دعا رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أول أمس بكوبنهاغن إلى احترام المبادئ الأساسية للاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية، ولاسيما ما تعلق منها بالمسؤولية المشتركة بالتباين، مشددا في السياق نفسه على ضرورة أن تفي البلدان المصنّعة بالعهود التي قطعتها على نفسها طبقا لما تضمنته الاتفاقية المذكورة. وأبرز السيد بوتفليقة في كلمته خلال القمة الدولية حول التغيرات المناخية أهمية مبدأ المسؤولية المشتركة بالتباين التي اعتمدتها الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية، معتبرا هذا المبدأ جوهريا، ودعا بالمناسبة البلدان المصنعة إلى الوفاء بالتزاماتها وبالعهود التي قطعتها على نفسها، أخذا بما جاءت به الاتفاقية والبروتوكول من حيث تحويل التكنولوجيا والتمويل وتعزيز القدرات لمساعدة البلدان النامية وتمكينها من تحمل عبء التكيف مع التغيرات المناخية. واعتبر رئيس الجمهورية الوفاء بهذه الالتزامات واجبا شرعيا وتضامنيا، وفرضا يمليه الترابط بالتبعية، لا سيما وأن التغيرات المناخية تتخطى الحدود، مذكرا بالمناسبة بأن الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية وضعت بدقة وبتبصر المبادئ الأساسية التي ينبغي أن تقود المسعى الدولي في هذا المجال، وحددت بكل جلاء مسؤوليات كل طرف. كما أكد على ضرورة أن يحظى التحدي الذي تفرضه التغيرات المناخية على البشرية جمعاء اهتمام كل بلد من بلدان العالم، من خلال العمل على وضع الحفاظ على المعمورة فوق الأنانيات الوطنية وفوق المصالح الضيقة، داعيا بالمناسبة إلى جعل قمة كوبنهاغن مرحلة جديدة للتصدي جماعيا للتحديات غير المسبوقة التي تفرضها التغيرات المناخية على البشرية، وقمة تاريخية أخرى بعد قمتي "ريو" في 1992 و"كيوتو" سنة 1997، لا سيما وأن "الإنسان لم يسبق له أن هدد بهذا القدر بنشاطه منظوماته البيئية وموارده ومن ثمة بقاءه"، علاوة على أن التغيرات المناخية تشكل التحدي الأكبر الذي يتعين مواجهته خلال هذا القرن. وابرز السيد بوتفليقة الاهتمام الكبير الذي توليه المجموعة الإفريقية لمسألة التغيرات المناخية، مذكرا باحتضان الجزائر في نوفمبر 2008، لندوة وزراء البيئة الأفارقة التي أتاحت صياغة موقف إفريقي مشترك حول هذه المسألة، وكذا بقرار البلدان الإفريقية إدراج التغيرات المناخية ضمن مخططاتها التنموية الوطنية وشبه الجهوية والجهوية، والتي تعول في إنجاحها على مساندة المجموعة الدولية. كما أشار إلى أن الجزائر التي تواجه من جهتها آثار التغيرات المناخية التي تتسبب في تفاقم ما تعاني منه من تصحر، اعتمدت بعد التنمية المستدامة في مخططاتها التنموية حرصا منها على التقليل من انبعاثاتها من الغازات المسببة للاحتباس الحراري، واتخذت الإجراءات المتوخية تحسين النجاعة الطاقوية، مع تبنيها سياسة لترقية الطاقات المتجددة والجعل من تكنولوجية حبس وجمع ثاني أوكسيد الكربون، عنصرا محوريا في سياستها الوطنية في مجال التغير المناخي. ومن جهته أكد السيد مراد مدلسي وزير الشؤون الخارجية في تصريح على هامش أشغال قمة "كوبنهاغن" على ضرورة أن تخرج الندوة العالمية حول التغيرات المناخية بالتزامات واضحة، في مجال الحد من الغازات المسببة للاحتباس الحراري، مشيرا إلى أن هذه الالتزامات ينبغي أن تتكفل بها أساسا الدول المتقدمة. وفي حين أوضح أن هذه الالتزامات تشمل أيضا مجال المساندة المالية والتكنولوجية لصالح الدول النامية والدول الإفريقية، أكد السيد مدلسي انه يتعين على القمة كذلك الحفاظ على مكاسب اتفاق "كيوتو" مع تطوير الأعمال الكفيلة بالوقاية من خطر التغيرات المناخية وآثاره الكارثية على كوكب الأرض وعلى القارة الإفريقية على وجه الخصوص. وأشار وزير الخارجية إلى أن الجزائر تبذل كل ما بوسعها من أجل الحفاظ على انسجام القارة الإفريقية بخصوص هذه المسألة. تجدر الإشارة إلى أن الجزائر تشارك في قمة "كوبنهاغن" بصفتها بلدا معنيا بالتغيرات المناخية ولا سيما منها ظاهرة التصحر، كما تشارك بصفتها رئيسة المفاوضين الأفارقة للدفاع عن الموقف الإفريقي الذي أعد بمناسبة اجتماع وزراء البيئة الأفارقة بالجزائر في2008. وفي سياق متصل أعلن السيد جان بينغ رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي أمس بكوبنهاغن أن إفريقيا ستحظى بمفاجئة سارة في ختام المفاوضات المتواصلة في أشغال الندوة العالمية ال15 حول المناخ، وعبر في تصريح للصحافة عن توقعه لمفاجأة سارة في ختام الأشغال، قائلا بأن "الاتفاق الذي سيتوج المفاوضات جد هام بالنسبة لإفريقيا". واعتبر السيد بينغ أنه لا يمكن القيام بأي شيء إذا لم تقدم الدول المتطورة مساهمات مالية، مقابل بذل الجهود الرئيسية من قبل إفريقيا، مشيرا إلى انه حتى وإن لم يتم إبرام اتفاق حسب رغبة دول القارة، فإن المهم هو التوصل إلى اتفاق سياسي يسمح بتطبيق خارطة طريق في أقرب الآجال للتوصل إلى اتفاق ملزم قانونا في غضون 6 أو 12 شهرا. وفيما ذكر السيد بينغ بأن إفريقيا غير مسؤولة عن التغيرات المناخية فضلا عن كونها قارة جد هشة ومعرضة مباشرة للتغيرات المناخية، جدد استعداد دول القارة للمضي مع العالم بأسره في الإجماع الخاص بالتقليص والتكييف وتحويل التكنولوجيات والتمويل، أبرز أهمية الدور الذي تلعبه الجزائر التي تترأس المجموعة الإفريقية، قائلا في هذا الصدد أن "الجزائر في المستوى، وكان لها دائما دور رئيسي في المسائل المتعلقة بالبيئة". وتحاول الدول المشاركة في محادثات كوبنهاغن حول تغير المناخ التوصل إلى اتفاق جديد يحل محل بروتوكول "كيوتو" حول المناخ الذي ينتهي العمل به نهاية عام 2012 واعتماد مساعدات مالية لمساعدة الدول النامية على مواجهة التأثيرات الكارثية للتغيرات المناخية كالفيضانات والجفاف وغيرهما من الظواهر. وقد اتفق ممثلو 30 دولة بالندوة أمس على مسودة بيان ختامي لقمة "كوبنهاغن" تدعو إلى منح الدول الفقيرة 100 مليار دولار سنويا لإعانتها على التصدي للتغيرات المناخية إلى غاية عام 2020، كما تدعو مسودة البيان حسبما ذكرته مصادر إعلامية إلى الحيلولة دون ارتفاع حرارة الأرض أكثر من درجتين مئوية مقارنة بما قبل المرحلة الصناعية. وجدد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في الكلمة التي ألقاها أمس أمام المشاركين في القمة دعوته لضرورة التوصل لاتفاق حول المناخ، مشيرا إلى أن الوقت حان للاتحاد على عمل مشترك، من أجل مستقبل أفضل للإنسانية وبيئة أفضل للعالم.