دافع وزير المالية السيد كريم جودي أمس أمام نواب المجلس الشعبي الوطني عن مشروع القانون المتعلق بمهن الخبير المحاسب ومحافظ الحسابات والمحاسب، واعتبره خطوة تمكن الدولة من استعادة صلاحياتها في مجال تنظيم وضبط هذه المهن. وأوضح السيد جودي لدى عرضه نص مشروع القانون أمس في جلسة علنية ترأسها السيد عبد العزيز زياري رئيس المجلس أن النص يهدف إلى تعزيز وترقية هذه المهن التي تعتبر مهمة بالنسبة للاقتصاد الوطني، وكذا الاستجابة إلى المتطلبات المنتظرة، منها الاحترافية اللازمة والمساهمة في تطوير الاقتصاد والتجارة والاستثمار، وذلك بالاستناد إلى نوعية المعلومة المحاسبية والمالية الصادرة عن المؤسسات. وأضاف أن إعادة النظر في التشريع الحالي الذي يمنح استقلالية تامة لمهنة المحاسبة يهدف إلى تدارك الفوضى والإقصاء الذي ميز تطبيقه إلى درجة المساس بمصداقية الدولة، في إشارة إلى دور مدقق الحسابات ومحافظي الحسابات في تجنب قضايا الفساد التي عرفتها العديد من القطاعات.وأضاف الوزير بأن التجديد العاجل للأحكام القانونية والتنظيمية المسيّرة لمهنة المحاسبة تبرره مجموعة من الأسباب، منها ما يتعلق بضرورة العمل على استقرار المهنة والتي عرفت بعض الركود والاختلالات التي مست مصداقيتها ونوعية خدماتها. كما أن النصوص المحددة للالتحاق بمهنة المحاسب وتنظيمها وممارستها قد تجاوزها الزمن وتتطلب مراجعتها قصد الأخذ بعين الاعتبار التطور الاقتصادي والمالي الداخلي وكذا نتائج العولمة على الجزائر. ويرى الوزير أن تدخل الدولة في تنظيم هذه المهنة سيمكن من تفعيل الدور الرقابي للسلطات العمومية على المال العام. ونفى السيد كريم جودي أن تكون الوزارة قد تجاهلت أصحاب المهنة في إعداده وأكد أن صياغة مشروع القانون جاء كثمرة مشاورات طويلة وموسعة مع جميع الأطراف المعنية، لاسيما مهنيي المحاسبة، حيث رأت الأغلبية بأن المشروع هو إجراء للحفاظ على المهنة ويهدف إلى تحسين المعايير الحالية لتنظيم المهنة لرفعها إلى المستوى الذي يجب أن تكون عليه من خلال تأمين تكوين ملائم وتوفير وسائل إنجاز مهامها طبقا للأخلاقيات العادية في هذا الخصوص. ويتضمن مشروع القانون حسب السيد جودي إنشاء ثلاث منظمات مهنية وهي المصف الوطني للخبراء المحاسبين والغرفة الوطنية لمحافظي الحسابات والمنظمة الوطنية للمحاسبين المعتمدين مع فرض وصاية المجلس الوطني للمحاسبة -التابع للدولة- على هاته المنظمات. وتباينت تدخلات نواب المجلس الشعبي الوطني خلال النقاش بين مؤيد ومعارض للإجراءات الجديدة، رغم حصول اتفاق بخصوص شرط التمتع بالجنسية الجزائرية للحصول على ترخيص لممارسة أي مهنة من المهن الثلاث والتي أدخلتها لجنة المالية والميزانية على النص الأصلي، واجمع المتدخلون على ضرورة توسيع شرط التمتع بالجنسية لكل المساهمين في أية شركة محاسبة يتم إنشاؤها في الجزائر وذلك لتجنب تحايل البعض على القانون من خلال تأسيس شركة ذات قانون جزائري، يكون فيها أجانب مساهمين. وانتقد بعض النواب التعديلات المتصلة بتعزيز تدخل الدولة، واعتبروها محاولة لخنق عمل المحاسب، ودعا متدخلون آخرون الى تفعيل دور أصحاب المهنة في التدقيق المحاسبي وذلك لتجنب قضايا فساد كما حدث مع ملفات الخليفة والبنك الصناعي والتجاري، وربطوا حدوث التجاوزات في البنكين بغياب الفعالية في عمل محافظي الحسابات.