أكد مشاركون في ندوة تاريخية، أمس، بالجزائر العاصمة، أن المجازر الفرنسية في حق الجزائريين المشاركين في مظاهرات 17 أكتوبر 1961 بباريس، تمثل جريمة دولة شنعاء في حق مدنيين عزل، مارسوا حقا منصوصا عليه في المواثيق الحقوقية الدولية. في مداخلة له خلال منتدى جريدة "الشعب" تحت عنوان "17 أكتوبر، تخليدا لنضال العمال بالمهجر"، أوضح الباحث في الحركة الوطنية، عامر رخيلة، أن الجريمة ضد الجزائريين انطلقت من إصدار قرار حظر التجوّل ضدهم، رغم أن القوانين يتوجب فيها أن تكون عامة ومجردة وليس ضد مواطنين بعينهم. وأضاف "جاء الرد من طرف جبهة التحرير الوطني بتنظيم مسيرات سلمية تكسر ذلك الحظر إلا أن القمع الفرنسي كان همجيا وغير معقول، فتمت المذبحة بحق الجزائريين على أيدي الشرطة والدرك والجيش الفرنسيين". وتابع رخيلة بالقول "إن الاعتقالات انطلقت بمجرد انطلاق المسيرات، فتم رمي المئات في نهر السين، مقيدين مع ربط بعضهم بأثقال إضافية لتأكيد الغرق، فيما تم جمع من تم القبض عليهم وارتكاب مجازر في حقهم، فكانت الحصيلة 1800 شهيد، إلى جانب تهجير العديدين والذين ألقي بعضهم في عرض البحر". كما شدّد المتحدث على ضرورة تحديد المصطلحات التاريخية المتعلقة بالثورة والتوقف عن استعمال المصطلحات التي أطلقتها فرنسا الاستعمارية منذ تلك الفترة في وصف الوقائع التاريخية للتقليل من حجم جرائمها، داعيا إلى التركيز على الإنتاج السينمائي لترسيخ تاريخنا المجيد . كما ألح رخيلة على ضرورة التحرك لتغيير بعض المصطلحات التي تطلق على أحداث الثورة ونتائجها، من خلال تحديدها بدقة حتى تكون أكثر تعبيرا عن الوقائع التاريخية، وفي حديثه عن دور الجامعات والمثقفين في نقل رسالة الثورة وحفظها وحماياها من التشويه، عبّر رخيلة عن أسفه لتراجع الإنتاج السينمائي التاريخي مقارنة بالسنوات السبعينيات والثمانينيات، مؤكدا أهمية ودور الأفلام السينمائية في ترسيخ الوقائع التاريخية في أذهان الجمهور من مختلف الأجيال لأنها تتناول الوقائع بالصوت والصورة وبلغة بسيطة تصل إلى عامة الناس وليس للمثقفين فقط كنا هو الشأن بالنسبة للكتب. داعيا المنتجين الخواص إلى الاهتمام بهذا الموضوع لأنه ليس حكرا على القطاع العمومي بل يمكن للخواص أن يلعبوا دورا كبيرا في انتاج أفلام تاريخية. من جانبه، وفيما يخص مسيرة 17 أكتوبر 1961 بفرنسا، أكد المجاهد محمد غفير المدعو ب«موح كليشي" مسؤول فدرالية جبهة التحرير الوطني بالمحافظة الأولى بباريس أنذاك، أن هذه المظاهرات محطة هامة في تاريخ الثورة، لأنها نقلت الثورة إلى عقر دار العدو، حيث جعلت الرئيس الفرنسي ديغول يعترف بحق الشعب الجزائري في تقرير مصيره، بعدما تأكد أن الجزائر مستحيل أن تكون "فرنسية" كما كان يقول في السابق، ليطلب مباشرة بعدها في 28 أكتوبر من الحكومة المؤقتة الجزائرية لقاء للتفاوض، تخوفا من اشتداد الثورة بفرنسا وتنظيم مسيرات ومظاهرات ومعارك هناك. من جهتها أشارت المجاهدة قرمية فريال، التي شاركت في هذه المظاهرات بمنطقة ليون في 19 أكتوبر، وهو اليوم المخصص للمظاهرات بالنسبة للنساء والأطفال إلى أهمية هذه المحطة في استقلال الجزائر، مؤكدة على أن الاستعمار الفرنسي أظهر وحشية لا توصف ضد المتظاهرين بما فيهم النساء والأطفال، غير أن هذا لم يحد من عزيمتهم في المطالبة باستقلال الجزائر.