تواصل سلطات وسكان قطاع غزّة خاصة المتواجدين في الشمال إطلاق مزيدا من نداءات الاستغاثة علّها تجد آذانا صاغية لدى عالم، يبدو أنه لم يعد يبصر ولا يسمع أنين وأهات النازحين والمحرومين من أدنى متطلبات الحياة. في شهادة مروّعة للصحفي الفلسطيني، عماد زقوت، الذي لا يزال الحظ يسعفه في البقاء حيا تحت تهديدات نيران آلة الدمار الصهيونية، يتحدث هذا الأخير عن إبادة جماعية يتفنن المحتل الصهيوني في ارتكابها يوميا في شمال قطاع غزّة المنكوب الذي يواصل حصاره ومنع عنه كل شيء. ويؤكد الصحفي الفلسطيني، أن ما يحدث في شمال قطاع غزّة ليس له مثيل، وحتى أنه لا يعتقد أنه حدث في التاريخ من جريمة مركبة وأم الجرائم تمارس فصولها قوات الاحتلال بلا هوادة وبكل برودة دم في هذه المنطقة من قتل وتدمير ونسف للبيوت.. إلخ. ويقول زقوت، إن الناس الذين نزحوا إلى مدينة غزّة يتحدثون عن أهوال رأوها في الطريق من منازل ومربعات سكنية كاملة قد نسفت ودمرت عن بكرة أبيها وجثث شهداء ملقاة في الشوارع وفي الساحات العامة تنهش الكلاب الضالة والقطط أشلاءها، وخروج المستشفيات عن الخدمة وانهيار المنظومة الصحية وقد قضى الاحتلال على كل مقوماتها فلا سيارة إسعاف متوفرة لنقل الجرحى الذين ينزفون حتى الموت، ولا طواقم جهاز مدني قادرة على رفع الركام وانتشال الجرحى والجثث من تحت الأنقاض. وتتعمق الجريمة الصهيونية في شمال قطاع غزّة المحاصر منذ حوالي شهر، وقد منعت عنه قوات الاحتلال أدنى مقومات البقاء على قيد الحياة.. فلا مياه صالحة للشرب متوفرة ولا وقود ولا مساعدات تصل إلى مئات آلاف من النازحين الذين ضاقت بهم كل سبل الحياة وينتظرون فقط مصيرهم المجهول، والذي سيكون الموت المحتوم إذا لم يكن هناك تدخل عاجل لإنقاذ آخر ما يمكن إنقاذه. وواصل جيش الاحتلال الصهيوني لليوم ال23 على التوالي عملية التطهير العرقي والإبادة الجماعية في شمال قطاع غزّة، ومنع الماء والطعام والدواء عنهم. وقام باحتجاز عشرات الفلسطينيين من بينهم كبار سن وأطفال قسرا بأحد شوارع مخيم جباليا. ويواصل الاحتلال الصهيوني عمليات الإخلاء القسري للمواطنين من منطقة شمال قطاع غزّة تحت وطأة التطهير العرقي، حيث استشهد مئات المواطنين وعشرات المفقودين تحت الأنقاض لا يستطيع أحد الوصول إليهم، ويتعرض أكثر من 100 ألف مواطن في مناطق جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا لحصار وقصف متواصل من الاحتلال وقتل كل من يحاول تقديم الخدمة أو الوصول للمحتاجين. ومن غزّة إلى الضفّة الغربية المحتلّة تتفاقم معاناة الفلسطينيين في ظل لجوء قوات الاحتلال الصهيوني في الآونة الأخيرة، إلى أسلوب "التحقيق الميداني" كطريقة جديدة تسبق اعتقال المواطنين الفلسطينيين خاصة في مدن وقرى الضفّة الغربية، تهدف من خلالها إلى انتهاك خصوصياتهم وترهيبهم نفسيا أمام أهاليهم وذويهم، قبل أن يتم اقتيادهم إلى مراكز الاعتقال. وعمد جيش الاحتلال الصهيوني إلى تكثيف هذه الطريقة منذ الأسابيع القليلة الماضية، لزيادة الضغط على الفلسطينيين في الضفّة الغربية بالموازاة مع حرب الإبادة الجماعية التي يشنها في قطاع غزّة، كما يحاول من خلالها ترهيب الشعب الفلسطيني بعدما فشلت كل الطرق لطمس عدالة القضية الفلسطينية. وفي تصريح ل(وأج) قال المتحدث، باسم نادي الأسير الفلسطيني، أمجد النجار، إن "التحقيق الميداني يتم بشكل شبه يومي وعموما يكون في ساعات الفجر الأولى تقريبا الساعة الرابعة، حيث تقوم قوات الاحتلال الصهيوني باقتحام عشرات البيوت واعتقال العشرات من المواطنين للتحقيق معهم". وأضاف أن قوات الاحتلال تستخدم خلال هذه العملية "بيوت المواطنين بمثابة ثكنات عسكرية يتخذ على إثرها ضباط المخابرات البيت كله كمركز تحقيق بشكل مباشر مع المعتقلين، ترافقهم كاميرا للتوثيق وجندي يدوّن كل ما يدلي به المواطنون، وبعد الانتهاء من التحقيق مع كل الموقوفين يعتقلون البعض ويخلون سبيل البعض الآخر وفي أحيان أخرى يعتقلونهم كلهم". وأكد الناطق باسم هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين، ثائر شريتح، أن "التحقيق الميداني يتم استخدامه بشكل واسع وكبير من قبل جيش الاحتلال الصهيوني، حيث يتم اقتحام القرى والمدن والمخيمات الفلسطينية وتكثيف الاعتقالات العشوائية لعدد كبير من المواطنين وتجميعهم في مكان معين ويبدأ ضباط المخابرات بالتحقيق معهم سواء في منزل يتم احتلاله أو في ساحة معينة"، مشيرا إلى أن "الاستجوابات تكون عبارة عن جلسة أولى من جلسات التحقيق في معظم الأحيان يتم الإفراج عن جزء من هؤلاء المعتقلين وتحويل جزء آخر للاعتقال الدائم أو نقل المعتقلين إلى مراكز الجيش أو مراكز التوقيف للاحتلال الصهيوني".