استفاق سكان العاصمة الروسية على وقع انفجارين عنيفين هزا صباح أمس مترو أنفاق موسكو خلفا مصرع 38 شخصا وإصابة اكثر من مائة شخص آخر بجروح متفاوتة. وخلفت هذه التفجيرات الأولى من نوعها لم تشهدها العاصمة الروسية منذ ست سنوات حالة من الذعر والفوضى الكبيرتين بسبب وقع المفاجأة على مرتادي مترو أنفاق مدينتهم في اول يوم من أيام الأسبوع. وعرفت مختلف المستشفيات القريبة من مكان وقوع التفجيرين حالة استنفار قصوى لاستقبال المصابين والتكفل بهم حتى أولئك الذين أصيبوا بحالات من الهستيريا والخوف بسبب شدة وعنف الشحنتين المتفجرتين. وأصيبت أجهزة الأمن في العاصمة موسكو بحالة من الذهول وخاصة وأنها لم تكن تتوقع تكرار تفجيرات فيفري سنة 2004 التي ضربت نفس الأنفاق قبل أن تستفيق من صدمتها وأكدت أن التفجيرين انتحاريين ونفذتهما سيدتان من انفصاليي منطقة القوقاز وخلفا مصرع 41 شخصا. ولم يتأخر الوزير الأول الروسي فلاديمير بوتين في توعد الجهة التي وقفت وراء عمليتي التفجير برد قاس وقال إنه سيعمل على إبادتهم جميعا. قبل أن يؤكد الرئيس ديمتري ميدفيديف خلال اجتماع طارئ لحكومته أن محاربة الإرهاب ستكون أولوية مطلقة وستتواصل دون تراجع والى النهاية''. وبالنظر إلى عنف التفجيرين وحصيلتهما وأيضا مكان حدوثهما فقد دفع ذلك بمتتبعين للشأن الداخلي الروسي إلى التأكيد أن استهداف أنفاق العاصمة موسكو يعد ضربة قوية للسياسة الأمنية التي انتهجها الوزير الأول فلاديمير بوتين الذي يعول منذ كان رئيسا لفيدرالية روسيا على كتم كل أصوات الانفصاليين في جمهورية الشيشان وشمال القوقاز وانغوشيا وفي عدة مناطق روسية أخرى. وأضافوا أن التفجيرين يعدان أيضا ضربة لجهاز المخابرات الروسي الذي لم يتمكن من التفطن لعملية بهذا الحجم وعلى بعد أمتار من مقره الرئيسي. ووقع التفجير الأول في محطة لوبيانكا القريبة من قصر الكريملين مقر الرئاسة الروسية وغير بعيد عن مقر جهاز المخابرات العسكرية وتعد هذه المحطة رمزا في العاصمة الروسية في ساعة الذروة في حدود الساعة الثامن صباحا، بينما وقع التفجير الثاني في أقل من ساعة من التفجير الثاني في محطة بارك كولتوري الموجودة أيضا في قلب العاصمة الروسية. وقالت فلاديمير فالكين الناطق باسم لجنة التحقيق في المحكمة الروسية أن قوات الأمن عثرت على أشلاء سيدتين يعتقد أنهما انتحاريتان كانتا تحملان حزامين ناسفين شديدي المفعول. وأكدت مصادر أمنية روسية تمكن مصالح الأمن من تحديد هوية الانتحاريتين وسيدتين رافقتهما إلى بوابتي محطتي مترو الانفاق قبل أن تفترقا من خلال معاينة أشرطة تسجيل كاميرات المراقبة الموضوعة في مداخل ومحيط شبكة مترو العاصمة موسكو. وقال اليكسندر بورتنيكوف مدير جهاز المخابرات الروسية ''اف. اس. بي'' خليفة جهاز ''كا .جي. بي'' أن الانتحاريتين على علاقة مع حركة تمرد في شمال القوقاز التي أرهقت المخابرات الروسية وخاصة في العاصمة موسكو. ونظرا لوقع العمليتين فقد اضطر الوزير الأول فلاديمير بوتين إلى قطع زيارة كان يقوم بها إلى منطقة سبيريا في أقصى الشرق الروسي وعاد على التو إلى موسكو حيث اعطى اوامر بتعزيز الإجراءات الأمنية عبر كل شبكات النقل العام لتفادي وقوع تفجيرات أخرى في نفس الوقت الذي أعلن فيه يوري لوجكوف رئيس بلدية موسكو نهار اليوم يوم حداد حزنا على أرواح قتلى التفجيرين. وربطت عدة مصادر أمنية روسية التفجيرات بعمليات المطاردة المتواصلة لقوات الجيش الروسي ضد انفصالي منطقة شمال القوقاز في محاولة لتحييد عناصرها حيث قتل اثنين من زعمائها في الأسابيع الأخيرة. ورغم أن التفجيرات هزت مترو أنفاق العاصمة الروسية فإن ذلك لم يمنع السلطات الأمنية الأمريكية من فرض إجراءات أمنية على مترو أنفاق مدينتي واشنطنونيويورك اللتان تضمان إحدى أكبر شبكات النقل تحت الأنفاق في العالم. وقال مدير شرطة نيويورك إنه رغم أن المدينة لم تحصل على أية معلومات تؤكد على وجود تهديدات إرهابية إلا أنها اتخذت إجراءات احترازية لمنع وقوع أي عملية مماثلة لتلك التي ضربت قلب العاصمة الروسية. وأثار التفجيران موجة تنديد في كل العالم بدأها الرئيس الأمريكي باراك اوباما الذي وصفهما بالبشعين وأكد ''أن الشعب الأمريكي يتضامن مع الشعب الروسي لمواجهة التطرف والعمليات الإرهابية التي يستهين أصحابها بالروح البشرية. وهو الموقف الذي عبرت عنه مختلف العواصم الأوروبية والعالمية التي استنكرت التفجيرات وطالبت بردع ومعاقبة الواقفين وراءها.