تزخر الجزائر بالكثير من العادات والتقاليد التي تختلف من ولاية لأخرى، من شرقها وغربها الى شمالها وجنوبها، وتبرز الكثير من تلك العادات خلال الحفلات والمناسبات لاسيما الأعراس، التي تشهد اختلافا من منطقة لأخرى، إذ يسعى الكثيرون للحفاظ عليها، والوفاء للأعراف القديمة ولا يرغبون بالمساس بها، معتبرين التعدي على بعض التقاليد من باب المحظور، ورغم ذلك بدأ البعض في التخلي عنها، بسبب ما تكلف من أموال باهضه قد تدفع المرء الى التخلي تماما عن فكرة الزواج في ظل عجزه ماديا عن تنظيم زفاف واحترام جميع الطقوس المصاحبة للوليمة. لاتزال بعض المناطق تعيش تفاصيل "عرس ليلة تدبيره عام"، مقولة تطبق بجميع حذافيرها، لتدوم الوليمة سبعة ايام وسبع ليالي، كلها بين عادات وتقاليد غداء وعشاء، وكثير من المصاريف التي لا حصر لها، يتم الحرص على تأديتها بكل التفاصيل، الى حد الاعتقاد أن تفويت جزء منها هو مثل ضربة سوء حظ قد يمس بالعرسان، او مادة دسمة للحديث بين أفراد العائلة عن جرأة التخلي عن تلك العادات المتوارثة. حول هذا الموضوع كان ل"المساء" حديث مع فريدة مصايري، خبيرة في التراث الشعبي القديم، التي أوضحت ان للعائلات الجزائرية الكثير من العادات والتقاليد القديمة التي اضحت اليوم جزءا من التاريخ فقط ولم تعد موجودة تماما، تخلى عنها جيل اليوم لأسباب عديدة، البعض منها تم اعتباره نوع من "الخزعبلات" والتي لا اساس لها من الصحة، بل توحي الى اعتقادات خاطئة، في حين أخرى تم التخلي عنها بحكم تكلفتها الباهظة. عادة "تحزيم" العروس من طرف سيدة سعيدة من اهل الزوج، وإلقاء الحلوى على رؤوس الاطفال، حمل السنابل والتجول بها في بيت الزوجية، اطلاق البارود، وخروج العروس حافية القدمين من بيت اهلها، وأكل قلب الخروف على الغداء للعروس هي من بعض التفاصيل التي تتوارثها الاجيال في بعض المناطق بالوطن، لاسيما تلك البعيدة عن المدن الحضرية والتي لم تتأثر كثيرا بالقيم الاجنبية بسبب الهواتف والانترنت وانعكاسها على سلوكياتها، والتي بقيت تحافظ عليها كموروث شعبي عريق بعيدا عن تلك الفخفخة والتباهي. وأوضحت المختصة في التراث الشعبي، انه في المدن الكبرى تتغير الكثير من العادات، وتتحول بفعل محاولة مواكبة الحداثة في هذا المجال، لتتماشى مع الجديد وتتحول في فترة الى عادات تعكس الفخامة، وفي بعض الاحيان تعكس الموضة. وقالت ان البعض من تلك العادات كحفل الخطوبة، الحنة، فطور العروس، الموكب، وغيرها من الحفلات المرتبطة بليلة العمر، اصبحت تكلف الكثير، تحولت بذلك الى معضلة متعبة للشباب وعائلاتهم بين المهر وتحضيرات الزفاف، وتنظيم وجبة العشاء والموكب، وتجهيز البيت، خصوصا في ظل الظروف المعيشية السائدة حاليا، والغلاء الذي زاد الامر تعقيدا. وأضافت ان كل ذلك دفع بالعائلات الى البحث عن منافذ لترك العادات المكلفة وغير الضرورية ، واخذ قرار التخلي عن ما كان محتوما بحكم العادات والتقاليد. وتحولت التنظيمات التي كان يتكفل بها الزوج سابقا، الى مهمة يتقاسمها كل من الزوج والزوجة، تقول فريدة ميصايري: "وهذا من اجل التمكن من تنظيم وليمة زفاف، وتخفيض التكاليف، ومحاولة تحقيق على الاقل بعض من تلك العادات ولو من خلال جمع كل تلك التقاليد في ليلة واحدة لتخفيف تلك الأعباء".