❊ تعليمات الرئيس تعكس الأهمية الاستراتيجية لأحد أهم المناجم في العالم ❊ احتياطي ب3,5 ملايير طن منها 1,7 مليار طن قابلة للاستغلال ❊ استخراج ما بين 40 إلى 50 مليون طن سنويا ابتداء من 2026 يرى الخبير الاقتصادي، عبد الرحمان مبتول، أن الاهتمام الكبير الذي يوليه رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، لاستغلال منجم غارا جبيلات، ناجم عن الأهمية الاستراتيجية لهذا المشروع الذي ينتظر أن يعطي إنجازه دفعا قويا لقطاع المناجم وللتنمية الاقتصادية لمنطقة الجنوب الغربي وللبلاد عموما. اعتبر الخبير مبتول في قراءة تحليلية لمشروع غارا جبيلات خص بها "المساء" أن هناك تطورات غير مسبوقة تمت خلال السنتين الماضيتين في اتجاه البدء في استغلاله الحقيقي، مشيرا إلى أن التعليمات المتكررة لرئيس الجمهورية بخصوص ضرورة تسريع وتيرة إنجاز كل العمليات الرامية إلى استغلال هذا المنجم الذي يعد من أكبر مناجم الحديد في العالم باحتياطات تقدر ب3,5 ملايير طن منها 1,7 مليار طن قابلة للاستغلال، تعكس رغبة الجزائر في توفير المادة الأولية للحديد، من أجل تثمينها وتحويلها إلى منتجات مصنعة وعدم الاكتفاء بتصدير الحديد في حالته الخام، بما يعزز التنمية الاقتصادية ويرفع عائدات العملة الأجنبية. وحسب الخبير، فإن هذا المشروع يهدف إلى الحصول على قيمة مضافة وهو ما جعل من اللجوء إلى شراكات مع الأجانب أمرا ضروريا، "ليس فقط لأن الاستثمارات المخصصة لهذا المشروع ضخمة تقدر بملايير الدولارات ولكن أيضا للاستفادة من خبرات وتكنولوجيات الشركات التي تملك باعا في هذا المجال، والتي يمكنها في المستقبل ضمان تصدير المنتجات عبر شبكاتها المتخصصة في السوق العالمية". وذكر مبتول أن منجم غارا جبيلات يتكون من ثلاث مناطق استغلال غربية ووسطى وشرقية، وتم التخطيط لاستغلاله منذ عقود عديدة، حيث يعد أحد أهم المشاريع الهيكلية التي تعول عليها الجزائر لإعطاء ديناميكية جديدة لاقتصادها، لاسيما بخلق 15 ألف منصب عمل وتوفير ملياري دولار، مشيرا إلى أن عمله في ثمانينيات القرن الماضي بوزارة الطاقة، سمح له بالمشاركة في القيام بدراسة جدوى لمشروع غارا جبيلات، الذي بقي منذ ذلك الوقت حبيس الإدراج. وتأتي إعادة طرح المشروع الضخم اليوم، وفقا لمبتول، في سياق عالمي مختلف تماما، يتميز بالثورة الصناعية الرابعة المعتمدة على اقتصاد المعرفة والرقمنة والتكنولوجيات الحديثة، حيث ينافس الحديد المواد الخام الأخرى بما فيها المحروقات، لاسيما مع بروز تقنيات جديدة خاصة في قطاع البناء، وهو ما جعل الخبير يرحب بإعادة إحياء هذا المشروع. وفي قراءته للتطور الذي بلغه المشروع، أبرز الخبير أهمية المشاريع المرافقة للمرحلة الأولى من استغلال المنجم، ولاسيما توفير المياه والطاقة وإنجاز البنى التحتية، والتي تجلت خصوصا في مشروع الربط بالسكة الحديدية بين تندوف وبشار، حيث سيتم إنجاز وحدة لمعالجة الخام المستخرج من غارا جبيلات، على مسافة 950 كلم، والذي يرتقب استلامه في نهاية 2026. ويعكس تنقل رئيس الجمهورية شخصيا الى ولاية تندوف في نهاية نوفمبر 2023، حيث أشرف على وضع حجر الأساس لمشروع إنجاز مصنع المعالجة الأولية لخام حديده، الأهمية التي يوليها لإتمام وتسريع وتيرة انجازه، ليكون نموذجا للمشاريع التنموية المندمجة. وشدد رئيس الجمهورية في عديد المناسبات على أهمية العمل وفق أجندة زمنية محددة مع الإسراع في تجسيد هذا المشروع الحيوي ورفع مستويات الإنتاج في أقرب الآجال وتسريع إنجاز خط السكك الحديدية المرافق الرابط بين تندوف وبشار. وسيمر هذا المشروع الهيكلي بعدة مراحل ممتدة من 2022 إلى 2040، حيث سيتم خلال المرحلة الأولى الممتدة من 2022 إلى 2025 استخراج من 2 إلى 3 ملايين طن من خام الحديد ونقله برا (في انتظار إنجاز خط السكة الحديدية الرابط بين بشار وغارا جبيلات) إلى بشار وشمالها من أجل تحويله وتثمينه. أما المرحلة الموالية، ابتداء من 2026، فستنطلق مباشرة بعد إنجاز خط السكة الحديدية، حيث سيتم استغلال المنجم بطاقة كبرى تسمح باستخراج 40 إلى 50 مليون طن سنويا. وضمن المقاربة المندمجة لتثمين الثروة المنجمية لغارا جبيلات سيتعزز هذا الأخير بمركب للحديد والصلب بولاية بشار والمقرر استلامه سنة 2026 باستثمار قوامه مليار دولار. وستسمح هذه الوحدة الصناعية التي أسند إنجازها إلى المجمع الصيني (سي أم أش) الذي يضم ثلاث شركات صينية عملاقة بالشراكة مع الشركة الوطنية للحديد والصلب (فيرال)، بإنتاج البلاطات وقضبان السكك الحديدية والهياكل المعدنية. وسيضم المركب أيضا العديد من وحدات معالجة وتحويل الحديد وكذا وحدة لإنتاج العربات لنقل موارد الحديد من غارا جبيلات نحو بشار ومنها إلى مركب الحديد والصلب ببطيوة في وهران. كما وقع مجمع مناجم الجزائر "منال" بروتوكول اتفاق وشراكة مع المجمع التركي للحديد "توسيالي" لتثمين واستغلال خام الحديد لمنجم غار جبيلات، والهادف لإنشاء مصنع في ولاية بشار في إطار الشراكة ضمن الخطط الرامية لاستغلال الحديد من المنجم. وفضلا عن أهميته للاقتصاد الوطني عموما، فإن منافعه ليست قليلة على المستوى المحلي، إذ يرتقب أن يكون دافعا للتنمية بالمنطقة الجنوبية الغربية ومساهما في ازدهار ساكنتها، حيث سيسمح خط السكة الحديدية بنقل البضائع بأقل التكاليف وتشجيع المتعاملين الاقتصاديين على الاستثمار في هذه المنطقة الحدودية، إضافة الى رفع التحصيل الضريبي لفائدة الجماعات المحلية والذي ستوجه مداخيله لإقامة مشاريع تنموية في الولاية. كما يرتقب أن يدعم المشروع التكوين في اختصاصات جديدة لتأهيل اليد العاملة المتخصصة، حيث تتكفل شركة سوناريم عبر فرع التكوين التابع لها بإعداد برنامج تكويني وتأهيلي خاص موجه إلى تحضير الكفاءات للمشاريع المنجمية المهيكلة، من خلال تأهيل إطارات من شباب الولاية ببرنامج تكويني نظري على مستوى المعهد المتخصص للتكوين المهني قبل الاستفادة من برنامج تطبيقي على مستوى المناجم التابعة لشركة سوناريم عبر مختلف مناطق الوطن.