شهد "فضاء إفريقيا"، أوّل أمس الخميس، إقامة ندوتين، في سياق الدورة ال27 من الصالون الدولي للكتاب بالجزائر، الأولى عنوانها "الأدب الإفريقي، الحضور والوعي الجديد"، وتناولت التحوّلات الأخيرة في الأدب الإفريقي وتطرّقت إلى الوعي المتجدّد لدى الكتاب المعاصرين، والثانية حول "إشعاع الثورة الجزائرية في إفريقيا، قيم ثورة نوفمبر المجيدة في إفريقيا"، التي أبرزت مكانة الجزائر كرمز للحرية والنضال من أجل العدالة. في ندوة "الأدب الإفريقي: الحضور والوعي الجديد"، التي أثّثها مجموعة من الناشطين الأفارقة، تم التركيز على التحولات التي طرأت على الأدب الإفريقي نتيجة للمتغيرات الاجتماعية والسياسية في القارة. الأدب الإفريقي.. وعي جديد وتوجهات معاصرة بدأ ألام كاوني من الطوغو، وهو أستاذ في الأدب المقارن والمسرح، حديثه بتسليط الضوء على الأسئلة المحورية حول تطور الأدب الإفريقي، مشيرًا إلى أن الكُتاب الجدد لا يتقاسمون دائمًا نفس اهتمامات الكتاب القدامى. وأضاف ألام أن الأدب اليوم يعكس قضايا الجيل الحالي من الشباب الإفريقي، مثل الهوية الوطنية والثقافية، مشيرًا إلى الانفتاح الواسع على القضايا العالمية مثل الحرب في أوكرانيا، التي تُطرح في سياق القضايا المحلية في بعض الدول الإفريقية. أما محمد لمين كمارا، الناشر من غينيا، فقد ناقش دور النشر في تعزيز هذا الوعي الجديد، مؤكّدًا أنّ الأدب يُعدّ قناة لتوزيع الأفكار ومناقشة قضايا المجتمع بطرق مبتكرة. وأشار إلى التحولات التي شهدها الأدب بعد الاستقلال، حيث كانت الاهتمامات منصبة على الهوية والتقاليد، بينما اليوم، ومع تحديات العصر الجديد، تتغيّر الأولويات لتشمل القضايا الاجتماعية والاقتصادية المعاصرة. من جانبه، أكّد البروفيسو الإيفواري سيميون كونان، أنّ الأدب يتفاعل مع الواقع الاجتماعي، وأن هناك تحولًا في كيفية تناول الكتاب للقضايا المحلية والعالمية. وأضاف أنّ الوعي الجديد في الأدب الإفريقي يعكس انفتاحًا على العالم الخارجي وأهمية الانتماء إلى قارة واحدة. الثورة الجزائرية وقيمها في إفريقيا في ندوة أخرى عنوانها "إشعاع الثورة الجزائرية في إفريقيا، قيم ثورة نوفمبر المجيدة"، تم التأكيد على الدور الريادي الذي لعبته الجزائر في دعم حركات التحرّر الإفريقية منذ استقلالها. فقد شارك في الندوة سياسيون وأكاديميون أفارقة مثل سيميون كونان، الذي أشار إلى أنّ الجزائر كانت وما زالت في طليعة القوى المدافعة عن حركات التحرّر في القارة. وأضاف أن حلم الوحدة الإفريقية يجب أن يتحقّق، وأن هذا يتطلب سيادة حقيقية وازدهارًا مشتركًا. من جهة أخرى، سلّط عالم الاجتماع سعيد بوعمامة الضوء على تأثير الثورة الجزائرية على المثقفين والنشطاء الأفارقة، مشيرًا إلى أنّ الجزائر كانت بمثابة "منارة" للنضال من أجل الحرية والعدالة. واعتبر أنّ التحدي الكبير الذي يواجه إفريقيا اليوم هو ربط ماضيها النضالي بحاضرها لتجاوز قضايا التفرقة والتبعية. كما تطرّق بن عودة لبداعي، المتخصص في الأدب الاستعماري، إلى مقارنة بين تجارب الاستعمار في الجزائروجنوب إفريقيا، موضحًّا أوجه التشابه بين نضال الشعبين ضدّ الاستعمار، مع التركيز على الرموز النسائية المقاومة مثل جميلة بوحيرد وويني مانديلا. وأشار إلى الفروق بين الاستعمار البريطاني في جنوب إفريقيا والفرنسي في الجزائر، مؤكّدًا أنّ الصراع ضدّ الاستعمار كان متجذرًا في قيم الحرية والعدالة. في ختام الندوة، أشار المؤرخ حسن رمعون إلى الدعم المادي واللوجستي الذي قدّمته الجزائر لحركات التحرّر في إفريقيا، مؤكّدًا أنّ الجزائر لم تقتصر على النضال من أجل استقلالها، بل ساهمت بشكل فعّال في توسيع آفاق التحرّر في القارة، ما جعلها واحدة من القوى المحورية في بناء إفريقيا ما بعد الاستعمار.