خرجت عدة منظمات حقوقية مغربية عن صمتها أمس إزاء استمرار انتهاكات حقوق الإنسان داخل المملكة وتواصل ما أسمته بسياسة اللاعقاب التي يواصل التعامل بها وعدم ملاحقة مرتكبي تلك الانتهاكات رغم التطيمنات التي ما انفك الملك محمد السادس يروج لها في خطاباته دون أن يقابلها التنفيذ المطلوب على أرض الواقع. وطالبت عدة منظمات حقوقية اجتمعت في مدينة مراكش أمس بضرورة وضع حد لهذه الوضعية وطالبت بفتح تحقيقات قضائية ومتابعات جزائية ضد المتورطين في تلك الانتهاكات. وقال محمد صبار الرئيس السابق لمنتدى الحقيقة والعدالة أن وضع حد لسياسة اللاعقاب اصبح ضرورة ملحة حتى يتم تفادي تكرار الانتهاكات الحقوقية ضد المواطنين المغربيين التي شهدتها سنوات الرصاص والدم، الصفة التي أصبحت تطلق على سنوات حكم الملك الحسن الثاني من 1960 إلى 1999. وجاءت هذه المطالب بمناسبة انعقاد المؤتمر الثالث لهذا المنتدى بمشاركة حوالي 500 حقوقي مغربي والعديد من ضحايا تلك الانتهاكات وعائلات المفقودين الذين قتلوا تحت التعذيب في زنزانات السجون المغربية. وأعاب المشاركون في هذا المنتدى الذي ستختتم أشغاله اليوم بعد ثلاثة أيام من النقاشات الحادة استمرار انتهاكات حقوق الإنسان وأيضا عدم طي كل ملفات ضحايا الانتهاكات الحقوقية في المغرب رغم الضجة التي أحيطت حول هذه القضية مباشرة بعد تسلم الملك محمد السادس العرش الملكي بعد رحيل والده، ولكن الكيفية التي تمت بها تسوية العديد من الملفات لم تلق الإجماع من طرف الحقوقيين المغربيين الذين طالبوا بضرورة معاقبة المتسببين في تلك الانتهاكات. وهو ما جعل المنتدى يضع شعار "لن نتنازل" في تلميح واضح إلى أنهم لن يتراجعوا عن مطلبهم بوقف الانتهاكات وبصفة خاصة سياسة اللاعقاب التي تواصل السلطات المغربية انتهاجها في التعامل مع مقترفي تلك الانتهاكات. وتميزت أشغال المنتدى برفع صور ضحايا الانتهاكات الذين قتلوا تحت التعذيب أو اختفوا في ظروف غامضة ولم يتم إلى حد الآن تحديد الجهات التي اغتالتهم ولا الظروف التي اعدموا فيها، بالإضافة إلى شعارات أجمعت كلها على تقديم تعويضات لهؤلاء الضحايا وعائلاتهم وحتمية تقديم السلطات المغربية لاعتذار رسمي على الأضرار الجسدية والمعنوية التي لحقت بهم. وذهب المشاركون في أشغال هذا المنتدى الحقوقي بضرورة إخضاع أجهزة الأمن المغربية لمراقبة الحكومة والبرلمان وعلى حتمية تطبيق الحكومة لكل اللوائح التي أصدرها منتدى العدالة والمصالحة وهي الهيئة التي تشكلت مع مجيء الملك محمد السادس لإصلاح أضرار والده ولكن نتائج عملها لم تلق الإجماع المرجو بعد أن أكد حقوقيون مغربيون أن الهيئة مجرد وسيلة تبناها النظام المغربي من اجل طي صفحة سوداء في تاريخ المملكة المغربية والتخلي عن مطالبة السلطات بمتابعة المتورطين في الاختفاءات القسرية أمام المحاكم والاقتصاص منهم على الجرائم التي اقترفوها. وقالت خديجة رياضي رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بضرورة إقامة دولة القانون في المغرب بقناعة أن تجاوزات غاية في الخطورة مازالت مفتوحة إلى حد الآن والصفحة لم تطو بعد. بينما عبر عبد الحميد أمين منسق الجمعيات الحقوقية المغربية عن أمله في كلمة ألقاها أمام المشاركين بالمصادقة على لائحة تدعو إلى تدعيم التعاون بين مختلف الجمعيات للضغط على الحكومة من اجل إنصاف ضحايا سنوات الدم والرصاص.