جدّد الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني السيد عبد العزيز بلخادم دعوة حزبه فرنسا لتقديم اعتذار رسمي للشعب الجزائري وتعويض ضحايا احتلاله لأكثر من قرن من الزمن، وانتقد بشدة أطروحات اليمين الفرنسي التي تروّج لوجه حضاري للاستعمار، ومن جهة أخرى وبخصوص الحياة الحزبية أكد أنّ المؤتمر التاسع للأفلان لن يكون عاديا كونه سيسمح بالتأسيس لمرحلة جديدة في حياة الحزب. ألقى السيد بلخادم لدى ترؤسه أمس أشغال اللجنة الوطنية لتحضير المؤتمر التاسع للحزب المقرر عقده في الثلاثي الأول من العام القادم كلمة ضمنها شطرين، الأول يتعلق بالجانب التاريخي والعلاقات الجزائرية الفرنسية والشطر الثاني حول الحياة الداخلية للحزب وبالتحديد ما هو منتظر تحقيقه من المؤتمر. وفي هذا السياق دعا الحكومة الفرنسية مجددا للاعتذار عن جرائم فرنسا الاستعمارية في الجزائر وقال إنّ الذين ورّثوا الاحتلال الفرنسي "يستوجب عليهم الاعتذار وتعويض الشعب الجزائري عما تعرّض له طيلة أكثر من قرن من الزمن". وانتقد بشدة أصحاب الأطروحات والمقاربات التي تروج للوجه الحضاري للاستعمار وقال ان هناك بعض المنتسبين الى الاحتلال يحاولون إضفاء بعض المصداقية وينسبون لهذا الاحتلال بعض المحاسن ولكن "هيهات ان يكون ذلك، فالشعب الجزائري جُرّد من دينه ولغته وإنسانيته، وهذا هو الوجه الحقيقي للاستعمار". وحسب الأمين العام للأفلان فإن الاستعمار مباشرة بعد احتلاله الجزائر شرع في بناء منشآت الغرض الوحيد منها هو نهب وسلب ثروات الجزائر، وأشار إلى أن الجزائر اليوم ليس لها أي خلاف مع الطرف الفرنسي فموضوع الخلاف هو مع نظام الاحتلال الذي داس لأزيد من قرن من الزمن جميع مقومات الشعب الجزائري. واغتنم الأمين العام للأفلان دعوته فرنسا للاعتذار ليوجه تحية تقدير إلى المجاهدين والشهداء الذين تمكنوا رغم اختلاف وجهات نظرهم في "جعل الاستقلال الهدف الأسمى وكان لهم ذلك". ولدى تناوله القضايا الداخلية ركز السيد بلخادم الحديث عن تحضير المؤتمر التاسع للحزب باعتبار أنّ اجتماع اللجنة الوطنية التحضيرية يأتي بغرض استكمال نصوص ولوائح تحسبا لهذا الموعد، ووصف الأمين العام للأفلان المؤتمر ب"غير العادي" باعتباره موعدا يتسم بالأهمية القصوى ويأتي بعد مرحلة جمع الشمل وتحقيق الوحدة" وتوقع أن يساهم في "التأسيس لمرحلة جديدة ورؤى ومناهج وأساليب عمل لا تقتصر فقط على الجانب النضالي بل تقترن بروح المسؤولية التي تجعل مصلحة الحزب فوق كل المصالح الأخرى الذاتية أو الجهوية أو العشائرية". وأوضح ان العمل الذي قامت به اللجنة الوطنية لتحضير المؤتمر القادم "سيعطي نقلة نوعية تنعكس ايجابيا على عمل الحزب المستقبلي الذي يهدف بالدرجة الأولى الى توسيع القاعدة النضالية لتستقطب الشباب والنساء وكل الكفاءات والطاقات مما يحقق للحزب المزيد من الانتشار في الساحة الوطنية". ودعا بلخادم مناضليه إلى جعل المؤتمر التاسع محطة لبناء تصور إيديولوجي يرتكز على قناعات قادرة على جعل الحزب أكثر وضوحا في الممارسة السياسية. وجدد في سياق الحديث عن توجهات الحزب عن تمسك الأفلان بدعم برنامج رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة باعتباره السبيل الوحيد لإخراج البلاد من الأزمة. ولم يفوّت السيد بلخادم الفرصة لإبراز قوة حزبه في الساحة السياسية خاصة على بعد أيام فقط من انتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة، وانتقد بصفة ضمنية الاتفاق الموقع مؤخرا بين التجمع الوطني الديمقراطي وحزب العمال تحسبا لانتخابات مجلس الأمة، وأشار إلى أن الأفلان حزب "ليس كالأحزاب الأخرى، وهو ليس وليد مرحلة وظروف معينة أو وليد اعتماد من وزارة الداخلية، بل هو حزب عريق بمرجعيته وأهدافه وهو بذلك مرجعية للتشكيلات الأخرى". وكان السيد بلخادم أشرف أمس على أشغال اللجنة الوطنية لتحضير المؤتمر التاسع للحزب التي جرت في جلسة مغلقة خصصت لعرض تقارير سبع لجان، منها لجنة القانون الأساسي، والقانون الداخلي ولجنة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية. وينتظر أن تصادق الهيئة التنفيذية والمجلس الوطني على تقارير اللجان السبع في اجتماعه اليوم والذي يمتد الى غاية الأربعاء القادم، قبل ان يتم عرضها على القواعد لإثرائها تحسبا لعقد المؤتمرات الجهوية التي تفتح المجال لانتخاب المندوبين للمؤتمر. وذكرت مصادر شاركت في الاجتماع المغلق للجنة الوطنية أن مقترح القانون الأساسي يتضمن العودة الى الهيكلة القديمة، أي الى نظام اللجنة المركزية والمكتب الوطني مع التخلي عن الأمانة التنفيذية والهيئة التنفيذية والمجلس الوطني وهي الهيئات التي تم استحداثها في المؤتمر الثامن للحزب. ورشح المصدر أن يتم اللجوء الى توسيع صلاحيات الأمين العام للحزب على نحو يمكنه من تعزيز سلطته التنفيذية داخل الحزب. وسئل السيد سعيد بوحجة الناطق باسم الحزب عن حقيقة هذا التوجه داخل اللجنة الوطنية لتحضير المؤتمر فقال ان الوقت سابق لأوانه دون ان ينفي ذلك. ومن جهة أخرى تتوقّع مصادر من داخل الحزب أن يحتفظ السيد بلخادم بمنصبه في الأمانة العامة للحزب بالنظر إلى غياب أي مرشح بإمكانه أن ينافسه لتولي هذا المنصب.