اختفت أمس ''جزيرة'' باب الزوار في غضون ساعات قليلة من عمل الجرافات والآليات التي باشرت في تهديم ما يقارب ال500 بناية فوضوية كانت منتشرة في قلب البلدية وهو نفس المصير الذي لقيه حي لابوشري بوادي قريش والذي يضم نحو300 بيت قصديري أزيحت من الخريطة العمرانية لولاية الجزائر التي قامت سلطاتها بإعادة إسكان 500 عائلة ببيوت لائقة تتوفر فيها جميع وسائل الراحة والعيش الكريم. وقد أتى ''تسو نامي'' الترحيل على جميع مظاهر البؤس والشقاء وكل صور الفوضى والقصدير التي شوهت جمال البهجة على مدار السنوات الماضية لتسقط أحياء الصفيح تباعا الواحدة بعد الأخرى بفضل البرنامج الطموح لفخامة رئيس الجمهورية الذي أعطى تعليمات صارمة بضرورة إعادة الاعتبار للعاصمة على أساس أنها عاصمة متوسطية لها مكانتها المحورية وبالتالي القضاء على كل ما يشوهها وفي مقدمتها البيوت القصديرية التي عششت بشكل طفيلي لأزيد من 20 عاما وقد آن وقت ''قطافها". وقد مرت عملية ترحيل سكان حي ''الجزيرة'' المقدر عددهم ب270 عائلة وسكان لابوشري بحي طارق بن زياد بوادي قريش في ظروف جيدة ميزها التنظيم المحكم من قبل مصالح الدوائر الإدارية لباب الواديوالدارالبيضاء التي سهرت على أن تكون العملية بردا وسلاما على سكان هذه المناطق الذين أبدوا تخوفا من انفلات الوضع خاصة مع وجود عدد هام من العائلات المقصية والتي هددت بتصعيد الوضع على الرغم من عدم أحقيتها في الاستفادة من عملية إعادة الإسكان. كما أن التواجد المكثف لمصالح الأمن التي عسكرت بالأحياء المعنية بالترحيل أياما قبل العملية كان له دور فعال كما هو الشأن بالنسبة لحي الجزيرة الذي ساهمت فيه مصالح الأمن وبشكل كبير في إتمام عملية الترحيل وتهديم الموقع في أحسن الظروف بالإضافة إلى العمل التحسيسي والجواري لذات المصالح التي أقنعت العائلات الرافضة لمغادرة سكناتها بضرورة إخلاء المكان. وعن عملية الترحيل التي ساهمت فيها السلطات المحلية ببلدية باب الزوار قال السيد بن منصور الوالي المنتدب للدائرة الإدارية للدار البيضاء أنها لم تتم أثناء الليل كما جرت عليه العادة خلال عمليات الترحيل السابقة بل تمت عملية تعبئة أثاث العائلات في النهار وهذا نظرا لضيق الحي المتربع على مساحة لا تتعدى (2500 متر مربع) وهو ما يعرقل حركة السير بسهولة، مضيفا أنه تم الاتفاق على أن تجري عملية الترحيل في النهار لتفادي حدوث أمور لا يمكن التحكم فيها، أما بالنسبة للعائلات التي كانت تقطن حي لابوشري بواد قريش فانتقلت منذ ليلة أول أمس إلى حظيرة السيارات التابعة للمركب الأولمبي محمد بوضياف ليتم نقلها في الساعات الأولى من صبيحة أمس إلى الأحياء الجديدة ببئر توتة وبن طلحة وبراقي. وتم ترحيل العائلات البالغ عددها 499 نحو تسعة مواقع سكنية بالعاصمة بكل من حي 1680 مسكن ببئر توتة وحي 568 مسكن ببراقي والرمضانية وحي 190 مسكن ببن طلحة والكاليتوس بالمقاطعة الادراية لبراقي، حيث تم تجهيز الأحياء بجميع وسائل الراحة والمنشآت العمومية والقاعدية اللازمة من مدارس ومصحات ومكاتب إدارية بالإضافة إلى المساحات الخضراء وأماكن الراحة التي أصبحت السمة الغالبة لجميع الأحياء الجديدة. استغلال الأوعية العقارية لإنجاز مرافق جوارية وعلى وقع الزغاريد ودع سكان باب الزوار حي الجزيرة وكلهم دهشة وذهول من سرعة العملية التي تمت في لمح البصر، ولم يصدقوا مشاهد صور الجرافات وهي تسحق الموقع الذي يعدّ من بين أكبر الأحياء القصديرية بالبلدية، حيث غادر قاطنوه حياة البؤس بأكواخ القصدير إلى حياة الكرامة في شقق هي أقرب إلى السكنات الترقوية منها إلى السكن الاجتماعي ضمن المخطط الولائي الرامي إلى إعادة إسكان 12 ألف عائلة علما أن حي ''الجزيرة'' الواقع بقلب باب الزوار يعدّ نقطة سوداء وهو الذي يعود تاريخ إنشائه إلى سنة 1995 بعدما استغنت شركة ''سونا تينا'' لبناء السكنات عن مشرعها المكون من 40 مسكنا غير منتهية الأشغال، ليستغل بعض الأشخاص النازحين من مختلف الولايات الفرصة ويحتلوا السكنات فيما قامت عائلات أخرى ببناء أكواخ بمحيط البناءات من الزنك في وسط برك من الأوحال والمياه القذرة المتدفقة من كل جهة حتى أصبح الحي يضم ما يقارب 400 عائلة تعيش في جو يفتقر لأدنى ضروريات الحياة كالماء، الكهرباء، الغاز وقنوات الصرف الصحي. ولعل أهم ما كان يعرف به الحي هو انتشار جميع الآفات الاجتماعية وكل المظاهر السلبية التي أعطت انطباعا سلبيا عن المكان وشوهت سمعته على الرغم من موقع باب الزوار الاستراتيجي واحتوائها على أكبر الجامعات في إفريقيا والبنوك والاستثمارات وغيرها من المنشآت المهمة.. ولعل هذا ما يفسر الفرحة التي عمت سكان الأحياء المجاورة للجزيرة والذين لجأ العديد منهم إلى الهروب واستئجار بيوت في أماكن خارج محيط الحي تفاديا للمضايقات اليومية بجوار الحي خاصة أثناء الليل. وحسب الوالي المنتدب للدائرة الإدارية للدار البيضاء السيد بن منصور عبد الله فإن ترحيل سكان الجزيرة لم يكن بالأمر السهل خاصة وأن الحي كان يضم أزيد من 400 عائلة غير أن عمليات الإحصاء التي تم ضبطها سنة 2007 والمتبوعة بعمليات تدقيق وتفتيش دورية للقاطنين طيلة الثلاثة أشهر الماضية أفضت إلى إقصاء العديد منهم ممن كشفت التحريات استفادتهم من سكنات بصيغ أخرى بحسب البطاقية الوطنية للسكن التي فضحت استفادة العديد منهم. من جهته أشار رئيس بلدية باب الزوار إلى إقصاء عائلات بأكملها لا يزال أبناؤها يتمدرسون بولايات شرق وغرب البلاد فيما تم اقتحام أكواخ اتضح أن أصحابها شيدوها وتركوها مقفلة إلى حين استفادتهم من بيوت لائقة ظانين أن كل من يملك بيتا قصديريا سيستفيد لامحالة من شقة لائقة بالإضافة إلى طرد عائلات افريقية بأكملها استغلت الوضع لتنصب لنفسها بيتا قصديريا لعل وعسى تستفيد هي الأخرى من مسكن لائق لها.. ولم لا!. وتحصي دائرة الدارالبيضاء حاليا نحو 80 مجمعا سكنيا قصديريا يضم عشرات الآلاف من العائلات في حين تمكنت الدائرة ومنذ 2006 من إعادة إسكان 1000 عائلة فيما استرجعت 8 أوعية عقارية منذ بداية السنة الجارية، وفي سياق متصل يشير السيد بن منصور أنه وبعد استرجاع المساحة التي كانت محتلة من قبل سكان حي الجزيرة ''سيتم إنجاز ملعب جواري يتوفر على عدة مرافق جوارية تفقدها بلدية باب الزوار بالإضافة إلى إنجاز مساحات للألعاب الجماعية ومساحات خضراء. للإشارة انتهت أمس سلطات ولاية الجزائر من ثامن عملية ترحيل والتي كانت قد انطلقت نهاية الأسبوع الماضي ومست خمسة مجمعات قصديرية هامة كانت متمركزة داخل النسيج الحضري لولاية الجزائر وتم على إثرها إعادة إسكان 1050 عائلة تم توزيعها عبر عشر مجمعات سكنية لائقة في حين تطلبت هذه العملية إمكانيات هامة منها تجنيد أزيد من 2000 عون، ما يقارب 2000 شاحنة لنقل الأثاث وجرافات وشاحنات لنقل الأتربة بالإضافة إلى 100شاحنة لنقل العائلات إلى مواقع سكناتها الجديدة. وقد بلغ عدد العائلات المرحلة منذ الإعلان عن برنامج إعادة إسكان 12 ألف عائلة الذي انطلق شهر مارس الماضي والممتد إلى غاية أواخر شهر أكتوبر القادم أزيد من 6000 عائلة مع احتساب السكنات التي تم توزيعها عبر لجان الدوائر فيما تم استرجاع أوعية عقارية هامة يزيد عددها عن 15 وعاء كانت تضم بيوت الصفيح على غرار حي ديار الشمس، دودو مختار، الزعاطشة، الحوضين ببن عكنون، المذبح بسطاوالي، ديار الكاف الكاريار والجزيرة.