حل أمس المنتخب الوطني بمدينة كابيندا الواقعة على بعد 470 كلم شمال لواندا العاصمة، وتدرب مساء ابتداء من الساعة الخامسة، ولم تجد عناصره صعوبات في التكيف مع المناخ السائد في هذه المدينة التي رحبت بهم من خلال نظرات الناس التي تعبر عن إعجابها ب "لي موندياليست " في إشارة إلى زياني، يبدة، بوقرة، مغني وغيرهم من لاعبي المنتخب الذين ذاعت شهرتهم في كل مكان. رحلة المنتخب الوطني التي تمت جوا لم تدم طويلا، حيث استغرقت حوالي 40 دقيقة التحق بعدها كومندوس سعدان بمقر إقامته بقرية كابوسونغو الرياضية، وبعد فترة راحة التحق في المساء بملعب شيازي، حيث تم التعرف على طبيعته من خلال المران الذي تم. ويبدو ان الطاقم الفني قد يجد صعوبات جمة في اختيار التعداد الأنسب، لأن كل اللاعبين اظهروا استعدادات كبيرة، الى درجة انه بات من الصعب على المتتبع للتدريبات، ان يعرف من سيكون أساسيا او احتياطيا، كما نلمس ذلك أيضا في تصريحات هؤلاء اللاعبين الذين نادرا ما تجد من يشكو من إصابة أو توعك، بمن فيهم من كان يعاني فعلا، مثلما هو حال مغني او شاوشي الذي احدث في الأيام الثلاثة الفارطة حالة طوارئ، أرغمت المدرب الوطني على رفع وتيرة تحضير الحارس الثاني زماموش، فيما أجبرت الطاقم الطبي على تكثيف العلاج للحارس شاوشي، ليستعيد عافيته بعد ان اشتكى من آلام حادة في الظهر. مثل هذه الوضعيات بقدر ما أزعجت المدرب رابح سعدان، بقدر ما وفرت له البدائل التي هو في حاجة إليها، لذلك لم يبق أمامه إلا التفكير في الخطة التي لن تضبط إلا على ضوء الحصة التدريبية المبرمجة مساء اليوم السبت، حيث تتضح الرؤية أكثر، وعلى ضوء ذلك يقرر من سيكون الحارس في مباراة كوت ديفوار وأين سيكون موقع عنتر يحي أو مغني، وهل سيحتفظ بالتشكيلة التي لعبت مباراة انغولا وأظهرت استعدادات كبيرة. الأوراق سرية وسلاح المعركة لن يكشف للصحافة هذه الأسئلة التي تطرح قبل 24 ساعة من المواجهة، ولا احد قادر على الإجابة أو تقديم ملامح التشكيلة، ومن الصعب على أي مدرب ان يكشف سلاحه لخصومه وللمتربصين به قبل المعركة، وسعدان الذي خبرته الملاعب وتعرفه الصحافة جيدا، متكتم ومتحفظ ويجيد لغة المراوغة في المواقف الحرجة، ومن هنا يمكن القول ان أي حديث عن التشكيلة المحتملة للقاء كوت ديفوار يبقى مجرد تخمينات وتسريبات لمجرد تغليط الخصم أو من اجل البحث عن السبق الصحفي او ربما خلق بعض الأجواء التي تربك التعداد. وقد أبدى المدرب الوطني تحفظه في الحديث عن رتوشات أخر لحظة، لأنه كما قال يملك تصورات عديدة لمواجهة الخصم وهو يجتهد في ضبط انسب خلاصة، بعد ان توفرت له كل الأوراق، خاصة من حيث جاهزية اللاعبين بدنيا وذهنيا، وبعد تحررهم من ضغط الدور الاول الذي كان بالنسبة إليهم أشبه بمعركة موت أو حياة. الكل يريد اللعب والكل جاهز.. مشكلة أما إذا حاولنا قراءة ما يدور في مخيلة كل لاعب، فإننا نلمس فعلا ان لاعبينا قد تحرروا من كل ضغط، وان هاجس الإصابة قد ابتعد هو الآخر، إذ نجد مثلا اللاعب عنتر يحيى يقول " انا جاهز للعب وقد شفيت تماما من الإصابة وتدربت بانتظام "... وحتى الحارس زماموش بدا هو الآخر في أوج استعداده البسيكولوجي، بعد ان حضره الطاقم الفني لسد أي فراغ تحدثه إصابة الحارس الأساسي شاوشي. كما يلاحظ ان المهاجمين غزال وزياية تدربا بكثافة، إلى درجة ان الاول قال : " عدادي جاهز للتسجيل هذه المرة، والمنتخب الإيفواري لا يخيفني، لأننا دخلنا بالفعل في مرحلة الجد التي لا يخوضها إلا الكبار ". أما زياية فهو كمن ينتظر فرصته للتأكيد بأنه هداف عالمي يجب ان تحتاط منه كل الدفاعات. ويبدو اللاعب بوعزة أكثر تصميما ليكون أساسيا بعد الأداء الكبير الذي قدمه في لقاء أنغولا، حيث لعب في كل الاتجاهات، دعم الهجوم ومال إلى خط الوسط ووجدناه مدافعا شرسا، وهي خصائص قلما تتوفر في لاعب واحد، وربما هذا ما جعل المدرب الوطني يقول ان بوعزة مكانه في أي تشكيل لأنه لاعب متكامل. كتلة زياني.. تلعب في كل الاتجاهات وبالمقابل، تبدو كتلة الوسط التي ينشطها اللاعب كريم زياني في وجود يبدة الذي يعد واحدا من ابرز وجوه"الكان" في الدور الاول، إلى جانب مطمور صاحب النزعة الهجومية، وكذا القائد يزيد منصوري الذي يشبهه البعض بحامل الدلو أو صمام الأمان، أكثر الخطوط استقرارا، وهي بعيدة من الإصابة ولم تدخل العيادة إلا نادرا، خاصة و ان كل هؤلاء اللاعبين أكدوا جاهزيتهم، إلى درجة أن حسن يبدة مثلا قالها صراحة " لقد جئنا إلى كابيندة لنفوز على كوت ديفوار ولا شيء يخيفنا عند اللقاء بنجومه الكبار. ويقول صانع الألعاب زياني " مهمتي صنع اللعب وأدرك أن رفاقي في حاجة إلى خدماتي وسأكون عند حسن الظن.. كما انني واثق من أن رفاقي يحدوهم نفس الشعور، أي اللعب من أجل الفوز بالمباراة القادمة". الدفاع.. الاختيارات ثابتة وعنتر قد يكون أساسيا لأول مرة وتبقى مهمة المدافعين صعبة، انطلاقا من الحراس شاوشي أو زماموش أو ثالثهما أوسرير، كما تبقى مهمة الصخرة بوقرة أصعب، لأنه سيواجه دروغبا بالدرجة الأولى، وذلك على غرار الظهيرين العيفاوي الذي رسم في منصبه الجديد بعد الذي أظهره في اللقاءات الفارطة، وكذا زميله بلحاج الذي بقى هو الآخر من الأوراق المهمة في أي تشكيل يضعه سعدان، وهو مطمئن لدوره بالرغم من بعض النزوات التي تطبع سلوكه في التعامل مع الكرة، حيث يميل الى الاستعراض حتى داخل الأماكن الحساسة القريبة من عرين حارسه. ويبدو حليش أيضا في أوج لياقته، وقيل ان صاحب إصابة الفوز على مالي يعتبر من اشد المتحمسين للقاء دروغبا والحد من خطورته، فيما قد يدرج عنتر يحيى أساسيا لأول مرة بعد أن خضع للتدريب مع الأساسيين. تلك هي أجواء ما قبل المباراة وما خفى منها أكبر، لأن هناك ما يطبخ في السرية بعيد عن الأضواء الكاشفة حتى لا يتحول المنتخب الوطني هذه المرة الى كتاب مفتوح، لأن الإيفواريين الذين أبدوا حتى الآن إعجابهم بمنتخبنا وحرصوا على عدم استفزازه بالتصريحات الملتهبة، من المحتمل جدا انهم غرسوا عيونهم في كل مكان وربما يملكون كشفا دقيقا عن كل لاعب جزائري.. نقاط قوته.. نقاط ضعفه.. سلوكه فوق الميدان وربما عرفوا مكان أكله أو نومه، وذلك ليس مستغربا على الإطلاق، طالما ان الكرة تخضع هي الأخرى للجوسسة.