طرحت، أول أمس، في لقاء فضاء إفريقيا بصالون الجزائر الدولي للكتاب، إشكالية هل تشكّل في إفريقيا وعي جديد لدى الكتاب الجدد؟ أو هل هناك وعي جديد في الأدب الإفريقي؟ وهذا في ندوة "الأدب الإفريقي: الحضور والوعي الجديد" التي نشطها كل من الناشر محمد لمين كامارا من السنغال، والكاتب والأستاذ في الأدب المقارن بجامعة لومي بالتوغو كوني ألام، والكاتب والسياسي سيميون كونان من كوت ديفوار، حيث أجمع المتدخلون على أن تغيّر الظروف والمعطيات المحلية والدولية أدّت إلى تشكل وعي جديد أفرزته عوامل داخلية وخارجية، منها الاهتمامات المتغيّرة والمختلفة داخل المجتمعات الإفريقية، والتي تختلف عما سبق، سواء أثناء فترات الاستعمار أو في بدايات الاستقلال، حيث أثر تطور التكنولوجيا والسوشيل ميديا على تشكل وعي مغاير لما عرفه الأدباء الأوائل، مع عدد القضايا والإشكاليات والمواضيع التي يتناولها الجيل الجديد من الكتاب في القارة الإفريقية عبر نصوصهم الأدبية، ونزوعهم نحو آفاق جديدة تبرز الهوية الثقافية ومنفتح على قضايا واهتمامات إنسانية وانشغالات المجتمع الحديث. ويقول الكاتب التوغولي كوني ألام، نعم هناك وعي جديد في الأدب الإفريقي، لأنه أول ما يطرح عند الحديث عن أدب أي بلد، لمن أقرأ؟ هل الجيل السابق أو الجيل الحالي الذي هو مختلف تماما عن الجيل الأول، سواء في عملية التخييل أو مواطن الاهتمام، وأضاف أنه عندما تقرأ للأدباء الجدد، تكتشف أن الخيال تطور في كتاباتهم، فالكاتب يختار أن يكتب عما يحدث في مجتمعه، مؤكدا نعم هناك وعي جديد في أغلب الدول الإفريقية، حيث أصبحت مواضيع كتاباتهم تتعلق بما يهمّ القراء بالدرجة الأولى. كما لاحظ أن هناك تفتحا أيضا على مشاكل العالم وما يعرفه من حروب وصراعات وتغيّرات جيوسياسية، فالكاتب، اليوم، يقول، له وعي شامل بمكانته في العالم وفي مجتمعه، مؤكدا أنه إذا كان هناك وعي جديد، يجب أن تكون هناك مؤسسات ونظم تتوافق مع هذا الوعي الجديد، فلا يمكن أن يكون هذا الوعي بأطر قديمة وتفكير قديم، ولتحقيق ذلك، يجب أن تكون هناك إرادة سياسية. من جانبه، يرى الناشر الغيني محمد لمين كامارا أن الأدب هو وسيلة لنقل ونشر ما نعرفه وما نقدّمه للقارئ، ويسمح لنا بطرح إشكاليات المجتمع بطريقتنا وطرح الأسئلة بطريقة مغايرة، وأضاف أنه نشر لأصوات عديدة جديدة، حيث ينتقل الأدب أيضا مع الإشكاليات الجديدة، ويضيف أن الإشكاليات والمواضيع المطروحة في زمن الاستعمار ليست نفسها اليوم، لأن الأطروحات الحديثة تتغيّر وتتطوّر كما تتغيّر وتتطوّر الحاجات الاجتماعية والظروف، لذلك الآداب أيضا تتغيّر وتتطوّر، وعرّج على مراحل تطوّر الإشكاليات عند الكتاب في إفريقيا، حيث يقول "الكتّاب سابقا حاولوا أن يقدّموا التراث التاريخي والحضاري لإفريقيا للخارج، ثم جاءت بعدها فترة كتابة إفريقيا القديمة، ثم فترة الذين جاؤوا مع الاستقلال وما كتب حول ذلك في الستينيات، ومنذ ذلك الوقت ونحن مع هذه الاستمرارية، هناك إشكاليات جديدة ومواضيع جديدة تم التطرق إليها، مثل الإرهاب، الرشوة وإفلاس نظم الحكم والزواج المبكر وغيرها. ويخلص إلى القول بأن كتاب اليوم يتماشون مع الاهتمامات الاجتماعية أو اهتمامات مجتمعهم. فيما يعتقد الكاتب والسياسي سيميون كونان من كوت ديفوار، أن الأدب والكتابة هي نوع ما تقرير عما يحدث في المجتمع، وما قيل منذ 60 سنة لم يعد له أثر اليوم بسبب التطور، والكتابات الحديثة تتحدث عن ظروف مختلفة اليوم، مؤكدا أننا اليوم في وعي جديد ومتصلون بما يحدث خارج إفريقيا، والأدب الإفريقي حاضر في العالم، مشيرا إلى أنه لا يوجد موضوع آني وحالي لم يتم التطرق إليه من قبل الكتاب الأفارقة، مضيفا أن الجانب السياسي ما يزال دائما محل اهتمام، مثل ما كنا سابقا نكتب من أجل الاستقلال اليوم نتحدث عن كيفية إتمام هذه المعركة، لأن هذا الاستقلال لم يكتمل وعلينا أن نكمل ما بدأناه، لذلك أتحدث اليوم حول موضوع السيادة في كتبي. ويرى الكاتب أن هناك وعيا جديدا وأن المواضيع التي يتطرق إليها شباب اليوم مختلفة، فاليوم التطور التكنولوجي ووسائل التواصل الاجتماعي تدفعنا للتطرق لمشاكل المجتمع وقضاياه بالدرجة الأولى.