أكد الباحث والأكاديمي الجزائري، محمد لخضر معقال، أول أمس، أن الجزائر قد افتقدت تماما إلى صناع الأفكار، مولود معمري، يضيف معقال، كان مناضلا من أجل إبراز الهوية والتراث الأمازيغي منذ سنة 1938 في مجلة ''اكدار'' التي كانت تصدر في المغرب، ولا نزال حتى الآن لم نجد من يخلفه هو أو كاتب ياسين ومولود فرعون· جاء ذلك أثناء جلسة فكرية نشطها، أول أمس، في مكتبة ''سقراط نيوز'' لمناقشة أعمال الكاتب الراحل ''مولود معمري'' مع كل من الباحثة والأستاذة الجامعية، عائشة كسول، رفقة المجاهدة والكاتبة جوهرة امحيس اوكسيل· الباحث والكاتب محمد لخضر معقال قال إن مولود معمري كان من بين الكتاب الأوائل الذين كتبوا عن صراع الحضارات في سنة 1971 حتى أنه تحدث عن هذا الموضوع في حصة تلفزيونية بُثت على القناة الفرنسية سنة ,1975 وهو الأمر الذي سبب له الكثير من الانتقادات من طرف الجزائريين، قبل أن يضيف ذات المتحدث، أن أحداث 1980 في منطقة القبائل لم تكن ثورة شباب طائش، بل كانت نهضة طلاب جامعيين مثقفين ومشبعين بأفكار البحث عن الهوية الأمازيغية· من جهتها، أكدت المجاهدة والكاتبة جوهرة امحيس اوكسيل، أن دفاع مولود معمري من خلال كتاباته وإبداعاته عن قضية الهوية والانتماء دون خوف ودون حدود كان بعيدا عن التعصب والتشدد، وأعطت مثالا على ذلك في روايته ''نوم العادل'' التي نلاحظ فيها دفاعه عن التاريخ والحضارة المشتركة لكل الجزائريين· وقرأت أوكسيل على الحضور نص الرد لمولود معمري على المقال الذي كتبه ''كمال بلقاسم'' في يومية ''المجاهد'' الذي اتهمه فيه بالخائن لا لشيء إلا لكتابته بالفرنسية، أما عن مضمون الرد، فقد أكد فيه مولود معمري وبالحجج المقنعة وفي نفس الصفحة التي نشر فيها المقال، أن دفاعه عن الهوية الأمازيغية بمختلف نواحيها لا يعتبر خيانة بل هو إثبات للذات· وفي نفس السياق، قالت عائشة كسول، أستاذة بجامعة الجزائر، إن المتمعن في موضوع المقال ونص الرد من طرف مولود معمرى، يلاحظ الفرق الشاسع بين ثقافة الرجلين والحجج والبراهين المقنعة من طرف هذا الأخير، مضيفة أن مولود معمرى هو الرجل الذي تنطبق عليه صفة المثقف دون مجاملة قبل أن تصفه ب ''المنارة التي قادت جيل الثمانينيات إلى تفتح عقولهم على الحقيقة والفكر الصحيح''· وأشارت كسول إلى أن شعلة الأمل التي نجدها في كل نصوصه، والتي تأتي بعد وصف حالة انغلاق المجتمع القبائلي الموجود على حافة الاندثار، هي دفع شباب المنطقة للسير إلى الأمام بدل الالتفات للماضي· وفي الأخير، اتفق الأساتذة المشاركون على أن الثقافة الواسعة التي كان يتصف بها مولود معمري كانت نتاج سفره خارج الوطن في سن مبكرة، ما ساهم في احتكاكه بكبار المثقفين والمفكرين سواء في المغرب أو في أوروبا، وأن المعوقات التي واجهته في مسيره هي نفس المعوقات التي تعترض أي مثقف يدافع عن مبادئه في مختلف المجتمعات سواء كانت عربية مسلمة أو غربية، ولكن رغبة معمري في البقاء والدفاع عن مبادئه التي يمكن وصفها ب ''الفطرية'' هي التي ساعدته على الصمود·