ألح السيد بوعبد الله غلام الله وزير الشؤون الدينية والأوقاف على أهمية تعزيز أواصر الأخوة بين المسلمين أنفسهم وبين هؤلاء وغير المسلمين في عالم محكوم عليه بتبني منطق الحوار والتعايش السلمي وتجنب صراع الأفكار قدر المستطاع. كما أكد الوزير في تدخله خلال ندوة "روسيا-عالم إسلامي: شراكة من أجل الاستقرار" أول أمس بروسيا أنه على المسلمين أن يكونوا في خدمة دينهم ووطنهم على حد سواء لأن هذين العنصرين يشكلان وجهين لعملة واحدة لأن الذي ينكر وطنه -كما قال- كمثل الذي ينكر إنسانيته. واعتبر السيد غلام الله أن هذا اللقاء سيساهم في تعزيز الروابط التاريخية بين فيدرالية روسيا والعالم الإسلامي خدمة لمصالح ليس فقط للمسلمين عبر العالم بل للإنسانية جمعاء. وقد أجرى وزير الشؤون الدينية على هامش أشغال الندوة محادثات مع شخصيات دينية من عدة دول خاصة مع مفتيي كازخستان وسوريا واوزباكستان وكذا مع رؤساء وفود من سلطنة عمان والعربية السعودية والكويت. ومن جهته أبرز الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف ضرورة العمل على نشر قيم الإسلام الذي ينبذ الحقد ويدعو إلى الوفاق بين الأديان المختلفة. وأبرز الرئيس الروسي في رسالة قرأت نيابة عنه في بداية الأشغال أهمية ترقية التعليم الديني من خلال التركيز على ما قدمه الإسلام في مكافحة الحقد ومن أجل تعزيز الوفاق بين الديانات المختلفة. وأكد الرئيس الروسي على وجه الخصوص على الأهمية التي توليها روسيا لتعزيز علاقاتها مع البلدان العربية والإسلامية وكذا مع الجاليات المسلمة في آسيا، أمريكا وأوروبا مذكرا بأن بلده تحصل على صفة الملاحظ في منظمة المؤتمر الإسلامي. وأكد المشاركون في هذه الندوة أنه يجب على رجال الدين الإسلاميين والدول والمنظمات الإسلامية تكثيف الجهود لتقديم الإسلام في بعده الحقيقي الخالي من الأفكار السلبية التي يصر البعض إسنادها له لتشويه صورته. وأشار المتدخلون إلى وجوب تخليص الإسلام من الأفكار السلبية التي يتفنن البعض في إسنادها له لتقديمه كديانة تشجع التطرف الذي لا علاقة له بمبادئ الإسلام وقيمه التي ترفض الحقد وتدعو إلى العمل لصالح السلم والأخوة. ومن جهته أبرز رئيس مجلس الإفتاء الروسي الشيخ راويل عين الدين الذي ترأس أشغال الندوة دور المجلس في التكفل بشؤون مسلمي روسيا وتعزيز العلاقات بين بلاده والعالم الإسلامي. كما أشار إلى أن عدد المسلمين في روسيا الذي يقدر ب23 مليون يدل على مدى أهمية هذا الدين الذي يأتي في المرتبة الثانية بعد المسيحية الأرثودوكسية في فدرالية روسيا وضرورة قيام هذا البلد بتعزيز علاقاته مع العالم الإسلامي. ولدى تطرقه إلى المشاكل التي يواجهها المسلمون في بعض أنحاء العالم أكد الشيخ عين الدين أن تسوية النزاع في الشرق الأوسط تقتضي إقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة. وفي بيان تمت المصادقة عليه عقب اختتام الأشغال اعتبر المشاركون أن التعاون الوثيق بين روسيا والعالم الإسلامي في سياق العولمة يمثل عاملا هاما لتجسيد نظام عالمي جديد وعادل من شانه أن يسهم في ترقية الحوار بين الأديان والثقافات. وذكر المشاركون أن الإسلام دين الرحمة و الاحترام ينبذ كل أشكال المواجهة لاعتبارات عرقية أو دينية وكل أشكال الراديكالية والعنف والظلم. وأكد البيان أن الإسلام دين الوسطية وفي عصرنا الحالي أصبح هذا المبدأ عاملا حاسما للقضاء على كل أشكال التطرف بما فيها التطرف الديني وهو عامل يمكن المسلمين من المساهمة في بناء نظام دولي جديد يقوم على الاحترام المتبادل. وركز المشاركون على دور المنظمات غير الحكومية والعمومية في روسيا والعالم الإسلامي داعين منظمة المؤتمر الإسلامي إلى بذل كل ما في وسعها في سبيل تسوية النزاعات بين المسلمين في منطقة شمال القوقاز. وعلى الصعيد الاقتصادي دعا المشاركون إلى ترقية التعاون بين روسيا والعالم الإسلامي خاصة في مجال الاستثمار من خلال بحث إمكانيات تطبيق آليات البنوك الإسلامية في روسيا ومطابقة الأنظمة المالية في روسيا وفي العالم الإسلامي. وفيما يخص السياسة الخارجية لروسيا الرامية إلى إعادة السلم والاستقرار في المناطق التي لا تزال فيها بؤر توتر أعرب المحاضرون عن دعمهم التام لفكرة تنظيم ندوة دولية في موسكو تخصص للنزاع في الشرق الأوسط.