أكد الكُتّاب المشاركون في ندوة "التأثيث المعرفي في نصوص الأدباء الشباب" التي خَتمت فعاليات البرنامج الثقافي المرافق لصالون الكتاب السادس والعشرين، أهمية المطالعة في تكوين الكُتّاب، والمساهمة في غزارة معارفهم، وجودة أسلوبهم، مؤكدين أهمية التأثيث المعرفي في كتاباتهم. وبالمناسبة، قال المؤلف الطيب صياد إن الكاتب يظل جائعا للقراءة والمطالعة؛ فكلما قرأ كتابا أدرك أنه مايزال يجهل الكثير، مشيرا إلى أن المطالعة هي المكون الأساس للكاتب، الذي يجب أن يعدّد قراءاته. أما عن حبه للمطالعة، فقد بدأ من طفولته بتشجيع من والدته وأساتذته. وتابع أن الكاتب يجب أن ينوّع قراءاته، خاصة تلك التي تساعده في الرقيّ بمستواه اللغوي؛ فبنشره الكتب يعرض عقله للناس؛ لهذا من الضروري أن تكون لغته سليمة. وبالمقابل، اعتبر أن ثلاثيته تاريخية رغم أنه كتبها عن العصر الذي نعيشه؛ لأن كل ما نكتبه سيصبح حدثا تاريخيا يوما ما. أما فلة الأندلسية فقد تطرقت لحبّها للمطالعة منذ أن كانت طفلة صغيرة؛ حيث عاشت في كنف عائلة مثقفة تعشق الكتب، حتى إنّ أفضل الهدايا التي كانت تحصل عليها فلة، هي كتاب. وأضافت أن المطالعة تساهم في تفتّح الفكر، وتدفع بالقارئ إلى السفر وهو في مكانه، علاوة على تنمية ثقافته، وتعليمه تقنيات التحليل والتلخيص وغيرها، مشيرة إلى وجود طفل في أعماقنا، يدفع بنا إلى الكتابة، وهكذا صدرت لها رواية عن طفلة اسمها كاميليا، تعيش يومياتها بدون أنترنت في زمن لم يكن فيه موجودا، وتتغذى على حنان العائلة. كما تحدثت فلة عن أهمية الاهتمام بالطفل، الذي يحتاج دائما إلى عطف والديه؛ حتى لا ينتقم منهما، ولا من الآخرين في حال عاش طفولة قاسية، مضيفة أن الطفل قد يجد نفسه متأرجحا بين عفويته، وفكره الغض، وفي نفس الوقت جسده الذي يكبر؛ لهذا فقد اعتمدت على مبادئ علم النفس في روايتها. ومن جهته، تطرق المترجم سفيان بوستة، لترجمته قصة قصيرة بعنوان "بلد العميان"، وكذا روايته "مزرعة الحيوان" لجورج أورويل، إلى اللغة الأمازيغية، فقال إنه اختار ترجمة أعمال تصلح للأمازيغية كلغة، وحتى كمواضيع تمسّ المواطنين الذين ينطقون بها؛ مثل القصة التي يعيش فيها شعب من العميان إلا رجلا واحدا مبصرا، يجد نفسه مختلفا إلى درجة جعلته يتساءل "هل يريد أن يظل مختلفا، وبالتالي يعيش على هامش المجتمع، أم يصبح أعمى مثل البقية؟ فهل يتمسّك الفرد بمبادئه، أم أنه يصبح مثل البقية وإن لم يقتنع بهم؟ أما عن رواية "مزرعة الحيوان" فهي، أيضا، قريبة من الأمازيغ، الذين يعيش أغلبهم في القرى. واعتبر سفيان أن ترجمته الكتب إلى اللغة الأمازيغية، هدفه تقديم مؤلَّفات بلغته الأم، لطلبته؛ باعتباره أستاذا للغة الأمازيغية في المتوسط، وهذا بفعل ندرة الأعمال الأدبية المكتوبة بهذه اللغة، ليطالب بأن يكتب الكاتب أو يترجم المترجم أعمالا تمسّ المجتمع الذي يعيش فيه؛ قال: "نحن الذين درسنا اللغة الأمازيغية، إن لم نترجم لأبناء جلدتنا، من يترجم لنا؟ وحتى إذا وجدنا مترجمين، فهل سيتحلون بالصدق في ترجماتهم؟". وبدورها، تحدثت الكاتبة والشاعرة نجوى عبيدات عن أعمالها، ورؤيتها للسرد والشعر، فقالت إن الشعر بالنسبة لها، انعكاس لحالة الشاعر الحقيقية، والتي يصورها في قصائد، مضيفة أنها بدأت الكتابة في سن صغيرة، خاصة أنها ترعرعت في وسط يعشق اللغة العربية، لكن أولى إصداراتها كانت القصة، فالرواية، ثم الشعر. كما أشارت إلى بداية نشرها أعمالها عام 2019، إلا أن مرورها بتجربة صعبة دفع بها إلى أن تتغذى على الفكر الصوفي، الذي أثر كثيرا على شعرها بالدرجة الأولى، ليصدر لها ديوان. وهي تكتب الآن في مواضيع أخرى؛ مثل السياسة، والوطن، والعاطفة. وترى نجوى أن دور الشاعر ليس في إيصال المعلومة، مؤكدة أن استغلال المعرفة في القصيدة وتكثيف الرمز، يضعف من النص الشعري، في حين أن الروائي يحتاج إلى الزخم المعرفي في كتاباته.