انتشرت في السنوات الأخيرة، نزعة التغذية النباتية، وهي حمية يتبعها بعض الشباب والشابات خاصة، بدافع التقليد، أو محاولة تبني نمط غذائي جديد، تماشيا مع بعض النزوات التي تروج لها مواقع التواصل الاجتماعي، وراء معتقد "الغذاء السليم"، أو حتى محاولة علاج بعض المشاكل الصحية، من خلال التغذية المبنية على كل ما هو نباتي، من خضر وفواكه وبقوليات، بعيدا عن كل ما مصدره حيواني، حتى وإن كان بيضة. تظهر أيضا بالتوازي مع تلك النزعة، رغم نسبتها الضئيلة، واقع يتزايد حجمه يوما بعد يوم، وهي بعض المحلات والمطاعم التي تعرض لائحة الطعام النباتية، أو ما يعرف ب"فيغان"، والتي تعني نباتية بحتة، في حين تعرض مطاعم أخرى خيارا بسيطا لزبائنها، ممثلا في "بيتزا" نباتية، وحتى "ساندويشات" و"هامبرغر" نباتي. الجدير بالذكر، أن هذه العادات الجديدة التي تنتشر بين بعض الشباب، ليست بالمعنى الواسع للنباتيين حول العالم من غير المسلمين، هؤلاء الذين يتحججون بعدم رغبتهم في إيذاء الحيوانات، والاشمئزاز من دمها مثلا، إذ يتوجهون نحو "النباتية الغذائية"، والتي تعد خيارا شخصيا في الأكل، إلا أن رقعة المنظمين إليه يوما بعد يوم تزداد، وتلتحق في كل مرة دول جديدة، ينتشر فيها بشدة شباب يطلقون على نفسهم اسم "النباتيين"، بسبب حميتهم الخاصة الخالية من كل ما هو حيواني، خلقت على إثرها معارضين لهذا التفكير، الذي يرى فيه آخرون مبالغة شديدة في أكل البعض، وترك البعض، رغم أهميته ومنافعه على الصحة. تلك النزعة، تحولت في بعض الدول، ومنها الجزائر، إلى نوع من الموضة، التي يروج لها بين الأكثر تأثرا بالثقافة الغربية، باستثناء بعض المرضى الذين لديهم مشاكل أكثر جدية، تجعلهم يبتعدون عن اللحوم بأنواعها، فيما يميل آخرون إلى أكل الأسماك، دون اللحوم الحمراء أو البيضاء، والعكس، إذ أن هؤلاء يتأثرون غالبا بمعتقد أن اللحم دون منفعة. وأكدت، في هذا الصدد، المختصة في التغذية، صارة لطيفة دحماني، أن هناك حقيقة نزعة نحو "الحميات النباتية"، والتي أصبحت تأخذ أبعادا مختلفة في الجزائر، وأضحى الكثير من الشباب، لاسيما العشرينيين، يتابعون بعض أنواع تلك الحميات الغذائية، دون قناعة حقيقية، وإنما فقط نوع من التقليد. وأضافت: "حقيقة أن هناك بعض الذين يعانون مشاكل صحية جدية، تجعلهم لا يرغبون في أكل اللحوم، مثل الذين يعانون من مشكل نفسي مرتبط بالاشمئزاز من الدم، وآخرون تعرضوا ل«صدمة غذائية" مع نوع معين، وهذا النوع سائد حتى وإن كان بنسبة قليلة، إلا أنه واقع موجود في الجزائر، كبعض الأطفال الذين لا يحبذون لحم الخروف والدجاج، ويستهلكون السمك فقط، وآخرون لا تستميلهم أذواق اللحوم، عامة، ويفضلون كل ما هو آت من البحر، دون تلك الاستثناءات، فشبابنا ينساقون في تقليد أعمى، لا يتماشى تماما مع ما يحلله ديننا الحنيف، وأن كل ما يحلله الدين له منفعة معينة على صحتنا". وقالت الطبيبة، إنه خلال السنوات الأخيرة، أثبتت الدراسات أن الاستهلاك المفرط للحوم البيضاء أو الحمراء، خاصة المشبعة بالدهون، وراء الإصابة بأمراض القلب، إلا أن دراسات حديثة أخرى، أبرزت أن النباتيين هم الأكثر عرضة للإصابة بسكتات دماغية، وهذا راجع إلى خلو أجسامهم من العناصر الغذائية اللازمة والمفيدة لصحة الدماغ. تقليد المؤثرين وراء القصة أكدت المختصة، أن الحمية النباتية قد تؤدي إلى نقص محتمل في المغذيات التي يحتاجها الجسم، خصوصا البروتينات، الحديد والأحماض الدهنية، فضلا على الكالسيوم، مضيفة أنه رغم اعتقاد هؤلاء أن ما يستهلكونه من أطعمة نيئة، من خضار وفواكه وبذور وحبوب، مفيد للصحة، لخلوه من الدهون خاصة، غير أنه يمكن أن يتسبب في سوء التغذية، وفي مشكل فقر الدم، ومشاكل أخرى، تجعل الجسم يضعف تدريجيا مع ضعف جهاز مناعته، ليصبح جد حساس وعرضة للكثير من الأمراض. وأشارت المختصة، إلى أنه كل تطرف غذائي، غني بمعادن دون أخرى، قد يكون مضرا بالصحة، لهذا يعد الاعتدال أحسن حمية يمكن اتباعها، وفق نظام كميات قليلة لكن متنوعة ومتعددة المعادن والفيتامينات. وأرجعت المختصة بروز هذه النزعة وسط الشباب، إلى محاولة تقليد بعض المؤثرين الأجانب، الذين بدورهم لهم اعتقادات خاطئة حول الموضوع، مشيرة إلى أن هناك بعض الأشخاص الذين يغيرون خياراتهم الغذائية نحو النباتي، اعتقادا أنها أحسن لجمال بشرتهم وصحة شعرهم، خاصة للذين يعانون مشاكل الحبوب، على غرار المراهقين، والذين يتبنون بعض تقاليد الأكل التي ترتكز على الفواكه والخضر والأرز، والبقوليات وبعض البذور والفواكه الجافة، والشوفان وغيرها من الأطعمة، المهم أن يغيب منها الأثر الحيواني. وأكدت المختصة، أن استشارة طبية لتحديد حاجات الجسم وما يضر به، أمر ضروري قبل قرار اتباع أي حمية غذائية، لأن التخلي عن بعض العناصر الغذائية، قد تولد مشكلا صحيا آخر، وقد يكون أكثر خطورة.