الشعر أيضا حاضر في صالون الجزائر الدولي للكتاب، من خلال عمليات البيع بالتوقيع، التي تعددت في مختلف الأجنحة، ورغم صعوبة نشر الدواوين في الجزائر، إلا أن الشعر حاضر في الفعاليات الثقافية، خاصة في الأمسيات التي تجذب إليها كل من يتذوق الكلمات الجميلة.. بالمناسبة، تواصلت "المساء" مع الشعراء فاتح أقران، فروجة أوسمر وفايزة استمبولي استاني، على هامش بيعهم لدواوينهم بالتوقيع، في إطار "سيلا 2024"، فكان هذا الموضوع. فاتح أقران: ضرورة أن يكون الشعر حاضرا في الأدب والمجتمع تحدث الشاعر والمكتبي فاتح أقران ل"المساء"، عن ديوانه الأخير الموسوم ب«الفصل الخامس"، والصادر عن دار النشر "ليبراس دوشليف"، فقال إنه يعد خامس ديوان له، تناول فيه مواضيع شتى، تخص الوقت الراهن، والحب ومسائل تمس المجتمع وأخرى العالم، وكذا مواضيع حول الفلسفة والتضامن مع فلسطين وغيرها. وأضاف أنه مكتبي ينظم لقاءات ثقافية في مكتبته، التي تقع في حي الموز بالعاصمة، ورغم صغر مساحة المكتبة، إلا أنها تساهم في الإشعاع الثقافي للجزائر. بالمقابل، اعترف بقلة اهتمام القارئ بالشعر بشكل عفوي، فمن النادر أن يقصد المكتبة بحثا عن ديوان شعر، لكنه من خلال استماعه للقصائد الشعرية في الأمسيات المخصصة لها، يتغير الأمر ويشترى الدواوين. وتأسف المكتبي، لغياب الترويج للكُتاب، سواء من ناحية الإعلام أو من جانب عدم وجود مجلات متخصصة، تكشف عن جديد دور النشر، لهذا اعتبر أن المقروئية في الجزائر ضعيفة، وأن الناشرين يتعففون عن نشر الدواوين الشعرية، وفي هذا قال، إن الشعر ليس له علاقة بالتجارة، بل هو عبارة عن كلمات جميلة، من الضروري جدا أن تكون لها مكانة في الأدب وفي المجتمع، ليقدم مثالا عن فعلة قام بها على مستوى مكتبته، حيث طلب من أطفال الحي أن يكتبوا شيئا جميلا، والفائز يتحصل على جائزة، فتلقى فاتح العديد من القصاصات، من بينها قصاصة كُتب فيها "أحبك مثلما أحب أمي"، فكان نصيب جميع الأطفال المشاركين، هدايا جميلة. في هذا، دعا فاتح أقران إلى أهمية نشر الكلمة الجميلة، في زمن نسمع فيه الكثير من السباب، وكذا ضرورة تحبيب الأطفال في القراءة والكتابة، معتبرا مكتبته عشقه الكبير، رغم كل الصعاب التي يتلقاها منذ أن فتحها، بعد تقاعده من الخدمة، كإطار في مؤسسات عمومية، إلى درجة تخصيص أموال إضافية لتسييرها، ليشبه هذا الوله برجل يحب امرأة بكل عيوبها. فروجة أوسمر: نكتب الشعر لأنفسنا وللآخرين نشرت فروجة أوسمر ديوانها المعنون ب"تاونزة" (قصة الأقدار) عن دار "سمر"، وقالت ل«المساء"، إنها اختارت هذا العنوان الذي يعني بالأمازيغية "قدر"، واحتفظت بالكلمة الأصلية، ولم تشأ ترجمتها، لقوتها. كما ضم هذا الديوان رسومات زوجها، في حين وضعت ابنتها تصميم غلاف الكتاب، ليكون هذا الديوان عائليا بامتياز. أما عن ولوج فروجة عالم الشعر، فكان حينما طلبت من مديرها في العمل، نشر قصيدة لها في مقر الشغل، فوافق، بعدها قدم زمليها إليها للحديث عن موضوع هذه القصيدة الذي لم يعجبه وحسب، بل مسه بشكل رهيب، فكأنها كتبت عنه. هنا اندهشت فروجة، فقد كانت تعتقد أنها تكتب لنفسها، لتدرك بأن الشعر يٌكتب أيضا للآخرين. كما تلقت تشجيعا أيضا من صاحبة دار نشر "سمر"، التي أعجبت بقصائد الهايكو (شعر ياباني) التي كتبتها، فطلبت منها أن تنشر لها ديوانها، وقبلت فروجة بهذا العرض، خاصة أنه في العادة، يرفض الناشر إصدار الدواوين. «تاونزة" هو أيضا تكريم لصديقتها الشاعرة الراحلة فضيلة حرزي فلاق، درستا معا، ثم افترقتا، وفي يوم من الأيام، التقتا بدار الثقافة في تيزي وزو، حيث كانت فضيلة توقع ديوانها، وقرأت فروجة أمامها قصائدها، فأعجبت بها وطلبت من فروجة أن يلقيا قصائدهما في مناسبة ما، فقبلت صديقتها هذا الطلب، ولم تكن تعلم أن هذا الأمر سيرى النور في القريب العاجل، حيث دعتها فضيلة إلى دار الثقافة للمشاركة في أمسية شعرية، لتجد فروجة نفسها، وهي من عائلة محافظة، تواجه الجمهور، ومن بينهم خالتها التي لم تكن تترك مطبخها قط. حكت فروجة في هذا الديوان، عن وفاة صديقتها، وعن زيارتها لقبرها، بعد مرور أكثر من عشر سنوات عن رحيلها، وقبل أن تصل إلى المقبرة، شاهدت شابا، فأدركت أنه ابن صديقتها، رغم أنها لم تره من قبل، وقد كان ذلك صحيحا، لتؤكد فروجة أن ديوانها هذا يقين بأن الشاعر لا يموت. ضم هذا الديوان، الذي كتبت مقدمته، الكاتبة كلثوم سطاعلي، أشعارا في الهايكو، وهو أقصر شعر في العالم، ظهر في اليابان، حيث كانت تكتبه النخبة لا غير، ثم انتشر عند العامة، إذ يمكن لأي كان أن يخلد اللحظة بكتابة الهايكو في قصاصة، ووضعها في صندوق، وبعد فترة، يمكن نشر هذه القصائد أمام الملأ. علما أن الهايكو يتكون من ثلاثة أبيات و17 وحدة إيقاعية، يُفترض فيه تناول كلمة "فصل" أو معنى يحيل إليه، مثلما كلمة نوفمبر التي توحي لفصل الخريف. فايزة استمبولي استاني: أشعاري كلها إيجابية حتى في أحلك المواضيع كشفت الشاعرة فايزة استمبولي استاني، عن كتابتها الشعر لأول مرة بالعربية في ديوانها "مقاومة الحنين" بالفصحى والملحون، وأضفت على هذا الديوان الصادر عن دار "ميديا أنداكس"، قصائد أخرى باللغة الفرنسية، مشيرة إلى أنها تناولت في ديوانها السادس، مختلف المواضيع، مثل الحب والشباب والمرأة والمجتمع والجزائر طبعا، أما في قصائدها باللغة العربية، فقد ركزت فيها على موضوع كبت المرأة لعواطفها، بفعل أسباب عائلية ودينية، وحتى متعلقة بالمجتمع الذي تعيش فيه. كما تحدثت ل«المساء"، عن تحديها في نشر الشعر بالجزائر، مضيفة أن دواوين الشعر لا تباع بكثرة في المكتبات، لكنها تلقى رواجا، بعد أن تقدم القصائد أمام الجمهور في الأمسيات الشعرية، وهو ما حدث لها. لتؤكد على بدء اهتمام الناشرين الجزائريين بنشر الدواوين الشعرية.