بعد قانون تمجيد الاستعمار الفرنسي الصادر في الثالث والعشرين من فبراير 2005 وقرار السلطات الفرنسية إدراجه ضمن برامج التعليم هاهي ذا نفس السلطات وعلى لسان كاتب الدولة الفرنسي لقدماء المحاربين هوبير فالكو تعاود الاستفزاز مرة أخرى وتضغط على الجراح بالدعوة إلى إقامة ما يسمونه معلم الموتى بمنطقة "كي برانلي" بباريس الذي سيضم أسماء كل المدنيين الفرنسيين الذين راحوا ضحية حرب الجزائر.. هكذا بكل بساطة حرب الجزائر وضحاياها المدنيون... وكأن الفرنسيين الذين سقطوا بسببها كانوا يقاومون غزاة برابرة اكتسحوا براريهم ومدنهم مثلما فعلت النازية خلال الحرب العالمية الثانية. هؤلاء المدنيون الذين يعلم القاصي والداني قصة استقدامهم من كل أقاصي العالم للاستيطان بأراضي الجزائريين بعد تشريدهم والتنكيل بهم، فهم لم يكونوا فرنسيين أصليين أمثال مونتيسكيو وفولتير وجان جاك روسو، بل كانوا رأس حربة الاستعمار ودعامتهم، وقد أرادوا إعادة انتاج التجربة الأمريكية مع الهنود الحمر. شيء آخر لا يستطيع غير الجزائريين فهمه ومعرفة بارومتر القهر والمعاناة التي كان يكابدها الجزائريون قرنا وربع قرن من الزمن وهي أنهم الوحيدون على الكرة الأرضية وفي فترة التاريخ الحديث الذين عانوا الاستعمار والاحتلال بكل بشاعته وليس الانتداب أو الوصاية كما فعل الانجليز ببلدان آسيا والمشرق أو كما عملت فرنسا نفسها في سوريا ولبنان ومع إخواننا التوانسة والمغاربة. لا أرى في فرنسا الثورة ضد الظلم وفرنسا حقوق الانسان بهذا القرار سوى أنها تخادع نفسها بإعطاء جلاديها صفة الحمل الوديع وتمنح قتلتها في الجزائر والفيتنام ورواندا وباقي مسارح جرائمها صكوك الغفران.