بقدر الخسائر الفادحة التي تكبدها في الأرواح والعتاد على يد المقاومة الفلسطينية، بقدر ما يزداد جنون الآلة الصهيونية الانتقامية المستمرة في ابادة الشعب الفلسطيني بقصفها الهمجي والشعوائي الذي لا يستثني منطقة ولا شبر من القطاع، من جباليا في شمال إلى خان يونس في الجنوب. خلال 24 ساعة الأخيرة، ارتكبت قوات الاحتلال 16 مجزرة بقصفها المتعمد للمنازل والمساكن ومراكز الايواء والمساجد وغيرها من المنشآت المدنية، مخلفة 196 شهيد و499 جريح تم نقلهم إلى المستشفيات، ولا تزال أعداد كبيرة من الضحايا تحت الانقاض وفي الطرقات يصعب الوصول إليها بسبب استمرار القصف المكثف الذي يستهدف كل شيء متحرك في قطاع غزة. وارتفعت حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني في يومه 68 إلى 18 ألف و608 شهيد و50 ألف و594 جريح من بينهم 89 صحافيا و300 إطار طبي استشهدوا، في حين يعتقل الاحتلال 38 إطارا صحيا على رأسهم مدير مشفى الشفاء، محمد أبو سلمية. ولا يزال الاحتلال الصهيوني يشن حربه على المستشفيات، حيث واصلت قواته أمس، احتجاز عدد من الاطارات الطبية على رأسهم مدير مستشفى كمال عدوان، احمد الكحلوت، للاستجواب تحت التعذيب. ولأن الأوضاع على جميع الأصعدة الصحية والبيئة وغيرها تزداد سوءا وقد تجاوزت مرحلة الانهيار، فقد حذرت وزارة الصحة في غزة، أمس، من نفاد تطعيمات الأطفال بالكامل، بما سيتسبب في انعكاسات صحية كارثية على صحة الاطفال وانتشار الأمراض، خاصة بين النازحين في مراكز الإيواء المكتظة. يأتي هذا التحذير، وقد رصدت الطواقم الصحية في غزة 327 ألف حالة إصابة بالأمراض المعدية، وصلت إلى مراكز الإيواء التي يهددها انتشار الأوبئة والامراض وسوء التغذية وقلة مياه الشرب والنظافة الشخصية. وفي الوقت الذي أكد فيه الهلال الاحمر الفلسطيني، عن خروج 22 مستشفى من أصل 35 عن الخدمة في غزة، لا يزال الاحتلال يشدّد قيوده ويتحكم في دخول المساعدات الطبية ويستخدمها كسلاح لقتل الجرحى والمرضى. أمام هذا الوضع الكارثي، طالبت وزارة الصحة في غزة مجددا بتوفير ممر إنساني آمن، يضمن تدفق الإمدادات الطبية والوقود ووصولها لكافة المستشفيات. كما دعت مختلف الدول والمؤسسات الدولية إلى إقامة مشافي ميدانية شمال غزة لإنقاذ الجرحى والمرضى. ومع ارتفاع أعداد النازحين في المناطق الغربية لمحافظتي خان يونس ورفح، دعا نفس المصدر شركاء العمل الصحي إلى اقامة نقاط طبية وعيادات متنقلة لتوفير الرعاية الصحية للنازحين وتوفير الاحتياجات الضرورية لمجمع الشفاء الطبي، الذي ، لا يزال رغم تدميره يشكل الملاذ الوحيد للجرحى والمرضى والنساء الحوامل والأطفال بعد خروج مستشفيات شمال غزة عن الخدمة. المفارقة أن الاحتلال الصهيوني الذي يواجه ضغوطا متزايدة، حتى من أقرب حلفائه لوقف عدوانه الجائر، يواصل تحديه للمجموعة الدولية، وهو الذي أعلن أمس، على لسان وزير خارجيته، إلي كوهين، مواصلة هذا العدوان سواء مع أو بدون الدعم الدولي الذي تدرك إسرائيل أنه بدأ يتلاشى شيئا فشيئا، في ظل مواصلة إهدارها للدم الفلسطيني الذي بلغ منسوبه مستويات غير مسبوقة. وتصر حكومة الاحتلال على مواصلة غيها وتحدي المجموعة الدولية ضمن مسعى لربح بعض الوقت من أجل ايجاد مخرج يحفظ ماء وجه الجيش الصهيوني، الذي لا يزال يتكبد خسائر فادحة في الارواح والعتاد على يد مقاومة أبانت عن استراتيجية وصمود لا نظير له. وأقر جيش الاحتلال أمس، بمقتل 115 من جنوده منذ اجتياحه البري لغزة أواخر اكتوبر الماضي، فيما تؤكد المقاومة أن العدد الحقيقي أكبر من ذلك بكثير، كما شككت وسائل الإعلام العبرية في هذا العدد، وتحدثت عن فجوة في الأرقام التي يعلنها الجيش الاسرائيلي بخصوص خسائره من القتلى والمصابين وتلك التي تسجلها مستشفيات الكيان.