يؤكد المختصون في مجال الصحة أن مرض السرطان في الجزائر أصبح بمثابة خطر حقيقي بسبب غياب الوعي حول أعراض الإصابة وطرق التشخيص المبكر، ما يدعو كافة السلطات العمومية والمجتمع المدني إلى توحيد المجهودات لإيجاد حلول عاجلة، وهو الهدف الذي تنشط جمعية الأمل لمساعدة مرضى السرطان من أجله في الآونة الأخيرة، أملا في تجسيد مشروع مخطط وطني لمكافحة السرطان. ومن ضمن جملة الحلول التي يقترحها أهل الاختصاص في الوقت الراهن الإسراع في إنشاء مراكز الكشف المبكر عن السرطان، لاسيما وأن الدراسات الأمريكية والأوروبية أظهرت في هذا الإطار أن وحدات الكشف المبكر عن السرطان يمكنها أن تقلص نسبة الموت بسبب هذا المرض المزمن ب30 في المائة. وفي هذا المجال تسجل الجزائر تأخرا ملحوظا في مسألة الكشف المبكر، ففي الوقت الذي يتم فيه الكشف عن سرطان الثدي لدى النساء ابتداء من سن ال45، فإنه يبدأ في فرنسا - مثلا - في سن الثلاثين، وبموجب ذلك يبقى مسعى إرساء ثقافة الكشف المبكر في انتظار إعطاء الأولوية لإنشاء مراكز كشف مبكرة، تكوين أطباء في هذا الاختصاص، مراقبة التجهيزات الطبية وتقييم عمليات الكشف مع توجيه المرضى، علما أن نتائج قافلة الأمل التحسيسية التي انطلقت يوم 12 أكتوبر المنصرم من المجلس الشعبي الوطني بمبادرة من الجمعية أظهرت قلة الوعي بأعراض المرض وطرق التشخيص المبكر والعلاج في كل من ولاية الجلفة، الأغواط وغرداية. وعلى ضوء هذه المعطيات ترى جمعية الأمل لمساعدة مرضى السرطان أن تجسيد المحاور الكبرى للمخطط، ينبغي أن ينطلق من جملة من الاعتبارات أهمها: تحديد واقع السرطان في الجزائر، الإمكانيات المتوفرة لمكافحة السرطان، معرفة مستوى الوعي الشعبي بخصوص الوقاية والعلاج، حيث ينبغي أن تكون المعطيات المتعلقة بها في يد الأطباء، مختلف الوزارات المعنية، البرلمان والجمعيات للخروج بتوصيات يستند عليها المخطط. وحسب الجمعية فإن المخطط يقوم على أربعة محاور أساسية هي الوقاية، الكشف المبكر، العلاج والمتابعة، وتعد الوقاية العنصر الأهم الذي يرتكز عليه المخطط، إذ يجب أن تصل الرسالة إلى كافة المواطنين ليدركوا أسباب ومخاطر السرطان، وتجدر هنا الإشارة إلى أن معظم السرطانات يسببها الإدمان على التبغ، المشروبات الكحولية، التعرض لأشعة الشمس لمدة طويلة بدون حماية خاصة بالنسبة للأطفال، الاعتماد على الأغذية المشبعة بالدهون دون تناول الخضر والفواكه، استنشاق الهواء الملوث والتدخين السلبي. وعلى هذا الأساس تتطلب الوقاية إعداد برنامج إعلامي حول السرطان ومنع التدخين في الأماكن العمومية مع رفع أسعار السيجارة، وبهذا الخصوص يتعين على كل من وزارة الصحة، العمل، التضامن والأسرة تنظيم حملات لفرض احترام القوانين، فضلا عن ضرورة تسطير إستراتيجية لمكافحة التدخين. ويستند محور الكشف على فكرة تحضير استراتيجية وطنية لتشجيع الكشف المبكر عن السرطانات، لاسيما ما تعلق بسرطان الثدي، الرحم، القولون والبروستات، مع مراعاة تحمل الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية ومديريات الصحة لنفقات الفحص المبكر، وذلك من منطلق أن التشخيص المبكر يمكن من تقليص نسبة الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 30 في المائة وضمان معالجة سرطان القولون والبروستات بنسبة 80 في المائة. في حين يركز محور العلاج على ضرورة الإسراع في توفير الأدوية اللازمة، العتاد الطبي، تقريب مراكز العلاج، تكوين الفرق التي تعمل في مجال شبه الطبي وتوفير المتابعة النفسية للمرضى. وبالموازاة مع ذلك يتطلب هذا المحور تنصيب شبكة وطنية لمراقبة النوعية وضمان العلاج للجميع، إلى جانب تسطير استراتيجية لتسيير الأدوية المضادة للسرطان، إنشاء مراكز لمكافحة السرطان والنظر في مشكل المراكز التي لا تعمل في كل من ورقلة ووهران رغم تدشينها منذ مدة. أما فيما يخص محور المتابعة، فيقوم على إنشاء خلايا الاستماع على مستوى مراكز مكافحة السرطان، وكذا مراكز مساندة أولياء مرضى السرطان. عموما تحول السرطان إلى مأساة عالمية تستنزف ميزانيات الحكومات، في وجود 350 نوع من السرطانات تقتل 7 مليون شخص سنويا في العالم، وتهدد بإصابة 16 مليون شخص في المعمورة في غضون 2020، مما فرض وضع مخططات تتماشى والمعطيات السائدة في المجتمعات المختلفة، منها الجزائر التي ليست بمنأى عن خطر هذا المرض الذي يعرف انتشارا واسعا كما تدل عليه الأرقام التي تكشف عن إحصاء 30 ألف حالة جديدة مصابة بالسرطان سنويا، يتقدمها سرطان الثدي عند النساء وسرطان الرئة عند الرجال.