لم يكتب لاتحاد المغرب العربي أن يرى النور بعد مرور عقود من إنشائه، بل أنه ولد ميتا لاعتبارات سياسية رهنت آمال الشعوب المغاربية التي تعاقب عليها أجيال دون أن يعايشوا هذا التكتل الذي كان سيكون له وزن كبير أمام التكتلات الإقليمية الأخرى، لو جرت الأمور مثلما تطلع إليه الزعماء المؤسسون، لكن يبدو أن المصالح الضيقة طغت على مجريات الأمور، مما حال دون تحقيق الأهداف المرجوة. ظهرت فكرة اتحاد المغرب العربي قبل الاستقلال وتبلورت في أول مؤتمر لأحزاب المغرب العربي الذي عقد في مدينة طنجة في المغرب بتاريخ 30 أفريل 1958، وضم ممثلين عن جبهة التحرير الوطني "الافلان"، حزب الاستقلال المغربي، الحزب الدستوري التونسي. وبعد الاستقلال، كانت هناك محاولات نحو فكرة تعاون وتكامل دول المغرب العربي خصوصا الجزائر، المغرب وتونس، مثل إنشاء اللجنة الاستشارية للمغرب العربي عام 1964 لتنشيط الروابط الاقتصادية بين دول المغرب العربي، وبيان جربة الوحدوي بين ليبيا وتونس عام 1974 ومعاهدة مستغانم بين ليبيا والجزائر، ومعاهدة الإخاء والوفاق بين الجزائروتونس وموريتانيا عام 1983. وبدأت الفكرة العملية لإنشاء اتحاد المغرب العربي خلال اجتماع القادة بمدينة زرالدة يوم 10 جوان 1988 وإصدار بيان زرالدة، الذي أوضح رغبة القادة في إقامة الاتحاد المغاربي وتكوين لجنة تضبط وسائل تحقيق وحدة المغرب العربي، ليتم إعلان قيام الاتحاد في 17 فيفري 1989 بمدينة مراكش من قبل خمس دول هي الجزائر، المغرب، تونس، ليبيا وموريتانيا. ومر اتحاد المغرب العربي بالعديد من العثرات، حيث ظلت النتائج والتوصيات التي تسفر عنها لقاءات القادة واجتماعات وزراء الخارجية مجرد حبر على ورق، في الوقت الذي سعت فيه الجزائر من جانبها لإضفاء الطابع الاقتصادي على العمل المغاربي، في حين حاولت الجارة الغربية استغلال قضية الصحراء الغربية من أجل المساومة بها في العمل المغاربي. وتعكس مصادقة الجزائر على كافة الاتفاقيات الاقتصادية والقطاعية إرادتها الكبيرة من أجل المضي قدما بالعمل المغاربي، بل أنها كثيرا ما بادرت بتقديم طلبات لتنظيم اجتماعات الاتحاد منذ عقد آخر قمة سنة 1994، دون أن تلقى آذانا صاغية بسبب التعنت المغربي. وأمام هذا الواقع المسدود، قدمت الجزائر بقيادة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون مبادرة لعقد لقاءات مغاربية، في ظل تعطل هياكل الاتحاد وبروز تحديات خطيرة على المنطقة بسبب تعدد الاجندات الاجنبية، فضلا عن تعزيز التكامل الاقتصادي، حيث أوفد بهذا الخصوص وزير الخارجية والجالية الوطنية أحمد عطاف إلى العواصم المغاربية من أجل شرح الفكرة والتي حظيت بترحيب كبير. وكان رئيس الجمهورية قد أكد في آخر لقاء إعلامي مع الصحافة الوطنية، أن مشروع التكتل المغاربي الذي تنوي دول المنطقة تأسيسه سيشكل كتلة لإحياء العمل المغاربي المشترك وتنسيق العمل من أجل توحيد كلمة هذه الدول حول العديد من القضايا الدولية، دون اقصاء اي طرف مؤكدا أن الباب مفتوح للجميع وأن "التكتل غير موجه ضد أي دولة أخرى ،لأنه من غير المقبول عزل أي طرف".