فشلت مبادرة علاء مبارك في إزالة الاحتقان بالملاعب المصرية، وتبين من خلال ما حدث بالإسماعيلية في أعقاب قمة الأهلى - الإسماعيلي، أنها بدون قيمة وأن جماهير ملاعب أم الدنيا ليست ملائكة ولا هي قادمة من الفردوس، وذلك بالرغم من إسهاب الصحافة الرياضية المصرية في التطبيل لهذه المبادرة، وكانت بوادر فشلها بادية للعيان في قمة الأهلى - الزمالك، بعد أن فضلت جماهير القلعتين الحمراء والبيضاء، رفع راية ناديهما في المقام الأول، ثم جاءت قمة الإسماعيلية لتكرس فشل المبادرة التي سعى صاحبه هذه المرة إلى التخفيف من حدة الكراهية بين أنصار الفريقين. جمهور يستقبل ويودع ضيوفه بالطوب ... إذ حدثت في هذه القمة أشياء غير سارة، فاجأت الرئيس المفترض لاتحاد الكرة المصري، وتبين له أن الجمهور المصري اعتاد فعلا استقبال ضيوفه بالحجارة وتوديعهم بالطوب عوض الورود والقبلات، حيث تم الاعتداء على حافلة نادي الأهلي بالطوب والحجارة في الإسماعيلية، وحاول الإعلام المصري التستر على الفعل حتى لا يصدم صاحب المبادرة، وحتى لا تفضح غطرسة هذا الجمهور المتعود على مثل هذه الممارسات وفي كل الظروف والمناسبات، في غياب الانضباط والروح الرياضية. كما كشفت قمة الأهلى - الاسماعيلي، أن الكرة المصرية تدار في الكواليس ونتائجها يتحكم فيها أصحاب النفوذ، وهنا يكمن السر في زيادة حالة الاحتقان والشعور بالظلم عند جماهير بعض الأندية، التي تشكو بلطجية الاتحاد المصري بقيادة سمير زاهر الذي يعمل لصالح النادي الأهلي الأكثر نفوذا وشعبية في مصر. المعتصم يفضح ممارسات الأهلي وقد فجر لاعب الإسماعيلي سالم المعتصم في نهاية مباراة الأهلي - الإسماعيلي قنبلة مدوية، حين أشار إلى أن حسام البدري المدير الفني للأهلي قام بتهديد حكم المباراة جهرا وعلى طريقة الجماهير وبعبارات سوقية تحريضية، مما أثار الكثير من الجدل حول هذا التصريح، الذي كشف عن زيف الذين يدعون بأن الكرة المصرية تدار بعقلية دكاترة ومنهدسين وأطباء و يحالون إظهارها على أنها سليمة من كل الشوائب. تصريحات المعتصم التي عرت باعة الأوهام، واكبتها حملة شرسة موجهة ضده من قبل بعض وسائل الإعلام المصرية التي تصب عادة في خانة الأهلي واعتبرتها غير مسؤولة، بل ان هذه الصحافة وجدت فيها فرصة للتهرب من الخوض في الاعتداء على حافلة لاعبي الأهلى، وهو الاعتداء، الذي كما أشرنا، أفشل مبادرة من أراد تعليم المصريين كيف يحبون مصر. وتقول آخر الأصداء بأن هناك نية في الاتحاد المصري للجم المعتصم حتى لا يخوض مستقبلا في طابوه كهذا، في حين تقول أصداء أخرى أن إدارة نادي الإسماعيلي حذرت من مغبة تسليط أية عقوبة على فريقها أو التعرض للاعبها المعتصم على ضوء تصريحاته، التي توحي بأن النادي الأهلى الذي تراجعت نتائجه في الأسابيع الفارطة، يحظى دوما بتواطؤ الجهات الفاعلة التي ترتب له النتائج وتؤثر على الحكام وتفشل خصومه الأقوياء بالعقوبات والغرامات. وبالمقابل، تعالت عدة أصوات تقول لابد من إسقاط قاعدة حلال على الأهلي حرام على غيره، لتضع النقاط على الحروف، وتؤكد للرأي العام الرياضي وغير الرياضي، بأن الكرة المصرية مغشوشة وتعيش على السيروم، وقد تبين من سقوط منتخبها أمام الجزائر، بأنها لعبة كواليس بالدرجة الأولى، فهي اختارت لتلك القمة التي لعبت في الخرطوم جمهور الدرجة الأولى المكون من الفنانين والفنانات والذي يخاف من ظله، والمشهد يعرفه العام والخاص، واختارت لقمة القاهرة بين المنتخبين جمهور الدرجة الثالثة الذي يستقبل ضيوفه بالطوب والحجارة والسب والشتم، وتبين من خلال قمة الإسماعيلي وفي غياب المشاهد السينمائية، أن الجمهورالكروي المصري لا ضوابط له وهو لا يختلف عن جماهير الدرجة الثالثة في أي بلد من بلدان العالم، لكن مع الأسف تقف الكاميرات عاجزة أمام تصرفاته العنيفة. وشكرا لجمهور الإسماعيلي الذي أظهر الحقيقة وبين للعالم أن رمي الطوب على الحافلات اختصاص مصري بأمتياز. أما إذا أراد علاء مبارك الذي يعد أشهر مواطن مصري، أن تنجح مبادرته في حب مصر ونبذ العنف، فعليه أن يترك الكاميرات تشتغل لتظهر له حقائق الأشياء كما هي، ليستطيع بذلك أن يختار السيناريو الحقيقي لفيلمه القادم، ويعرف كيف يوفق في اختيار الممثلين، لأن الذين ذهبوا إلى الخرطوم أصبحوا يفكرون في التوبة، وبالتالي فهم يرفضون مستقبلا تقمص دور جمهور الملاعب.