قررت وزارة الموارد المائية تنصيب هيئة رقابية لمتابعة نشاط المؤسسات الخاصة النشطة في مجال التسيير المفوض للمياه عبر المدن الكبرى، وذلك بعد تأخر كل من المؤسسة الفرنسية ''مياه مرسيليا'' بقسنطينة والألمانية ''جلسن واتر'' بعنابة في نشاطها الميداني الذي انطلق منذ أكثر من سنة، حيث أرسلت الوزارة إعذارات للمؤسستين المذكورتين ممهلة إياهما ستة أشهر على أكثر تقدير للإسراع في الأشغال المتفق عليها والمتعلقة خاصة بوضع حد لتسربات المياه والشروع في توزيع المياه بشكل يومي على السكان، في حين استبعدت الوزارة فكرة العدول على تجربة التسيير المفوض لإنتاج المياه وهو ما أكده وزير القطاع السيد عبد المالك سلال خلال خرجاته الإعلامية. وستكون الهيئة الرقابية الجديدة التي ستنصبها وزارة الموارد المائية خلال الأشهر القليلة القادمة بمثابة أداة لمتابعة مدى امتثال الشركات الخاصة لبنود دفتر الشروط المبرم بينها وبين الوزارة الوصية في مجال تحسين خدمة توزيع المياه والربط بشبكات الصرف الصحي، وحسب الأصداء الأولى من الوزارة، فإن الحكومة راضية على عمل كل من المجمع الفرنسي ''سوياز'' الذي يستثمر بالسوق الجزائرية تحت اسم ''سيال'' والمجمع الإسباني الذي يستثمر بمدينة وهران تحت اسم ''سيور'' منذ ,2005 حيث تمكنت المؤسستان من تخطي العقبات وبلوغ الأهداف المنتظرة من خلال إدخال التكنولوجيات الحديثة في مجال التسيير والمراقبة، وهي وسائل دعم ساهمت في تحسين الخدمة في مجال توزيع وصرف المياه. وحسب وزير القطاع، السيد عبد المالك سلال، فإن الحكومة ترفض فكرة العدول عن تجربة التسيير المفوض بعد أن اختارتها نهاية 2004 كوسيلة للنهوض بالقطاع، بعد أن حددت أسباب العجز في التسيير خاصة وأن ''الجزائرية للمياه'' لم تكن تسيّر إلا 40 بالمائة من بلديات الوطن، مشيراً الى أن الجزائر لا تملك الخبرة والتجربة الكافية لتسيير عقلاني للطاقات الوطنية من المياه، خاصة وأن الجزائر تقع في منطقة شبه جافة، مما يتطلب عقلنة تسيير كل قطرة ماء يتم تجميعها عبر السدود أو تنتج بمحطات تحلية مياه البحر التي يبلغ عددها 13 منها محطتان بشرق الوطن وخمسة محطات بالوسط وست بالغرب، علما أن نصف هذه المحطات انطلقت في الإنتاج، والأشغال جارية بالنسبة للأخرى على أن يتم تسليمها قبل نهاية 2014 . وبعد أن تمكنت الجزائر من تحقيق نسب قياسية في امتلاء السدود فاقت ال 70 بالمائة وذلك لأول مرة بعد الاستقلال، وتنويع مصادر إنتاج المياه فلا يوجد إشكال بالنسبة لشركات التسيير المفوض لتحسين خدمات توزيع المياه بالدرجة الأولى ما دامت المادة الأولية موجودة وتوزع عليها مجانا بطلب من الحكومة، وهو الأمر الذي جعل الوزارة تعذر الشركات المتأخرة في تنفيذ مشاريعها الاستثمارية في مجال صيانة شبكات التوزيع والصرف وتغير العدادات، حيث يقول الوزير أن التقييم الأولي بعد أكثر من سنة من نشاط هذه المؤسسات التي تنشط في كل من قسنطينة وعنابة أكد أن وتيرة تقدم المشاريع تسير بخطى متثاقلة وإذا استمرت هذه المؤسسات بنفس الوتيرة فلا يمكن بلوغ الاهداف المنتظرة في الأوقات المتفق عليها ضمن دفتر الشروط، وعليه فقد تم إمهال المؤسسة الألمانية والفرنسية ستة أشهر لتفعيل الأشغال وتحسين الخدمات. كما تفكر الوزارة بعد الانتهاء من تقييم نشاط المؤسسات الخاصة الأربع الناشطة في هذا المجال توسيع التجربة إلى 15 مدينة أخرى تعاني هي الأخرى من سوء التسيير، وذلك بعد نجاح تجربة العاصمة ومدينة وهران بشهادة السكان الذي أعربوا خلال مختلف التحقيقات الميدانية عن استحسانهم للخدمات المقدمة بعد بلوغ هدف التوزيع اليومي للمياه 24 على ,24 مع احتساب القيمة الحقيقية لفواتير استغلال المياه، وإدخال مختلف التكنولوجيات الحديثة في مجال مراقبة التوزيع اليومي للمياه عبر نظام معلوماتي يسمح بتحديد القيمة الحقيقية من المياه الموزعة وتحديد نقاط الاعطاب، من خلال تفعيل نشاط مراكز النداء. ومن بين ايجابيات التسيير المفوض للمياه هو نقل الخبرة والتجربة للإطارات الجزائرية التي تنشط ضمن المؤسسات الخاصة، التي قامت بتدريب عدد كبير من الشباب الجزائريين في مهن المياه من توزيع وتطهير ومراقبة تقنية، كما سجل تحسن في مستوى الاستقبال ومعالجة انشغالات الزبائن الذين تعودوا على دفع مستحقاتهم في وقتها مع الاتفاق المسبق مع المؤسسة لدفع الديون المتأخرة بعد أن تحسنت نوعية الخدمات. وتتساءل مؤسستا ''سيال'' و''سيور'' عن مصيرهما بعد انتهاء فترة الاستثمار المحددة بخمس سنوات ونصف، حيث أبدى المسؤولون استعداداهم لمواصلة النشاط لعهدة ثانية بخمس سنوات، خاصة وأن تجربة الجزائر ساعدتهم في تسيير مؤسسات أخرى خارج الوطن، إلا أن القرار حسب الوزارة الوصية يعود إلى الحكومة التي قررت مؤخرا تعيين مكتب دراسات أجنبي محايد لتقييم عمل هذه المؤسسات وعلى ضوء التقرير والوضع الراهن يمكن تحديد مصير ''سيال'' و''سيور'' وإمكانية توسيع التجربة على 15 مدينة أخرى.