المعروف أن الطبيعة تؤثر بشكل كبير ومباشر على المرأة، ويلمس ذلك التأثير غالبا في مزاج المرأة سريع التقلب تماما مثلما ينقلب المناخ في اليوم الواحد، كما أن أناقة المرأة تتبع إلى حد كبير ألوان الطبيعة وفصولها.. بل حتى اختيار المرأة لعملها أحيانا يكون من منطلق حبها لما له علاقة مباشرة بالطبيعة أو كل ما يقرّب منها.. ومثلما يعرف على طبيعة الربيع دفؤها وهدوؤها كذلك هو طبع الآنسة "كريمة يحي" المحافظة العامة لحديقة التجارب بالحامة، المهندسة حاصلة على ماجستير في علم البيئة التي اختارت هذا التخصص عن قناعة لحبها الكبير للطبيعة وسعيها لتقديم الأحسن في عملها من منطلق الاقتناع بالشيء سر النجاح فيه. كريمة جالت بنا حديقة التجارب بالحامة او على الأقل ما أمكننا زيارته من زوايا هذا المكان الساحر في قلب العاصمة الجزائر، وهي تقدم لنا شروحات مستفيضة عن النباتات وعن تاريخ كل زاوية نحط بها، ما يوحي بأنها إنسانة عملية بالدرجة الأولى تسعى للإلمام قدر استطاعتها بكل ما قد يساعدها في الإلمام بعملها في علم البيئة. وتقول المهندسة إن حبها للطبيعة واللون الأخضر الذي يغلف كامل الحديقة "العملاقة" يجعلها في مرات كثيرة تحمل أوراق مكتبها وتتجه نحو مكان ما في قلب هذه الطبيعة لتباشر عملها، وحتى غداؤها تفضل تناوله وسط الاخضرار وزقزقة الطيور. والأكثر من ذلك أن جولة يومية تقودها كل مرة لزاوية معينة من زوايا المكان الساحر لأنه "من غير الممكن التجول في كامل ربوع الحديقة في مدة زمنية قصيرة.. إنه مكان يستحق بالفعل الاستكشاف" تقول المهندسة. وفي تجوالنا معها قالت المحافظة إنه ينمو في ربوع الحديقة ما يربو عن 2500 نوع من الأشجار والنباتات من مختلف أنواع المناخ والبيئة في العالم التي تأقلمت مع مناخ الحديقة المتميز، مع الإشارة الى أن بعض هذه النباتات والأشجار لا يوجد إلا في حديقة الحامة مثل شجرة دراسينا "Dracaena" أو Dragonia"" وتعرف بشجرة التنين، ويعود عمرها إلى عام 1847. وأضافت وهي تتجول بنا عبر الحديقة التي أقل ما يمكننا وصفها به أنها خلابة، أن هذه الأخيرة يضبطها نظام داخلي يضم العديد من البنود الصارمة التي جاءت بهدف الحفاظ على خصوصية الحديقة وثرواتها النادرة وعلى سلامة وأمن الزوار، وذلك من خلال منع دخول القصّر والمنحرفين والعشاق الذين قد يسيئون لسمعة الحديقة ويؤثرون على حرمة الزوار، بالإضافة إلى منع إدخال الحيوانات والدراجات واستعمال الكرة والمذياع وكل ما من شأنه التأثير على راحة الزوار، وللسهر على تطبيق القانون الداخلي، وفّرت إدارة الحديقة أزيد من 130 مراقب وعون أمن مصحوبين بكلاب مدربة وفرق للشرطة تعمل على مراقبة كل ما يجري في الحديقة.