إنشاء مركز بيانات وتطوير البنية التحتية الرقمية..ضرورة قصوى التعليم العالي.. المالية والجماعات المحلية.. منصات الإقلاع الرقمي أنظمة معلوماتية مبتكرة تضمن الشفافية وتحدّ الفساد مع اقتراب آخر أجل لتجسيد التحول الرقمي الذي حدده رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، نهاية السداسي الأول من سنة 2024، حقّقت العديد من القطاعات خطوات مهمة في مجال الشمول والتحول الرقمي من خلال استحداث بوابات ومنصات خدماتية، في وقت يتمّ ترقب الإستراتجية الوطنية للتحوّل الرقمي ورصد غلاف مالي لتجسيدها، لأن العديد من القطاعات تعززت بمنصات للإقلاع الرقمي، وينتظر أن يسجل تقدما أكبر في هذا المجال. أبدى الخبير في تكنولوجيات الاتصال والرقمنة، نسيم لوشاني، في اتصال أجرته معه "الشعب"، ارتياحه للوتيرة المتسارعة التي تعرفها رقمنة القطاعات وتجسيد مشروع التحول الرقمي، مشيرا إلى المرحلة المتقدمة التي بلغها تحيين الإستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي، حيث تتواجد حاليا في مرحلتها الثانية، تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بضرورة طي ملف تعميم الرقمنة قبل نهاية السداسي الأول من سنة 2024، إضافة إلى مشروع إنشاء مركز وطني لتخزين البيانات (Data-center) حيث تهدف هذه الإستراتيجية - وفق الخبير - إلى جعل الجزائر نموذجا رائدا في مجال التحول الرقمي، وذلك من خلال تحقيق أهداف رئيسية تشمل عدة محاور، بينها رقمنة الإدارة العمومية وتسهيل الإجراءات الإدارية وتقديم الخدمات للمواطنين عبر الأنترنيت، إضافة إلى تطوير الاقتصاد الرقمي وتشجيع ريادة الأعمال وخلق فرص العمل في مجال التكنولوجيا، في حين يتمثل المحور الأهم في تحقيق الشمول الرقمي وضمان وصول جميع المواطنين إلى أنترنيت والخدمات الرقمية، كما تطرّق المتحدث إلى المساعي الحثيثة للدولة الجزائرية من أجل تطوير وتعزيز جانب الأمن الرقمي السيبراني وحماية البنية التحتية الرقمية من المخاطر، وحرصها على ضمان السيادة الرقمية للبيانات وحمايتها وتخزينها محليا. منصات خدماتية لرفع التحدي في هذا الإطار، شدّد نسيم لوشاني على ضرورة نشر ثقافة الاعتماد على الخدمات الرقمية على مستوى جميع الخدمات الإدارية، من خلال تطوير البنية التحتية الرقمية وتوفير التكوين اللازم للموظفين في مجال الرقمنة، إلى جانب إنشاء مراكز بيانات في الجزائر، حيث يهدف هذا النوع من المراكز إلى توفير خدمات تخزين البيانات وحمايتها، بالإضافة إلى توفير خدمات الحوسبة السحابية للقطاعين العام والخاص. ويتوقّع محدثنا أن يكون لهذه الخطوات تأثير إيجابي على مختلف جوانب الحياة في الجزائر، بما في ذلك تحسين الخدمات العمومية وتسهيل الإجراءات الإدارية والقضاء على البيروقراطية، إضافة إلى تعزيز الشفافية والحد من الفساد وضمان النزاهة في الإدارة العمومية، كما سيساهم في خلق فرص العمل وتشجيع ريادة الأعمال ودعم المقاولاتية، وتحسين جودة التعليم وتطوير التعليم والتكوين، بالإضافة إلى تعزيز التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات الأجنبية وتحسين بيئة الأعمال، معتبرا أن هذه الخطوات تشكل قفزة نوعية في مسار التحوّل الرقمي بالجزائر، وتؤكد على التزام الدولة بتطوير هذا المجال وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وقدم الخبير - في هذا الصدد - إحصائيات تعكس مدى التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال التحوّل الرقمي، أين سجلت عدة قطاعات وزارية قفزة نوعية في عملية الرقمنة، على غرار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي التي قامت باستحداث 51 منصة تقدم 54 خدمة رقمية تشمل الجوانب البيداغوجية والخدماتية وكذا البحثية، مع تحديد بلوغ 54 منصة رقمية للاستغناء كليا عن الطابع الورقي. من جهة أخرى، تشير الأرقام المتوفرة فيما يخصّ الرقمنة في الجزائر، إلى 46.5 مليون مستعمل للهواتف النقالة، ما يعادل 103.5 % من إجمالي السكان، و27.8 مليون مستعمل لأنترنت، بنسبة 60.8 % و26.6 مليون مستعمل لشبكات التواصل الاجتماعي بنسبة 59.1%. مما يؤكد أن الجزائر تواصل مسيرتها نحو التحول الرقمي بخطى ثابتة، محققة بذلك إنجازات هائلة في هذا المجال، بدءا من وزارة المالية التي أطلقت منصات "جبايتك" و«مساهمتك" لتسهيل عملية دفع الضرائب عن بعد، وأردف لوشاني جهاز الجمارك شهد نقلة نوعية بفضل النظام المعلوماتي المبتكر الذي تمّ تطويره بالشراكة مع متعامل كوري، ما سيساهم في تحسين الخدمة العمومية وتعزيز الشفافية في معاملات التجارة الخارجية. ولم يتوقف التقدم عند هذا الحد - يقول محدثنا - وإنما تمّ إطلاق منصات "مهنتي" و«مهارتي" لخدمة مجال التكوين المهني، واستكمال إنجاز 42 منصة رقمية للعمليات البيداغوجية، إضافة إلى 4 منصات للخدمات الجامعية.، كما لم تغفل الجزائر أهمية التوقيع الإلكتروني الذي بات أداة أساسية في تسريع الإجراءات وضمان دقتها. الأمن السيبراني.. ضمانة السيادة الرقمية ولم يقتصر التحوّل الرقمي على القطاعات الحكومية، يؤكد لوشاني، بل شمل مجالات البريد والبنوك والجماعات المحلية، فقد تمّ تسخير عشرات المنصات لتسهيل الإجراءات وتخفيف الأعباء البيروقراطية على المواطنين والمستثمرين، وبحسب آخر الإحصائيات، فقد تمّ رقمنة أكثر من 450 خدمة عمومية في الجزائر، تمّ الموافقة على 338 منها ودمجها في البوابة الحكومية للخدمات العمومية "بواباتك".. خطوات تشكل علامة فارقة في مسار الجزائر نحو مستقبل رقمي مزدهر، حيث ستساهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين وتعزيز الشفافية والمساءلة في جميع المجالات. ما يجعلها في صدارة الدول السائرة في طريق الرقمنة، خاصة وأنها نجحت في مرحلة رقمنة بياناتها إلى حد كبير، مقارنة مع دول أخرى. بالنظر إلى فترة الإنجاز الوجيزة جدا، التي لا تتجاوز ال4 سنوات، واستند لوشاني في ذلك إلى استحداث وزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة، والعديد من الهيئات على غرار السلطة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، والمحافظة السامية للرقمنة. كما تمّ إطلاق العديد من المنصات، الأرضيات، البوابات والخدمات الرقمية على غرار بوابة المركز الوطني للسجل التجاري، بوابة الخدمات الالكترونية عن بعد، بوابة الحالة المدنية وبوابة الوثائق البيومترية عن بعد، البوابة الحكومية للخدمات العمومية، الخدمات الالكترونية لوزارة العدل وغيرها. بالإضافة إلى رقمنة عمليات الدفع، وتعميم الدفع الإلكتروني تمهيدا لاستحداث الدينار الرقمي، وهي إنجازات وخدمات رقمية - يقول المتحدث إنها أعطت الجزائر دفعا كبيرا نحو تحول رقمي متكامل سيدفع بها نحو التركيز أكثر على جانب الأمن السيبراني، الذكاء الاصطناعي والتخزين المحلي للبيانات، بقصد الحفاظ على السيادة الرقمية. شمول رقمي.. بالمقابل، يعتبر نسيم لوشاني الرؤية الاستشرافية للسيد رئيس الجمهورية، تبصرا نجح في إشراك فئة كبيرة في عملية التحول الرقمي للبلاد حيث تمّ الاعتراف ب1364 نشاط، من بينها 274 نشاطا في مجال الخدمات الرقمية والأنشطة ذات الصلة، بموجب قانون المقاول الذاتي. أما بالنسبة لرقمنة قطاع الفلاحة، فقد قطعت وزارة الفلاحة أشواطا كبيرة في رقمنة القطاع، حيث تمّ إطلاق منصات رقمية تسهل الإجراءات وتعزز الشفافية، من بينها إطلاق بوابة رقمية تتيح للفلاحين الوصول إلى مختلف الخدمات والإجراءات عبر أنترنيت، كما تمّ تخصيص موقع إلكتروني لتقديم الشكاوى والعرائض، ما يعزز الشفافية، كما تمّ إطلاق منصة رقمية لمتابعة عملية استصلاح الأراضي، ما يُحسن من كفاءة إدارة المشاريع الزراعية، كل هذا بالإضافة إلى إصدار بطاقة مهنية جديدة للفلاحين مزودة برمز QR، ما يسهل عملية المتابعة والتواصل، وتمّ تطوير تطبيق لتحديد قطع الأراضي المخصصة لزراعة الحبوب ومتابعة جمعها. بينما يعكف القطاع حاليا على إطلاق الإحصاء العام للفلاحة، وهو عملية إستراتيجية تعد الثالثة من نوعها منذ الاستقلال، تهدف إلى تحيين كل البيانات والمعلومات الخاصة بقطاع الفلاحة والتنمية الريفية، ما يتيح رؤية شاملة لمستقبل القطاع.