عندما لا تحسن استعمال قوتك فهي حتما ستنقلب عكسيا عليك وتجعل منك ضعيفا في أعين الخصوم. هذه هي القناعة التي خرج بها الرأي العام العالمي من إقدام ترسانة حربية إسرائيلية على ضرب نشطاء حقوقيين مسالمين قدموا من أربعين دولة لإسماع أنين الجوعى في قطاع غزة لعالم صمت آذانه. وقد لخص الكاتب السويدي هيننغ مانكل الذي كان ضمن قافلة الحرية واحتجزته قوات الجيش الإسرائيلي قبل ترحيله إلى بلاده أن استعمال تلك الترسانة الإسرائيلية يعد مؤشرا على ضعف إسرائيل. وقال بلغة الكاتب المتبصر وبكثير من التهكم أيضا ''ماذا سيحدث العام القادم عندما سنعود بمئات السفن الإنسانية حتما إنهم سيضربوننا بالقنبلة النووية'' في وصف لهاجس الخوف الذي سكن نفسية الحكومة الإسرائيلية التي لم تعد تفرق بين الأنشطة الإنسانية والسياسية. وأضاف بنفس لغة التهكم أن إسرائيل بمثل هذا التصرف سقطت أرضا بدليل أنه لا احد كان يتوقع أن يتحرك العالم بمثل هذه الصورة التضامنية مع أعضاء قافلة الحرية وجعلت إسرائيل في عزلة دولية تامة. كما فضح نشطاء كويتيون المزاعم الإسرائيلية وأكدوا أن القوة الإسرائيلية الخاصة لم تتعرض لأي هجوم بل أنها شرعت في إطلاق النار دقائق قبل وصولها إلى سفن قافلة الحرية بما يؤكد النية المبيتة لمنفذي الهجوم بقتل الأبرياء وقد تأكد ذلك عندما أطلقوا النار على ركاب السفينة التركية ''مافي مرمرة'' دون أي تحذير. وقال المحامي الكويتي مبارك المطوع الذي كان رفقة 18 ناشطا إنسانيا كويتيا من بينهم ست نساء أن الكوموندو الإسرائيلي شرع في إطلاق النار دون تحذيرات حتى قبل أن تطأ أقدامهم على سطح السفينة. وأكد المحامي الكويتي أن أيا من ركاب السفينة لم يكن يمتلك أسلحة حربية او بيضاء وهو ما يفسر عدم مقاومة ركاب السفينة لعناصر القوة الخاصة الإسرائيلية لعدم تكافؤ القوة بين الجانبين. وصبت تصريحات وليد الطبطبائي النائب الإسلامي الكويتي المعروف في السياق نفسه وقال أن ناشطين اثنين استشهدا بالرصاص الحي حتى قبل وصول القوة الخاصة الإسرائيلية عندما تعرضوا لرصاص قاتل صوب باتجاههم انطلاقا من زوارق حربية وطائرة مروحية. والأخطر من ذلك أكده علي بوحمد احد اصغر المشاركين في قافلة الحرية الذي قال أنه رأى كيف أجهز جندي إسرائيلي على ناشط تركي جريح بإطلاق رصاصة في رأسه بينما رفض جنود آخرون إسعاف جرحى آخرين كانوا ينزفون مما أدى إلى وفاتهم رغم نداءات الإغاثة التي كان ركاب السفينة يوجهونها إلى القوة الإسرائيلية مقترفة هذه الجريمة. وهي الحقيقة التي أكدتها حنين زعبي النائب العربية في الكنيست الإسرائيلي التي أكدت هي الأخرى أن إطلاق النار على ركاب أسطول الحرية بدأ قبل عملية إنزال القوات على السفينة. وأكدت زعبي لدى عودتها إلى مدينة الناصرة في فلسطين التاريخية أن إطلاق النار على نشطاء السلام الذين كانوا على متن السفينة بدأ قبل عملية إنزال الكومندوس الإسرائيلي وقبل حدوث أي تماس بين الجنود وبين النشطاء''. وشددت التأكيد على أن ''إسرائيل عندما قالت إننا إرهابيون فإنها عمليا كانت تحضر نفسها عسكريا وحضرت الرأي العام المحلي والعالمي لنتائج ما رأيناه''. وقالت زعبي ''لقد توقعنا أن توقف إسرائيل أسطول الحرية لكننا لم نتوقع هذه الكثافة العسكرية وهذا العنف العسكري وهذه الضخامة والتجهيزات والمعدات العسكرية التي رأيناها'' في إشارة إلى البوارج وحاملات الصواريخ الإسرائيلية التي هاجمت قافلة الحرية. واتهمت الناشطة الجزائرية صالحة نواصرية الجنود الإسرائيليين بضرب النساء اللواتي كن على متن السفينة واهانتهن وتجريدهن من ثيابهن وشتمهن وقالت أن نائبا جزائريا كاد أن يفقد عينية. بينما قالت الناشطة الجزائرية الأخرى نجوى سلطاني أن إسرائيل تعاملت مع نشطاء قافلة الحرية وكأنهم إرهابيين حيث قيدونا وأبقونا تحت حرارة شمس لا تطاق لعدة ساعات قبل تحويلنا إلى سجن بئر السبع الشهير. وقال النائب المغربي عبد القادر عمارة أن ما عايشه على متن سفينة ''مافي مرمرة'' التركية أشبه بفلم رعب حقيقي الفرق بينهما أن ما اقترفه الجنود الإسرائيليون كان حقيقة برائحة الموت. وأكد هو الآخر أن الجنود الإسرائيليون أطلقوا النار على النشطاء الأتراك دون رحمة وقد كان بإمكانهم اعتقالهم دون مقاومة. وكانت شهادات سابقة لنشطاء ألمان وفرنسيين وبريطانيين وحتى أمريكيين ممن كانوا ضمن القافلة أكدوا على مثل هذه الحقائق وأن ما أقدمت عليه الحكومة الإسرائيلية جريمة ضد الإنسانية ويجب معاقبتها على تصرفها الإجرامي. وأفشلت هذه التصريحات المزاعم الإسرائيلية وحتى أية حملة إعلامية يمكن أن تقوم بها حكومة الاحتلال لتبييض وجهها أمام الرأي العام الدولي.