الوزير الأول يتحادث مع نظيره التونسي    اجتماع تنسيقي لتطوير آليات العمل المشترك لخدمة الحجاج والمعتمرين    ربط أزيد من 77 ألف مستثمرة فلاحية بالطاقة الكهربائية منذ 2020    أمطار رعدية مرتقبة على العديد من ولايات الوطن مساء اليوم الخميس    رمضان 2025: وضع بيوت ومخيمات الشباب تحت تصرف فعاليات المجتمع المدني    الأمم المتحدة : الإطار القانوني والمؤسساتي الجزائري يضمن بشكل كامل الحقوق والحريات    المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة في تربص جديد بمركز فوكة بتيبازة    افتتاح معرض جماعي للخط العربي بالعاصمة    عرض الوثائقي " آثار تخترق الزمن " حول جرائم التعذيب الفرنسي في المعتقلات خلال الثورة التحررية    استحداث مدارس عليا للأساتذة في مختلف المدن الجامعية    بنك الجزائر ينشر تعليمتين تتعلقان باعتماد البنوك الرقمية    وزارة التربية تصدر بيانا يخص مشاركة الموظفين    إحباط إدخال كميات معتبرة من المؤثرات العقلية    حل الدولتين يعد الطريق الوحيد لتحقيق السلام في فلسطين    قد تفلت منا صناعة التاريخ..؟!    ممارسة التعذيب على الجزائريين إبان الحقبة الاستعمارية    قناة "فرانس 2″تبث توليفة إعلامية تخدم أجندة سياسية محددة    الطلبة يحسّسون بأخطار المخدرات    حرب ضد مؤثّري العار والفضائح    قناة "فرانس 2" تستعين بالخونة لمهاجمة الجزائر    ترامب يلقي أول خطاب أمام الكونغرس    فضيحة اعتقال طفلة في المغرب تؤجّج غضب الحقوقيين    تكفُّل بالمرضى وضمان للمناوبات    استقرار في أسعار الخضر والفواكه    محرز: جاهزون لمباراة بوتسوانا وهذه رسالتي للجزائريين    مشكلة جديدة لبلايلي مع الترجي والإدارة تتدخل    حين يلتقي الفن بروحانية الشهر الفضيل    شهر الجود    قمتان في وهران وقسنطينة ومهمة صعبة لبلوزداد بالبيّض    معرض الجزائر للسكك الحديدية في جوان القادم    سفارة اليابان تتبرّع لجمعية أولياء الأطفال المعاقين    "قسيمتك".. منصة لاقتناء قسيمة السيارات عن بُعد    تحييد 4 إرهابيين واسترجاع أسلحة وذخيرة    32 سؤالا ل7 وزراء بالمجلس الشعبي الوطني    إنهاء مهام المدير العام ل"بريد الجزائر"    التعاون مع الصومال وموزمبيق في مجال الاتصالات    هذه تفاصيل خطّة العرب لإعمار غزّة    الرابطة الثانية – هواة /الجولة 22/ : نجم بن عكنون ومستقبل الرويسات في مهمة صعبة خارج الديار    الأغواط: حرم الخليفة العام للطريقة التجانية بعين ماضي في ذمة الله    كرة اليد/القسم الممتاز/سيدات/ تسوية الرزنامة : فوز نادي فتيات بومرداس على نادي باش جراح    رمضان شهر العتق من النيران    توزيع مزيد من السكنات في جويلية    اجتماع تنسيقي لتطويرآليات العمل المشترك لخدمة الحجاج والمعتمرين    المغرب: فضيحة اعتقال الطفلة ملاك تؤجج غضب الحقوقيين    حنان ميزول أخبار اليوم : تستهويني المرأة المُكافِحة التي ترفع التحدي وتواجه الصعوبات    فرحتان للصائم    أوبك تحيي الذكرى ال50 لقمة الجزائر التاريخية لقادة المنظمة    تصفيات كأس العالم 2026 (الجولة الخامسة): رياض محرز يؤكد جاهزية "الخضر" للعودة بالفوز من بوتسوانا    تصفيات كأس العالم 2025 (أقل من 17 سنة):المنتخب الجزائري يواصل تحضيراته لمواجهة بوتسوانا    وزير الطاقة يعرض مشروع قانون ينظم النشاطات المنجمية    وحدة المضادات الحيوية ستشرع في الإنتاج جوان المقبل    لجنة خاصة للتكفّل الأمثل بالحجّاج في المطارات    "آثار تخترق الزمن" يفتتح موسم رمضان    صلاة التراويح تحمي من الأمراض    "بنات المحروسة" و"اللي فات مات" على منصة "شاهد"    المهرجان الثقافي الوطني للعيساوة بميلة: انتقاء 14 فرقة وجمعية للمشاركة في الطبعة ال14    سعيود يترأس اجتماعا ليرى مدى تقدم تجسيد الترتيبات    رمضان فرصة لإزالة الأحقاد من النفوس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الألغام الاستعمارية بالجزائر
بشاعة الجرم تفرض الاعتذار
نشر في المساء يوم 01 - 11 - 2009

يعيد إحياء ذكرى انطلاق ثورة نوفمبر الخالدة في كل مرة الوقوف على جرائم ومجازر فرنسا الاستعمارية التي لا يمكنها أن تتنصل منها مهما حاولت مثلما تفعل عند كل مناسبة تاريخية تحتفل بها الجزائر أو عند كل مناسبة سياسية تريدها فرنسا للتغطية على جرائمها من خلال التضليل وإشاعة المغالطات التاريخية ونبش الذاكرة التاريخية للأمة الجزائرية لتحريفها قبل النيل منها.
لكن هيهات أن تقدر فرنسا على طمس حقيقة جرائمها في الجزائر لأن الكثير منها لايزال ينطق بجرمه ووحشيته، فهذا الكم الهائل من الألغام المضادة للأفراد الذي زرعت به الحدود الشرقية والغربية للجزائر أثناء الثورة وقبل تأهبها للخروج عند الاستقلال، يبقى الشاهد الأكبر الذي لا تتقادم شهادته عدم تقادم جرائم فرنسا ومجازرها في الجزائر.
إن ما كشف عنه رئيس اللجنة الوزارية لمتابعة تنفيذ اتفاقية أوتاوا حول الألغام المضادة للأفراد العقيد حسن غرابي، عشية الاحتفالات بالذكرى ال55 لانطلاق الثورة التحريرية لا يحمل فرنسا المسؤولية السياسية والأخلاقية على جريمتها هاته فقط، بل يحملها مسؤولية إنسانية تاريخية لاسيما وأنها لا تزال لحد الآن، ترفض الاعتراف والاعتذار حتى لهؤلاء الضحايا القدامى منهم والجدد الذين لايزالون يسقطون غدرا بالألغام التي زرعتها ليس فقط لجيل الثورة، بل حتى لأجيال الاستقلال.
وعندما يكشف المسؤول العسكري الجزائري في لقاء حول "تدمير الألغام المضادة للأفراد في خدمة التنمية البشرية" وأمام ممثلي منظمات تابعة للأمم المتحدة تنشط في هذا المجال، عن أن الخطين المكهربين والملغمين اللذين زرعهما المستعمر بين 1956و1959، يمثلان معدل 3،1 لغم لكل مواطن جزائري، وأن الجيش الاستعماري قام بزرع 11 مليون لغم على حدود الجزائر الشرقية والغربية. فإن ذلك يحمل طلبا أبديا من الجزائر إلى فرنسا لكي تعترف بجرائمها، وتعتذر عنها لهؤلاء الضحايا الذين بلغ عددهم في 31 ديسمبر 2008، (3236 ضحية) و(2329 معطوب).
وإذا كانت الجزائر قد قامت بمجهودات مضنية للتقليل من عدد الضحايا بتدمير 8 ملايين لغم على طول حدودها الشرقية والغربية، وتطهير ومعالجة 2531 كلم من الأراضي الواقعة على هذه الحدود، فإن فرنسا تمنعت عن مد يد المساعدة حتى ولو كانت إنسانية على عكس ما تدعو إليه الأمم المتحدة واتفاقية أوتاوا حول الألغام المضادة للأفراد، بل إن فرنسا أخذتها العزة بالإثم فواصلت جرمها في هذا المجال، عندما قدمت صيدا مسموما، تفطنت له الجزائر، وذلك خلال الزيارة الشهيرة لقائد الجيوش الفرنسي، الجنرال لويس جورجلان إلى الجزائر سنة 2007، إذ حاول تقديم بلاده بمظهر المساعد على تطهير الأراضي الجزائرية من كافة الألغام الاستعمارية الفرنسية، حينما قدم لنظرائه في الجزائر، ما أسماه بخريطة الألغام الاستعمارية.
لكن رد المسؤولين السياسيين والعسكريين الجزائريين، كان وقتها، ردا واضحا وصائبا، عندما أوضحوا أن هذه الخريطة "المزعومة"، لا تمثل كافة الأراضي الجزائرية المزروعة بالألغام الاستعمارية الفرنسية، علاوة على عدم جدواها، بعد فوات الأوان، لأن الألغام ظلت تتحرك فترة طويلة (1962-2007).
ويندرج هذا السلوك الفرنسي، بحق، ضمن منطق التهرب من الاعتراف والاعتذار، وهو المنطق الذي يركز على استراتيجية مضللة لكل ما هو حقائق تاريخية مشكلة للذاكرة التاريخية للأمة الجزائرية، تماما، مثلما فعلت مع تقديم خريطة الألغام "المزعومة" فالهدف تضليلي أيضا وليس إنسانيا، بل ضد إنساني على غرار جرائمها التي لا تقبل التقادم.
وسيظل الضحايا وذويهم، يطالبون فرنسا عند كل مناسبة من تاريخ الجزائر، بالاعتراف أولا ثم الاعتذار عن جرائمها ومجازرها وسيظل تكفل الدولة الجزائرية المستمر بهذه الفئة الواسعة جلدا لفرنسا على مسرح التاريخ والإنسانية، وشاءت أو أبت فرنسا، فإن معاناة هؤلاء الضحايا ستبقى خنجرا يقطع أنفاس فرنسا الاستعمارية ودولتها المتعجرفة التي ترفع مبادئ الحرية، الإنسانية والعدالة. تضليلا للإنسانية ليس إلا.
إن الشراكة التي أعلنتها فرنسا عبر مجلسها الوطني الاقتصادي والاجتماعي مع الجزائر عبر الكناس، من أجل مقاربة "تدمير الألغام المضادة للأفراد في خدمة التنمية البشرية"، لم تر النور بعد، لأنها لم تسجل خطوة إلى التجسيد، في وقت فضلت فيه الحكومة الفرنسية النبش في الذاكرة التاريخية للأمة الجزائرية وهي في أعز استعدادها لإحياء الذكرى ال55 لاندلاع ثورة نوفمبر المظفرة.
وعليه، ستظل فرنسا مسؤولة سياسيا وإنسانيا عن الانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية التي ما فتئت تخلفها الألغام المزروعة على طول حدود الجزائر وعلى شساعة أراضيها، فالمرض والخوف والاكتئاب والأمية والبطالة لسكان هذه المناطق كلها انعكاسات ومآس، لا يمكن لفرنسا أن تتنصل من مسؤولياتها عليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.