أكد وزير الثقافة والفنون، زهير بللو، على ضرورة "مواصلة العمل مع مصالح ولاية الجزائر، لإعادة بعث جميع العمليات المتوقفة منذ سنوات بالقصبة، وكذا إيجاد الحلول اللازمة لمشاكلها، خاصة تلك المتعلقة بالمباني المتضررة أو المهجورة"، مشيرا إلى أن رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، جعل من قصبة الجزائر إحدى أولوياته، مذكرا بجهود الدولة في مجال تعزيز التراث الثقافي، والتزاماتها مع "اليونسكو" بترميم قصبة الجزائر، خصوصا وأن لجنة التراث التابعة لهذه الهيئة الأممية المختصة، ستقوم بدراسة ملف هذه المدينة العتيقة، خلال الدورة المقبلة. دعا الوزير، خلال زيارة التفقد التي قادته إلى عدد من الوحدات المعمارية التراثية، المصنفة بالقطاع المحمي لقصبة الجزائر، وشملت "قلعة الجزائر"، "قصر حسان باشا"، "قصر أحمد باشا"، "دار القاضي"، "دار خداوج العمياء" و«دار الحمراء"، القائمين على المشاريع، من مهندسين رؤساء المشاريع ومكاتب دراسات ومؤسسات الإنجاز والتقنيين، إلى ضرورة الاستفادة من هذه التجربة الرائدة في تدعيم القدرات للتقنيين والفنيين المحليين، مع استقدام المهتمين بمجال الترميم من المتخرجين الجامعيين والممتهنين في مراكز التكوين المهني، من أجل اكتساب خبرات ميدانية، تساهم في التكفل بمثل هذه المشاريع مستقبلا. بهذا الخصوص، طلب بللو من مدير المدرسة الوطنية لترميم الممتلكات الثقافية، حمزة محمد شريف، وجوب إشراك كافة طلبة المدرسة في الأشغال الميدانية، لتمكينهم من اكتساب الخبرة، التي ستسمح لهم بولوج عالم الشغل، من خلال المشاريع المستقبلية لترميم القصور والبنايات الخاصة القديمة، وكذلك ترميم وصيانة الممتلكات الثقافية المنقولة، وتحسيس الحرفيين الخواص في مجال مهن التراث العمراني واستقطابهم عبر مختلف الوسائط الإعلامية، من أجل إشراكهم في أشغال ترميم وصيانة كل مكونات هذه القصور والبناءات القديمة. كما أمر الوزير بوجوب تحديد الوظيفة المستقبلية لهذه الوحدات التراثية، قبل انطلاق الدراسات التقنية والفنية، لتحقيق ديمومة لهذه القصور واستغلال أمثل لها، بعد الترميم، ولتكون منارات إشعاع تلعب دورا محوريا في الحفاظ على الهوية الثقافية للقصبة، وتساهم في تكوين ديناميكية اجتماعية وسياحية واقتصادية، فضلا على ضرورة التكفل بحق الولوج إلى الفضاءات والقصور بعد الترميم، للأشخاص ذوي الحركة المحدودة، عبر تهييئات خاصة تسمح لهم باكتشاف الكنوز التاريخية لقصبة الجزائر، مثلهم مثل باقي الزوار ومستعملي هذه الفضاءات. في مستهل الزيارة، تفقَّدَ الوزير "قصر الداي" بقلعة الجزائر، حيث قُدِمتْ له شروحات حول مشاريع الترميم قيد التنفيذ، التي ستسمح عند استلامها، بإعادة الاعتبار لهذا المركب التاريخي المهم، حيث ثمَّن العمليات التي عرفت تقدما ملحوظا بإشراف مصالح ولاية الجزائر، أما المشاريع المتوقفة، والتي لم تنطلق بعد؛ فقد وجه بللو تعليمات صارمة للمدير العام لديوان تسيير واستغلال الممتلكات الثقافية، لمباشرة الدراسات والإنجاز، كما دعا جميع الهيئات المعنية من أجل الانتهاء من دراسة تهيئة المساحات الخارجية، واقتراح خطة عمل تسيير هذا المركب التاريخي، الذي يشمل عدة قصور ووحدات تراثية في مساحة تفوق 14 ألف متر مربع. كما تابع الوزير زيارته بتفقد الأشغال في خمسة قصور تاريخية بالقصبة السفلى، وهي "دار حسان باشا"، "دار أحمد باشا"، "دار خداوج العميا"، "دار الحمراء"، وكذا "دار القاضي"، و«حصن 23 لِرياس البحر". للتذكير، شهدت قصبة الجزائر منذ تصنيفها من طرف "اليونسكو" عدة أشغال استعجالية على بناياتها القديمة، وكذا مخططات حفظ وترميم واستغلال، على غرار تصنيفها كقطاع محمي في 2003، وصدور المخطط الدائم لحفظ وتثمين القطاع المحفوظ الخاص بها في 2012. ومنذ صدور المخطط الدائم، تم ترميم العديد من المعالم التاريخية، على غرار قلعة الجزائر أو "دار السلطان" التي تم افتتاحها جزئيا للزوار منذ نوفمبر 2020، وكذا "مسجد كتشاوة" الذي فتح أبوابه في 2018. ومن المعالم التي تم ترميمها أيضا وفتحها للزوار، هناك منازل تاريخية ك«دار المجاهدة جميلة بوحيرد" و«دار باشطارزي" بالقصبة السفلى، إلى جانب "ضريح سيدي عبد الرحمن الثعالبي". وتشرف مصالح ولاية الجزائر منذ 2016، على تسيير ملف ترميم وإعادة الاعتبار لقصبة الجزائر، بالتطابق مع المخطط الدائم لحفظ وتثمين القطاع المحفوظ للقصبة، الذي صادقت عليه الحكومة في 2012، في حين تضمن وزارة الثقافة والفنون الدعم والمتابعة التقنية.