شرعت وزارة التجارة قبل أيام من حلول شهر رمضان في اتخاذ تدابير استثنائية منها تكثيف عمليات المراقبة، وسحب السجل التجاري من المخالفين، وأحصت الوزارة مبلغ 29 مليار دينار قيمة معاملات تجارية دون فوترة، نجم عنه غلق قرابة 6 آلاف محل تجاري. وكشفت الوزارة أمس عن برنامج خاص بشهر رمضان يتركز أساسا على نتائج عمليات المراقبة ومكافحة الغش، حيث تعرف السوق الوطنية انتشار سلوك جديد سواء من طرف البائعين او المستهلك على حد سواء، ففي الوقت الذي يعتبر فيه الكثير من التجار شهر الصيام فرصة سانحة "للثراء"، فإن جشع المستهلكين ليس له حدود كذلك. وكشف مدير مصلحة الجودة وقمع الغش بوزارة التجارة السيد محمد بوكحنون، امس، في حديث للإذاعة الوطنية (القناة الأولى) أن مصالح الرقابة سجلت 370 ألف تدخل منذ بداية العام تم على إثرها ضبط 95 ألف مخالفة، وتمت متابعة 86 تاجرا قضائيا. وذكر المسؤول أن مصالح المراقبة أحصت ما قيمته 29 مليار دينار من السلع تتداول بطريقة غير شرعية أي دون أن يقوم أصحابها بفوترتها، وقامت على اثر ذلك بغلق 5577 محلا تجاريا. ولم يقتصر عمل المراقبة على مستوى محلات البيع، بل شمل أيضا المناطق الحدودية البرية والبحرية والجوية، حيث تمكنت فرق المراقبة من حجز 86 ألف طن من السلع وسحب 900 سجل تجاري. وعلى ضوء هذه النتائج التي سجلتها مصالح المراقبة منذ بداية السنة، أوضح السيد بوكحنون أن وزارة التجارة سطرت برنامجا خاصا بشهر رمضان يتضمن سلسلة من الإجراءات ذات الطابع الاستثنائي تهدف بالأساس الى مراقبة نوعية السلع ومدى مطابقة طريقة عرضها للمعايير المعمول بها، وكذا مدى احترام الأسعار المطبقة خاصة بالنسبة للمواد الواسعة الاستهلاك والتي تم تسقيفها من طرف الدولة باعتبارها مدعمة. وأشار المسؤول الى أن عمليات المراقبة سيتم مضاعفتها على مستوى الأسواق والمحلات التجارية، إضافة إلى إجراءات ردعية ضد التجار المخالفين تصل إلى حد الشطب من السجل التجاري نهائيا. وتحدث عن خصوصية العملية بالنسبة لشهر رمضان القادم كونه يتزامن مع موسم الحر، حيث يبدأ شهر الصيام في هذا العام في بداية العشر الأواخر من شهر أوت الجاري، وتعرف هذه الفترة -حسبه- تعرض المواد وبسرعة الى التلف مما يستوجب على التجار اعتماد شروط خاصة بحفظها. وفي هذا السياق؛ أوضح السيد بوكحنون أن فرق المراقبة ستركز على غرف التبريد والمستودعات العادية ومحاربة الممارسات التجارية غير الشرعية. وكشف مدير مصلحة الجودة وقمع الغش عن تعليمة جديدة أصدرتها الوزارة تخص منع تحويل المحلات التجارية إلى محلات لبيع الحلويات التقليدية، بعد أن أصبحت هذه الحرفة شائعة لدى العديد من التجار الذين يستغلون شهر رمضان لتوقيف نشاطهم التجاري وتحويل محلاتهم لصناعة وبيع الحلويات التقليدية على غرار "الزلابية " والحلويات التي تشهد رواجا كبيرا في المجتمع الجزائري في شهر رمضان. وفي هذا السياق، اكد السيد بوكحنون أن الوزارة ستلزم التجار باحترام أسعار المواد الغذائية المقننة خاصة الحليب المبستر بنوعيه، والسميد والفرينة، واحترام عرض المنتوجات وإشهار الأسعار، مضيفا أن تدخلات مصالح الرقابة ستشمل وحدات إنتاج المواد سريعة التلف. وبخصوص الإجراءات العقابية التي ستتخذها مصالح الرقابة وقمح الغش ضد التجار المخالفين لهذه التعليمات، أكد المسؤول أنها ستمتد إلى غلق المحل التجاري وحجز السلع والمتابعة القضائية التي قد تؤدي إلى الشطب من السجل التجاري بصفة نهائية. وينص قانون حماية المستهلك الذي تم اعتماده قبل سنة على عقوبات ردعية تتمثل في فرض غرامة تصل الى 50 مليون سنتيم في حال اكتشاف تجاوزات في عرض السلع الموجهة للاستهلاك أو تضخيم أسعارها، وتصل الى حد إيداع المخالف السجن. وعمد المشرع الجزائري الى سن مثل هذه العقوبات بالنظر الى كثرة التجاوزات واهتمام العديد من التجار بالربح المادي على حساب شروط النظافة خاصة مع الاعتقاد السائد لديهم بأن شهر رمضان يمثل أفضل فرصة لتحقيق الربح المادي الذي لا يتم تحقيقه في أشهر السنة الأخرى. وتأتي خطوة وزارة التجارة في وقت تعرف فيه أسعار بعض المواد الاستهلاكية ارتفاعا مذهلا، مما أثار حفيظة المواطنين الذين يطالبون دوما مصالح المراقبة بالتدخل وردع المخالفين. ويضاف مخطط وزارة التجارة الى محاولات أخرى من جهات معنية بنشاط التجار شرعت منذ مدة في عمليات تحسيس واسعة لدى هذه الفئة قصد حملها على احترام حرمة هذا الشهر، واعتماد هوامش ربح معقولة.