تمر 200 يوم بالدقائق والساعات والأيام والأسابيع والأشهر، والمحرقة الصهيونية لا تزال مستمرة في أبشع مشاهدها وصورها في قطاع غزة من مجازر ومذابح فظيعة تكلف يوميا حياة العشرات من الأبرياء معظمهم من النساء والأطفال وتدمير هائل للمباني والبنى التحتية جعلت القطاع منطقة غير صالحة للعيش. تمر 200 يوم وكأنها سنوات وسنوات لم يتوقف خلالها القصف الإسرائيلي ولو ليوم واحد ولا يزال سكان غزة يئنون تحت وطأة صواريخ الطيران الحربي الصهيوني وقذائف مدفعياته ودباباته وبوارجه البحرية التي تستهدف كل شيء متحرك وحتى وهو جامد في القطاع المنكوب. وعلاوة على مشاهد القتل والابادة الجماعية والتدمير والخراب وما يقابلها من صمود وثبات لدى شعب فلسطيني صابر ومرابط في غزة، تتفاقم الأوضاع الإنسانية والصحية والبيئة في ظل إصرار الكيان الصهيوني على مواصلة حصاره الفتاك لأهل القطاع وحرمانهم من أدنى متطلبات الحياة مانعا عنهم على مدار نصف عام كامل الماء والغذاء والدواء والوقود وكل ما هو حيوي وضروري للعيش. يحدث كل ذلك أمام مجموعة دولية لا تزال هي الأخرى عاجزة عن إدخال شربة ماء ورغيف خبز أو حبة دواء لمستحقيها في القطاع الذين أهلكهم الجوع والعطش والمرض، إضافة إلى القتل بالصواريخ الفتاكة والقنابل المحظورة دوليا. وبلغة الأرقام، فقد ارتكب الاحتلال على مدار 200 يوم من حربه القذرة على غزة 3025 مجزرة خلفت إلى غاية الآن حوالي 34 الف و200 شهيد منهم 14 ألفا و778 طفل و9752 امرأه و485 شهيدا من الطواقم الطبية و67 من عناصر الدفاع المدني و140 صحفيا، إضافة إلى 7 الاف مفقود و77 الف و143 جريحا. وألقى جيش الاحتلال خلال هذه الفترة ما لا يقل عن 75 ألف طن من المتفجرات على قطاع غزة بحجم خسائر مباشرة لهذه الحرب القذرة بلغت 30ملياردولار. ومن مخلفات 200 يوم من العدوان، 17 ألف طفل يعيشون بدون والديهم أو بدون أحدهما و11 ألف جريح بحاجة للسفر للعلاج لإجراء عمليات و10 آلاف مريض سرطان يواجهون الموت وبحاجة إلى علاج. ومن بين مخلفاته المروعة لهذا العدوان، أكثر من مليون مصاب بأمراض معدية نتيجة النزوح و8 آلاف حالة عدوى التهابات الكبد الوبائي الفيروسي، إضافة إلى 60 ألف سيدة حامل مُعرَّضة للخطر لعدم توفر الرعاية الصحية و350 الف مريض مزمن معرضون للخطر بسبب عدم إدخال الأدوية. ولا تتوقف الأرقام الصادمة عند هذا الحد، بل سجلت السلطات الفلسطينية في غزة 5 آلاف حالة اعتقال خلال حرب الإبادة الجماعية منها 310 من الطواقم الطبية و20 صحفي ممن عرفت أسماؤهم ومليوني نازح. وعلى صعيد الدمار الذي لحق بالمباني والبنى التحية، دمر الاحتلال 181مقراً حكومياً دمرها الاحتلال و103 مدارس وجامعات دمرها بشكل كلي و309 منها بشكل جزئي، علاوة على تدميره ل309 مسجدا كليا و317 جزئيا وثلاث كنائس و86 الف وحدة سكنية مدمرة كليا و294جزئيا. كما أخرج الاحتلال الذي يشن حربا بلا هوادة على القطاع الصحي 32 مستشفى عن الخدمة و53 مركزيا صحيا واستهدف 160 مؤسسة صحية و126 سيارة اسعاف ودمر206 مواقع اثرية وتراثية. وبعد 200يوم من هذا العدوان الغاشم يتأكد مجددا أن جيش الاحتلال قد غرق فعلا في مستنقع غزة ولا يوجد أمام حكومته بقيادة اليمني والمتطرف، بنيامين نتانياهو، خيارات لانتشال نفسها من عنق الزجاجة العالقة فيه باستثناء التمسك بالخيارالعسكري على أمل ايجاد صورة نصر تاهت بين انفاق المقاومة وبسالتها وصمود أبناء الشعب الفلسطيني. أبو عبيدة: بعد 200 يوم لا يزال العدو المجرم يحاول لملمة صورته في كلمة مصورة دامت 19 دقيقة، أطل المتحدث باسم كتائب القسام الجناح المسلح لحركة المقاومة الاسلامية "حماس"، أبو عبيدة، على شاشة التلفزيون ليؤكد بأن "العدو الذي سحقنا كبريائه خلال 60 دقيقة في 7 أُكتوبر، لم يستطع تحقيق أي شيء خلال 200 يوم" بقيت خلال المقاومة في غزة كما قال "راسخة رسوخ جبال فلسطين". وأكد المتحدث باسم القسام عدم التنازل عن الحقوق الأساسية لشعب فلسطين وعلى رأسها الانسحاب ورفع الحصار وعودة النازحين إلى ديارهم، مشيرا الى محاولات حكومة الاحتلال التنصل من كل وعوده في المفاوضات ويريد كسب المزيد من الوقت. وهو ما جعله يؤكد بأن "الكرة في ملعب من يعنيه الأمر من جمهور العدو لكن الوقت ضيق والفرص قليلة" ومشدا على أن "ما يسمى بالضغط العسكري علينا لن يدفعنا إلا للثبات على مواقفنا والحفاظ على حقوق شعبنا وعدم التفريط فيها". وتوعد أبو عبيدة بمواصلة المقاومة لضرباتها التي قال انها ستتخذ أشكالا جديدة ومتنوعة، وهي مستمرة ما دام عدوان الاحتلال أو وجوده مستمرا على أي شبر من الارض المحتلة، في نفس الوقت الذي اشار فيه الى ان الاحتلال، الذي يركز على قتل الاطفال واستهداف المدنيين ونبش المقابر وجيشه يشعر بدونية وهزيمة، "يحاول إيهام العالم بأنها قضت على كل فصائل المقاومة وهذه أكذوبة كبيرة". بسبب المقابر الجماعية التي خلفها الاحتلال في مستشفيات غزة.. الأممالمتحدة تطالب بتحقيق دولي مستقل طالبت الأممالمتحدة، أمس، بفتح تحقيق دولي في المقابر الجماعية التي تم اكتشافها في ساحات مستشفيات قطاع غزة بعد انسحاب قوات الاحتلال منها والتي كان آخرها تلك التي تم العثور عليها في مجمع "ناصر" الطبي بخان يونس جنوب القطاع، حيث تم انتشال ما لا يقل عن 283 جثمان لشهداء من مرضى وأطباء وحتى أطفال ونساء أعدمهم الاحتلال بكل برودة دم. عبرت المفوضية العليا الأممية لحقوق الإنسان عن صدمتها للدمار الهائل الذي ألحقته قوات الاحتلال بمجمع "الشفاء" الطبي أكبر قطاع غزة ومجمع "ناصر" الطبي بخان يونس. وطالب المفوض السامي لحقوق الانسان، فولكر تورك، بضرورة فتح تحقيق مستقل نزيه وشفاف، حيث قال إنه "نظرا لمناخ الإفلات من العقاب السائد، فلابد من إشراك محققين دوليين في هذه العملية". وأضاف، في كلمة أمام الأممالمتحدة ألقاها متحدث بالنيابة عنه، "قتل المدنيين والمحتجزين وغيرهم من الأشخاص الذين يعتبرون عاجزين عن القتال عمدا يعد جريمة حرب". وقال فولكر تورك أيضا إنه يشعر بالذعر من تدمير مستشفيي "ناصر" و"الشفاء" في قطاع غزة وكذلك التقارير التي تتحدث عن وجود مقابر جماعية هناك، حيث ندد بالضربات الصهيونية المستمرة على غزة. وبينما لفت المسؤول الأممي إلى أن معظم ضحاياها من النساء والأطفال، جدد تحذيره من التوغل الصهيوني في مدينة رفح والذي "قد يؤدي إلى المزيد من الجرائم البشعة". وانتشلت طواقم الدفاع والإسعاف الفلسطينية في الأيام الأخيرة ما لا يقل عن 283 جثمانا لمواطنين فلسطينيين أعدمهم الاحتلال خلال اقتحامه مجمع "ناصر" الطبي بخان يونس ودفنهم في مقابر جماعية في ساحة المشفى في جريمة بشعة كان قد اقترفها ايضا في مجمع "الشفاء" بمدينة غزة الواقعة إلى شمال القطاع. وعلى إثر ذلك أكدت الأممالمتحدة، مساء أول أمس، أن التقارير حول اكتشاف مقابر جماعية في قطاع غزة بعد انسحاب جيش الاحتلال الصهيوني من خان يونس "مثيرة للقلق للغاية"، داعية إلى إجراء تحقيق "موثوق" في هذا الشأن. ودعا المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، في مؤتمر صحفي إلى "إجراء تحقيق كامل في جميع مواقع المقبرة بطريقة موثوقة ومستقلة". وشدد دوجاريك على الحاجة إلى وقف إطلاق النار "لرؤية نهاية لهذا الصراع" في قطاع غزة، مجددا التأكيد على ضرورة تمكين العاملين في المجال الإنساني من الوصول إلى غزة بشكل أكبر وحماية المستشفيات وإطلاق سراح الرهائن.