فقدت القضية الصحراوية وكل الشعب الصحراوي في رحيل محفوظ علي بيبا مدافعا متمرسا قاد كفاح الشعب الصحراوي من بداياته قبل أربعة عقود وبقي مصرا على نهجه قناعة منه بعدالة كفاح شعبه وعلى أمل تحقيق النصر في النهاية على محتل توسعي.وتكون متاعب كل هذه السنين هي التي أنهكته في نهاية المطاف وكانت كافية لإنهاء مسيرة نضالية حافلة رغم مواقف مجموعة دولية متنكرة لحق إنساني رفضت قوى كبرى الاعتراف به. وانتقل إلى رحمة الله محفوظ علي بيبا القيادي المعروف في جبهة البوليزاريو ورئيس البرلمان الصحراوي بشكل فجائي مساء الجمعة عن عمر يناهز 57 عاما بعد تعرضه لازمة قلبية حادة كانت كافية لوضع حد لمسيرته النضالية التي فاقت 35 عاما ضد الاحتلال الاسباني ثم الاحتلال المغربي. وحمل الفقيد طيلة مسيرته الثورية ضد الاحتلال حلم شعب أراد الانعتاق من نير استعمار اسباني ليجد نفسه تحت احتلال مغربي ولكن ذلك لم يثنه عن التراجع عن قناعته وحمل هموم شعبه وعايش مأساته في اللجوء وصبر واصطبر على محن المسيرة وبقي صامدا رغم العقبات. حمل معاناة شعبه في قلبه وكان احد مهندسي الكفاح الصحراوي المسلح ضد الاحتلال ولم تغره إغراءات المحتل المغربي ولا وعيده وفضل العيش في المخيمات وأمله الأول والأخير تحقيق حلم الاستقلال ومحركه في ذلك كفاح الشعوب المضطهدة في إفريقيا واسيا وأمريكا اللاتينية التي أصرت على كفاحها وحققت في النهاية ما كانت تصبو إليه. وكان بيبا من طينة أولئك الذين آمنوا بالقضية، فقد اقتنع بضرورة رفع راية شعب صحراوي لا يريد أن يكون مغربيا ولا يمكن له أن يكون تماما كما حلم نيلسون مانديلا قبله بانتهاء نظام ميز عنصري بدا وكأنه حتمية على شعب جنوب افريقيا. ويعرف علي بيبا انه صوت الحكمة في جبهة البوليزاريو بسبب رجاحة مواقفه وصوابها في كل مرة تمر فيه القضية بمحنة او امتحان ولم يكن اختياره على رأس الوفد الصحراوي المفاوض مع المحتل المغربي إلا نتيجة لشخصيته القوية سواء في مفاوضات هيوستن سنة 1997 أو خلال مفاوضات مانهاست الأولى والثانية. ويعرف عنه أيضا انه يجيد المناورة التفاوضية يتشدد في مواقفه عندما يستدعي الأمر ذلك ويلين عندما يرى في ذلك ضرورة تفاوضية. ورغم انه يرفض الظهور والتصريحات الإعلامية والأضواء إلا انه ترك بصمته في السياسة العامة لجبهة البوليزاريو إلى درجة أن بعض إطارات الحكومة الصحراوية يؤكدون انه أصبح مع مرور الأعوام مرجعية لا يمكن القفز عليها في مثل هذه المواقف. ويرى فيه رفيق دربه وأمين عام جبهة البوليزاريو محمد عبد العزيز الرجل الذي يمكن الاعتماد عليه لقدرته في أداء كل الأدوار الموكلة له وهو ما يفسر شغله لعدة مناصب حساسة في الظروف الاستثنائية وأهلته لشغل منصب أمين عام الجبهة مباشرة بعد استشهاد مصطفى السيد سنة 1976 ووزيرا أول لمرتين ما بين سنتي 1982 و1985 وبين سنتي 1995 و1999ثم اختياره اول رئيس للبرلمان الصحراوي منذ سنة .2003 وبالنظر إلى مكانته في هرم جبهة البوليزاريو وأيضا إلى خصاله وشعبيته وتعبيرا عن مدى حزنها على فقدانه فقد أعلنت قيادتها حدادا عاما لمدة أسبوع تكريما واعترافا لكفاح ونضال رجل أصبح صوت حكمة شعب ثائر.