للنضال الثقافي أصحابه الذين لا يترددون في بذل الجهد والتضحية بوقتهم، وحتى بمالهم لأجل الثقافة، ولأجل أن يكون للجزائر موقع استراتيجي في الساحة الثقافية العربية، وحتى العالمية. هو حال الكاتب سعيد فتاحين، الذي أكد ل"المساء"، أهمية أن يكون للأدب الجزائري حضور مميز في الساحة الثقافية الدولية، خاصة وأن الكثير من العرب لا يعرفون الكُتاب الجزائريين، تحديدا من يكتب باللغة الفرنسية، وهو حال العديد من القراء الجزائريين أيضا، ليقرر فتح صفحة فايسبوكية، يضع فيها رفقة طاقم من المحررين والمترجمين الذين يناضلون بجانبه، بالمجان، فيديوهات مترجمة من الفرنسية إلى العربية كتابيا، عن حوارات ومواقف لُكتاب جزائريين بالدرجة الأولى، يكتبون باللغة الفرنسية، أغلبهم رحلوا من عالمنا، مثل محمد ديب ومولود فرعون وآسيا جبار وغيرهم. تابع فتاحين ل"المساء"، أن صفحته هذه التي يتابعها أغلب الكُتاب العرب، مثل حذيفة العرجي وتميم البرغوثي وأشرف العشماوي، تعنى بالأدب الجزائري، ولكن تهتم أيضا بالأدب العربي والعالمي، من خلال ترجمة فيديوهات لأدباء من مختلف اللغات إلى اللغة العربية، علما أن فيديوهات الصفحة الموثقة بالشارة الزرقاء، تحصلت على مشاهدات عالية وصلت إلى 12مليون بالنسبة للفيديو عن غسان الكنفاني. واعتبر المتحدث، أن بعض القراء، خاصة من الجيل الجديد، قد لا يشعر بالقرب من كتابات محمد ديب، الذي كان يكتب باللغة الفرنسية، وقد يتهمه بالانتماء إلى تيار معين، في حين لو تمت مشاهدة حواراته والتعرف على سيرته وحياته، حتما سيتغير الموقف، مثلما حدث مع كاتب ياسين، الذي بعد أن تم بث فيديو خاص به، بحث بعض الكُتاب والقراء العرب عن رواية "نجمة" وقرأوها أو أعادوا قراءتها، وكتبوا تقارير عنها وأرسلوها إلى الصفحة، طالبين نشرها. ووضع سعيد فتاحين أيضا فيديوهات لكبار الأدباء الجزائريين، يتحدثون عن انسلاخ ألبار كامو عن جلده، وكيف أنه فاز بجائزة "نوبل"، وفيديو آخر عن طقوس الكتابة عند آسيا جبار، وهكذا أكد فتاحين أهمية إعادة الجسر بين الأجيال، من خلال ترجمة كل ما هو سمعي بصري، في ظل مشروع ثقافي ثري يستحق المتابعة والتشجيع. واعتبر أن الجيل الجديد ينجذب لكل ما هو سمعي بصري، مثل الفيديوهات القصيرة والومضات والفلاش والمقتطفات، مؤكدا أننا لا نحتاج اليوم لصناعة كاتب بقدر ما نحتاج لصناعة ذوق أدبي. بالمقابل، تحدث الكاتب عن أهمية أن يكون المثقف مستقلا، حتى لا يجد نفسه مضطرا إلى تغيير اتجاهه في يوم من الأيام. كما تطرق إلى عملية البحث عن الفيديوهات الخاصة بالأدباء الجزائريين، فقال إنه استعان بالمركز الوطني للأرشيف الذي زوده بها، فتمت ترجمتها إلى اللغة العربية كتابيا والاحتفاظ بصوت المؤلفين. أما عن مساندة الصفحة للقضية الفلسطينية، فقد تعرضت للحظر مؤقتا من طرف "فايسبوك"، لأنه تم مراجعة رواية الشهيد يحي السنوار الموسومة ب"شوك وقرنفل"، وكذا التعريف بفلسطينيين، مثل فدوى طوقان وغسان الكنفاني، وزياد خداش الذي وجه له سعيد فتاحين تحية من منبر "المساء"، فهو معلم من رام الله، يهتم بإيصال الحقائق التاريخية لتلاميذه حول الهوية الفلسطينية، التي يحاول الكيان الصهيوني طمسها بكل قوة. ودعا محدث "المساء"، إلى العودة لتراثنا الجزائري ومحاولة تموقعه في العالم العربي، من خلال الانفتاح على مواقع التواصل الاجتماعي عبر هذه الفيديوهات، التي تحفز على قراءة الكاتب وتمثل طريقة جديدة لصناعة القارئ. كما تم أيضا ترجمة فيديوهات لأدباء عالميين، مثل كانديرا، للتعريف به وبأدبه للقارئ الجزائري والعربي، في عالم يحكمه الصوت والصورة، وبالأخص دعم كل محتوى جزائري وعربي ومحاولة الوصول إلى العالمية. وعن مشروعه الأدبي الحالي، كشف سعيد فتاحين عن محاولته كتابة سيرة روائية عن شخصيتين جمعهما نضال واحد، وقدر واحد، وهما الجزائري محمد بودية والفلسطيني غسان الكنفاني، حيث اكتشف أنه كانت بينهما علاقات سرية وكانا كثيرا التواصل. ليطالب بتسمية منشآت ثقافية باسم الشهيد محمد بودية.