب بالقرب من الحدود مع مصر. كما دوت صافرات الإنذار في عسقلان وكارميا وزيكيم شمال الحدود مع غزة التي شهدت انتشار كثيفا للدبابات والمدرعات على حدودها. وبينما أمهل المتحدث باسم كتائب القسام أبو عبيدة مهلة لسكان عسقلان لمغادرتها، قصف المقاومون الفلسطينيون مطار "بن غوريون" في "تل أبيب" بالصواريخ رداً على مواصلة جيش الاحتلال استهداف المدنيين في القطاع. ومقابل تصاعد عداد القتلى الإسرائيليين إلى ألف قتيل، ارتفعت حصيلة شهداء غزة الى غاية أمس إلى 788 شهيد وحوالي 4100 مصاب، اضافة إلى نزوح ما لا يقل عن 187500 شخص وجدوا أنفسهم محاصرين بين نيران مدفعيات وصواريخ جيش الاحتلال الذي راح يقف معبر رفح عبر الحدود مع مصر المتنفس الوحيد للقطاع على العالم الخارجي ليضمن تنفيذ حصاره المشدد. وأكدت تقارير إعلامية عن توقف العمل بشكل كامل في معبر رفح بعد تعرضه للقصف الإسرائيلي للمرة الثانية في ظرف 24 ساعة، في وقت افادت فيه وسائل إعلام عبرية أن إسرائيل هددت مصر بضرب شاحنات تحمل مساعدات تدخل غزة. وقد يكون ذلك ما دفع الأممالمتحدة للخروج عن صمتها وهي تؤكد رفضها للحصار الذي فرضه وزير الدفاع الاسرائيلي على القطاع، مذكرة هذا الاخير بأنه ممنوع بموجب القانون الدولي. وقال المفوض السامي الأممي لحقوق الانسان، فولكر تورك، في بيان له أمس إن "فرض حصار يعرض حياة المدنيين للخطر بحرمانهم من الاحتياجات الاساسية لحياتهم ممنوع بموجب القانون الدولي الانساني". وذكر المسؤول الاممي بأن "أي قيود على حركة الأشخاص والبضائع بهدف تنفيذ الحصار يجب أن تكون مبررة بالضرورة العسكرية، وإلا فإنها قد تشكل عقابًا جماعيًا". وكان الأمين العام الأممي، أنطونيو غوتيرييس، قد أعرب عن قلقه الشديد بعد إعلان الاحتلال الصهيوني أنه سيفرض حصارا كاملا على قطاع غزة. وقال في مؤتمر صحفي إن "الوضع الإنساني في غزة كان أصلا مترديا للغاية قبل هذه الأعمال العدائية.. الآن سيتدهور أكثر، وبشكل كبير"، مؤكدا أن "الوقت قد حان لإنهاء هذه الحلقة المفرغة من إراقة الدماء والكراهية والاستقطاب". ولكن السؤال المطروح هل سيرافق هذا الإقرار الأممي بعدم شرعية الحصار الاسرائيلي على غزة بإجراءات ملموسة لفكه وتمكين أكثر من مليوني و300 الف فلسطيني من التنفس وهم يعيشون منذ أكثر من 17 سنة في سجن كبير جعلهم أسرى في يد اسرائيل. وانتظار الحصول على إجابة، دعت منظمة الصحة العالمية إلى فتح ممر إنساني إلى قطاع غزة لإدخال الإمدادات الطبية. وقال المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، طارق ياساريفيتش، خلال إحاطة صحفية من مدينة جنيف السويسرية إن "فتح ممر إنساني أمر ضروري لتوفير الإمدادات الطبية الأساسية للسكان"، مضيفا أن المنظمة تجري محادثات مع مختلف الشركاء في محاولة لإيجاد طريقة لإدخال المساعدات الطبية إلى قطاع غزة. وأشارت المنظمة الصحة إلى نفاد الإمدادات الطبية التي كانت مخزنة في غزة، مؤكدة أن 13 هجوما وقع على مرافق صحية في غزة منذ بدء العدوان الصهيوني على القطاع يوم السبت الماضي. من جانبها، قالت اللجنة الدائمة التابعة للأمم المتحدة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية وإسرائيل، في بيان لها، إنها "تقوم بجمع وحفظ الأدلة على جرائم الحرب التي ارتكبتها جميع الأطراف" منذ الهجمات التي نفذتها حماس يوم السبت الماضي. وقالت هذه اللجنة التي أنشئها مجلس حقوق الإنسان الاممي عام 2021 أن "هناك بالفعل أدلة واضحة على أن جرائم حرب ربما تكون قد ارتكبت خلال أعمال العنف الأخيرة في إسرائيل وغزة، ويجب محاسبة جميع الذين انتهكوا القانون الدولي واستهدفوا المدنيين على أفعالهم".