قدّم المشاركون في الملتقى الوطني الذي تمحور حول الوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية، الذي نُظم، مؤخرا، بكلية الحقوق والعلوم السياسة بجامعة "باجي مختار" بعنابة، قراءة في القانون 23-05 المعدل والمتمم لقانون رقم 18/04 المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع الاستعمال والاتجار غير المشروعين بها. وتطرق المتدخلون للتداعيات والمستجدات في هذا القانون، وكيفية الوقاية من المخدرات، مؤكدين أن ظاهرة الاتجار بالمخدرات وتعاطيها، أصبحت تشكل خطرا على المجتمع الجزائري والعربي على حد سواء. وعليه يجب، حسب أحد المتدخلين، "تسخير كافة الإمكانيات لمواجهتها؛ لأن المخدرات لها علاقة بالجريمة بمختلف أنواعها". وعلى هذا الأساس كان تجريم هذه الظاهرة ضرورة حتمية، لجأت إليه معظم التشريعات للحد من خطورتها، ومكافحتها؛ سواء عن طريق العلاج، أو العقاب. والمشرّع الجزائري حاله حال باقي التشريعات؛ تصدى لهذه الظاهرة الخطيرة من خلال الأمر 09/75، المؤرخ في 17 فيفري 1975، المتضمن قمع الاتجار والاستهلاك المحظورين للمواد السامة والمخدرات. تبعه قانون 15 /85 المتضمن حماية الصحة، وترقيتها. ثم القانون رقم 18/04 المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية، وقمع الاستعمال والاتجار غير المشروعين بها، والذي شكّل بما لا يدع مجالا للشك، تطورا نوعيا في مجال مكافحة المخدرات، خاصة في ما بتعلق بالتكفل بمن وقع ضحية التعاطي والإدمان بعيدا عن القمع والعقاب، والأخذ بتدابير العلاج وإعادة التأهيل، ليعرف سنة 2023 تعديلا. وبموجب القانون 23-05، حاول المشرّع من خلاله، تلافي مختلف النقائص والعيوب التي عرفها قانون 04-18 بعد تطبيقه لأزيد من 18 سنة، وجعله مسايرا لمستجدات الأوضاع الوطنية، وكذا تدعيم الدور الوقائي، وتعزيز الدور العلاجي؛ إدراكا منه للتكامل بين السياسة الوقائية والعلاجية، إلى جانب السياسة الردعية القمعية. وفي سياق متصل، دار محور الملتقى حول التحليل والتعليق على أهم المستجدات التي أدخلها المشرّع على قانون 04-18 بموجب القانون 23-05، ومدى كونها تحقق سياسة الدولة في الحد من ظاهرة استهلاك المخدرات والمؤثرات العقلية، والاتجار بها. وشملت المداخلات التعريف بالمواد المخدرات والمؤثرات العقلية، ومسألة توسيع مجال التصنيف، إلى جانب استحداث تدابير وقائية، وتعزيز دور المرصد الوطني للوقاية من المخدرات، بالإضافة إلى التدابير العلاجية، ودور مختلف الهيئات في تفعيلها، ناهيك عن التركيز على تطور المنظومة التشريعية في مجال المكافحة، وعرض جديد الأحكام الموضوعية والإجرائية في جرائم المخدرات. كما تم تقييم الأحكام المستحدثة، والإشكاليات التي يمكن أن تثيرها عند التطبيق. ومن بين أهداف الملتقى المذكور، تسليط الضوء أكثر، على الدور المحوري المعوَّل عليه لمختلف المؤسسات التربوية، والإعلامية، والثقافية، والدينية، ومؤسسات المجتمع المدني؛ للوقاية من جرائم المخدرات، ودور المرصد الوطني للوقاية من المخدرات، والوقوف على التدابير العلاجية، وبحث مدى فعاليتها، وآليات التنسيق بين مختلف الهيئات ذات العلاقة، مع بحث مبدأ عدم المتابعة، ومبدأ الإعفاء من العقوبة في جرائم استهلاك المخدرات والاتجار بها، وكذا التعرف على أهم التعديلات التي جاء بها قانون 23-05؛ لتوضيح الأسباب والتداعيات التي دعت إلى تناوله في الجانب الموضوعي والإجرائي، وتوضيح وإبراز الأحكام الخاصة بممارسة النشاط الطبي والصيدلي، المتعلقة بالمخدرات والمؤثرات العقلية.