أكد رئيس الغرفة الوطنية للفلاحة السيد محمد الشريف ولد الحسين أنه لا يمكن الحديث عن تطوير قطاع الفلاحة أمام المشاكل التي يعرفها هذا القطاع في مجال "المكننة" التي تبقى غائبة عن الأراضي الفلاحية في ظل عدم تجاوب القطاع الصناعي مع متطلبات النشاط الفلاحي، مشيرا في تصريح ل"المساء" إلى أن استعمال الحاصدات والجرارات القديمة كان وراء ضياع 30 بالمائة من إنتاج الحبوب في الموسم الفلاحي الماضي، وما زاد الطين بلة حسب المتحدث هو قدرة الإنتاج المحدودة لوحدات إنتاج العتاد الفلاحي وفرض رسوم جمركية مرتفعة على الفلاحين الخواص الراغبين في استيراد العتاد من الخارج. وأوضح ممثل الفلاحين في عرضه لواقع القطاع ل"المساء" أن عصرنة قطاع الفلاحة من جانب المكننة يبقى بعيدا كل البعد عن المقاييس العالمية المعمول بها، وهو ما يشكل أهم عقبة في تطوير الإنتاج وبلوغ المستويات المطلوبة رغم كل تلك التحفيزات والدعم الذي وفرته الدولة مؤخرا لوحدات الإنتاج من خلال تعزيز القرض الإيجاري "ليزينغ" ومسح ديون بعض المؤسسات المنتجة لمثل هذه التجهيزات، حيث أثبتت هذه الوحدات عجزها عن توفير طلبات الفلاحين خلال الموسم الفلاحي الفارط، وبات من الضروري اليوم وحسب المسؤول إعادة النظر في سياسة إنتاج قطاع الصناعة الثقيلة المختصة في مجال العتاد الفلاحي والسهر على مواكبة برامج تكثيف الإنتاج ومشاريع "عقود النجاعة" بمشاريع أخرى لتطوير صناعة "المكننة الفلاحية" التي يرجع لها الفلاح بعد انخفاض اليد العاملة بالحقول والمزارع البعيدة. لأن قطاع الصناعات الثقيلة يحتاج لتوجيه أموال ضخمة وجلب تجارب من الدول التي تملك خبرة في هذا المجال وهو ما يتطلب وقتا إضافيا، تقترح الغرفة الوطنية للفلاحة فتح المجال أمام الفلاحين لاستيراد العتاد من الخارج مع تحديد الدول الأوربية الرائدة في مثل هذه الصناعات، بالإضافة إلى تخصيص تسهيلات من جانب البنوك ومسح الرسوم الجمركية لمثل هذه الآلات في انتظار مواكبة الإنتاج المحلي لهذه التجهيزات مع التقدم التكنولوجي في الخارج. ويري السيد ولد الحسين في قراءة لواقع القطاع من نظرة الفلاح أن نقص التجهيزات الفلاحية يؤثر بشكل سلبي على الإنتاج الفلاحي خاصة إذا علمنا أن 8600 حاصدة وهي طاقة الحظيرة الوطنية يفوق سنها 17 سنة وهو ما جعلها تفوق فترة صلاحيتها بكثير، الأمر الذي كان وراء ضياع 30 بالمائة من إنتاج الحبوب الموسم الفلاحي السابق، الذي حتى وإن سجل قفزة في الإنتاج بعد تسجيل 61 مليون قنطار إلا أن الفلاحين كانوا قادرين على ضوء الظروف الطبيعية والمادية تسجيل أكثر من هذه القيمة، وهذا بشهادة وزير القطاع السيد رشيد بن عيسى، وبخصوص قرار تجديد الحظيرة الوطنية بأكثر من 500 حاصدة كل سنة تنتجها المؤسسات الوطنية، أشار المتحدث إلى أن الفلاحين ينتظرون منذ أكثر من أربعة أشهر قرارات الاستفادة من هذه الحاصدات، وعن سبب تأخر التسليم أشار رئيس الغرفة إلى أن وحدات الإنتاج الحالية لم تتمكن من تلبية طلبات الفلاحين لأسباب تقنية تخص قدم تجهيزات التصنيع. من جهة أخرى صرح المتحدث أن الحظيرة الوطنية تحصي اليوم 100 ألف جرار لا تتلاءم تجهيزاته ونوعية التربة وهو ما يتطلب تغييرها بجرارات حديثة الطراز ذات محركات تفوق بالكثير طاقة المحركات الحالية التي لا تتماشى ومتطلبات الإنتاج، وأرجع السيد ولد الحسين سبب اهتمام الفلاح في هذه الفترة بالذات بوسائل الإنتاج إلى عزوف اليد العاملة الشبانية عن العمل في قطاع الفلاحة، مع توجه معظم الفلاحين إلى البحث عن العمل في قطاعات أخرى كالتخزين والمضاربة في عمليات البيع والشراء، وهناك حتى من فضل تأجير أرضه والتوجه إلى التجارة نظرا للجهد الكبير الذي يجب أن يبذله الفلاح طوال مرحلة الحرث والبذر ومتابعة النشاط إلى غاية مرحلة الجني، وأمام هذا الوضع الحالي للقطاع الذي يبعث على القلق ألح ولد الحسين على ضرورة توفير المعدات والآلات الفلاحية اللازمة لتعويض تهرب اليد العاملة من القطاع الفلاحي، كما يجب على مسؤولي القطاع الصناعي السهر على عصرنة طاقاتهم الإنتاجية، مشيرا على سبيل المثال إلى أن الحاصدات الجزائرية الصنع لا تتماشى والأهداف المنتظرة من القطاع بسبب محدودية إنتاجها في الوقت الذي تم ابتكار حاصدات جديدة متعددة الخدمات تسهل العمل على الفلاحين وهي أقل تكلفة من الحاصدات المحلية التي بلغ سعرها السنة الفارطة ملياري سنتيم، في حين استطاع بعض الفلاحين استيراد حاصدات بأحدث التقنيات وفي حالة جيدة بسعر لا يزيد عن 200 مليون سنتيم. وفي نفس الإطار شدد المسؤول على ضرورة اختيار الدول الأوروبية في عمليات استيراد عتاد الإنتاج الفلاحي، فلا يعقل يقول السيد ولد الحسين السماح أن نستورد الحاصدات أو الجرارات من فنلندا كونها دولة غير فلاحية، بل يجب التوجه إلى الأسواق الألمانية الرائدة في مثل هذه التجهيزات، وهي من بين النقاط التي يجب التركيز عليها في حالة فتح المجال والسماح للخواص بالاستيراد ما دامت الوحدات الإنتاجية المحلية المحتاجة لمثل هذه التجهيزات لجأت السنة الفارطة للاستيراد لتلبية الطلب وتغطية العجز واستفادت من إعفاءات جمركية ودعم الدولة، فلم لا توسيع الاستفادة للفلاحين كذلك.