أجمع جل الزملاء الذين استوقفتهم " المساء" عن واقع الصحافة الرياضية، أن الكلمة باتت مجرد وسيلة للابتزاز تارة، وللارتزاق تارة أخرى، وشددوا على ضرورة إعادة الاعتبار إلى هذا الكيان الإعلامي الهام الذي يمثل الركيزة الأساسية للنهوض بالحركة الرياضية، من خلال كشف الحقائق بعيداً عن المجاملات والتلميح والانجرار وراء التفاهات، التي قال عنها من التقيناهم، بأنها سبب البلاء ومكمن الداء الذي أصاب جزءا كبيرا من الإعلام الرياضي وأوصله الى ما هو عليه اليوم في وضع يشكو فيه حاله ويبحث عن ذاته. مرحلة ترويض البداية كانت مع الزميل رفيق وحيد من " الخبر"، الذي أشار إلى أن حال الإعلام الرياضي الجزائري هذه الأيام، لا يختلف عن حاله في السنوات الماضية، وأصبح اليوم يبتعد بشكل ملحوظ عن "الانزلاقات" والإثارة المفرطة التي لا تستند إلى المعايير الصحفية الجادّة والنّقد البنّاء والتعاطي مع المعلومة دون تزييف للحقائق. وأضاف قائلا : "معلوم أن الإعلام الرياضي الجزائري حقّق قفزة نوعية ودخل مرحلة أخرى في مشواره في الألفية الجديدة مع بروز الأسبوعيات الرياضية المتخصّصة في كرة القدم بشكل خاص، وأصبحت الأسبوعيات تقود سفينة الإعلام الرياضي في الجزائر لفرضها وتيرة متسارعة على اليوميات التي لم يكفها عدد صفحاتها المحدودة في الرياضة لتناول المواضيع الكروية ونشر الحوارات بإسهاب، ودليل هذا الطرح، أن الجماهير التوّاقة إلى كرة القدم، أضحت تقبل على مقالات الإعلاميين المتخصصين في كرة القدم، وتميل إلى اقتناء الجرائد الأسبوعية ب"شراهة"، لما تجده من ثراء في المواضيع وكمّا كبيرا من المواد الصحفية المعروضة، ما جعل الصحف المتخصصة تنتقل من الصدور الأسبوعي الواحد إلى الصدور مرتين ثم ثلاث مرّات في الأسبوع لتصبح يوميات متخصّصة في كرة القدم". واستطرد موضحا : " بين (الصراع) الإعلامي والطرح الجديد للجرائد المتخصّصة، أصبح القارئ متعلّقا ب(جديد) الإعلام الرياضي، وأضحى من يوم إلى آخر، (يستهلك) كل ما يقدّم له من مواضيع إعلامية، حتى وإن كانت في غالبيتها، في ذلك الوقت، تحمل في طياتها أهدافا لا تمت بصلة إلى أخلاقيات المهنة، وجادت عليه الصحف بإثارة من نوع خاص تحمل السبّ والشّتم والحوارات المفبركة، بل بلغ الأمر درجة التحريض على العنف بالمقالات والصّور، ونشر المعلومات المغلوطة، تحت غطاء (السبق الصحفي) أو استباق الأحداث، من باب أن ليس كل ما يقوله المسؤولون حقيقة، وأن الإعلام الرياضي الجديد عليه التحلّي ب(الفطنة) والقراءة بين السطور والبحث عن مصادر معلومات (موثوقة) تخدم نزعة الإعلاميين المتخصّصين، ولا تكون بالضرورة من المصادر الرسمية". واعترف رفيق، أن حجة الإعلام الرياضي الجديد، في خضمّ مرحلة تطوّره الجديدة، مقبولة وصحيحة ولها ما يبرّرها في كثير من الأحيان، إلاّ أن الواقع أكد بأن ذلك يدخل في نطاق "كلمة حق يراد بها باطل"، فقد طغى المكسب التجاري على الصحف المتخصّصة، وأصبحت تتفادى قدر الإمكان مسبّبات فشل الجرائد المتخصّصة في الألفية السابقة، وتحاشت الاعتماد على نفس السياسة التي كانت تخلو عادة من الإثارة، اقتناعا منها أن القارئ يعشق كل ما هو مثير وينفر من التقديم الكلاسيكي والروتيني للمعلومات والحوارات، على حد تعبيره. وأشار إلى أن هذه المعطيات هي التي جعلت الإعلام الرياضي في الجزائر متهم بإثارة الفوضى وافتعال المشاكل للأندية، وأحد أسباب تراجع كرة القدم الجزائرية وضعف مردود اللاّعبين الذين صوّرتهم قبل بداية كل موسم في نفس صورة نجوم اللاّعبين العالميين، وجعلت قيمتهم تبلغ الملايير دون أن يضمن أي فريق محلي لاعبا متميزا واحدا للمنتخب الوطني، كل ذلك - يوضح رفيق - "حدث في عشر سنوات على ميلاد الصحف المتخصّصة، التي أخلطت كل أوراق الصحافة الرياضية في الجزائر، بسلبياتها وإيجابياتها، ومع مرور هذه الفترة، أضحى القارئ أكثر نضجا وأصبح يميّز بين الخبر الصحيح وبين الإثارة الزائفة، ما أحرج الجيل الجديد المنتمي إلى المنابر الإعلامية الرياضية حديثة النشأة، حيث اقتنعت أن (الخط الإفتتاحي) المبني على كل ما هو (غير عاد)، لم يعد يستهوي كل الفاعلين في الكرة الجزائرية وحتى الأنصار". لكن رغم ذلك، بدا وحيد متفائلا بمستقبل المهنة، عندما قال : "لا نقول إن الإعلام الرياضي الجزائري عليه الانتقال من النقيض إلى النقيض، فمن الخطأ أن يصبح بوقا للمسؤولين الرياضيين في الجزائر، إنما نقول بضرورة التحلّي بالاحترافية، من خلال نقل المعلومات الصحيحة ومحاربة كل أشكال العنف والتعصّب الكروي والاستثمار في العامل البشري، ونعني به الصحفي، بجعله في ظروف اجتماعية مريحة وتوفير كل إمكانات العمل له والتواجد دائما بالقرب من مكان الحدث، وضمان مصادر معلومات ذات مصداقية، وهو الشيء الحاصل في الوقت الحالي". من سيئ الى أسوإ في المقابل، رسم نجيب جودي رئيس التحرير جريدة "الملاعب"، صورة قاتمة للإعلام الرياضي قائلا أنه لم يعد وجود للإعلامي الفطن الذي بإمكانه أن يساهم في تطوير المنظومة الرياضية.وأضاف قائلا : " واقع الإعلام الرياضي في الوقت الراهن في أدنى مستوياته ولم يطرأ عليه آي تحسن، بل زاد تدهورا حتى أصبح يجمع الغث والسمين. أنا لا أنافق، إنها حقيقة وما نقرأه يوميا من أخبار وحوارات مفبركة هو جزء من هذه الحقيقة المرة ". وتوقع نجيب تدهور الوضع أكثر في الفترة المقبلة في ظل طغيان الربح التجاري على حساب أخلاقيات المهنة. منبر للشتم والابتزاز والمدح المشبوه بالنسبة لمحمد. ش مدير تحرير يومية "لو تانتيك " السابق، يعد الإعلام الرياضي هو المرآة العاكسة للحركة الرياضية التي لا يمكن أن تنهض من دون إعلام فعال ومؤثر يقول للمصيب أصبت وللمخطئ أخطأت، لكن يبقى ذلك مجرد كلام فقط، في ظل واقع مر قائلا: " للأسف الشديد وجود الكم الهائل من الصحف الرياضية والملاحق المتخصصة بات منبرا للشتم والسب أو الابتزاز أو المدح المشبوه باستثناء القليل ". و تابع متحسرا: "الآن كل شيء يسير عكس التيار وأصبح الذي يعمل بصدق هو المخطئ والمخطئ هو الذي يسير على الطريق السليم، وهذا ليس رأياً شخصياً، بل هو الواقع الذي نعيشه حالياً ونتمنى أن يتغير وهذا لن يتم إلا بإعادة النظر في الإعلام الرياضي وهيكلته".