دفعت الطريقة التي تعاملت بها السلطات الإسبانية مع قضية تعرض مواطنيها للضرب والإهانة من طرف قوات الأمن المغربية بمدينة العيون عاصمة الصحراء الغربيةالمحتلة إلى طرح الكثير من علامات الاستفهام في أوساط الرأي العام الإسباني الذي لم يفهم الليونة المفرطة التي انتهجتها مدريد في التعامل مع قضية بمثل هذه الخطورة. واستغربت العديد من المنظمات الحقوقية الإسبانية إسراع حكومة خوسي لويس رودريغيث ثباتيرو إلى اعتبار قضية الضرب المبرح الذي تعرض له 14 اسبانيا في عاصمة الصحراء الغربية منتهية بمبرر أنها تلقت تفسيرات من طرف الرباط وصفته بالكافي لتبرير عملية الاعتداء على هؤلاء الحقوقيين. وقال خوان بابلو دو لغليزيا كاتب الدولة للشؤون الخارجية إن ''السلطات المغربية قدمت تفسيرات حول هذه القضية وعلى أساسها تم غلق ملف هذه القضية''. وأضاف أن ''الحقوقيين الإسبان شاركوا في مظاهرة وصفها بغير الشرعية وغير مرخصة مما أدى إلى حدوث اصطدام بين عناصر الأمن والمتظاهرين''. وتعاملت اسبانيا منذ البداية ب''لباقة'' مع السلطات المغربية حيث اكتفى رئيس الحكومة الاسباني بالإعراب عن انشغاله لحادثة الاعتداء مع التأكيد على حرص مدريد على إقامة علاقات حسنة مع دول الجوار على غرار المغرب. وبهذا الموقف تكون مدريد قد ألقت اللوم على مواطنيها الذين حملتهم مسؤولية ما تعرضوا له من اعتداء على يد قوات الاحتلال المغربية التي تفننت في الاعتداء على الحقوقيين الاسبان الذين كان ذنبهم الوحيد أنهم شاركوا في مظاهرة سلمية تطالب بممارسة حق شرعي لشعب اغتصبت أرضه بقوة الحديد والنار وهو تقرير المصير. والمؤكد أن تغاظي مدريد عن إهانة مواطنيها في المغرب لن يزيد إلا في تعنت النظام المغربي في مواصلة انتهاكاته الخطيرة لحقوق الإنسان ليس فقط ضد أبناء الشعب الصحراوي بل حتى ضد الأجانب حتى ولو كانوا ينتمون إلى أكبر الدول مادامت هذه الدول مستعدة للتنازل عن حقوق رعاياها إذا كان الأمر يتعلق بمصالح تجنيها من وراء القضية الصحراوية. وتزيد مثل هذه المواقف المفضوحة للحكومة الاسبانية التأكيد على حجم المصالح التي تربط اسبانيا بالمغرب والتي دفعت بمدريد إلى قبول حتى إهانة مواطنيها على يد رجال الأمن المغاربة. وهي المصالح التي منعت اسبانيا من تحمل مسؤوليتها التاريخية في تسوية النزاع في الصحراء الغربية باعتبارها المحتل السابق لهذا الإقليم مما أطال في مأساة شعب بأكمله وجد نفسه في الشتات والملاجئ وتحت نير احتلال آخر هو المغرب. ثم أن مدريد تكون قد سعت من خلال هذا الموقف إلى تهدئة حالة التوتر التي علقت بالعلاقات الاسبانية المغربية بسبب الغليان الداخلي الذي شهدته مؤخرا مدينتا سبتة ومليلية الاسبانيتان. ولم يلق الموقف الرسمي الاسباني استحسانا لدى حزب ''المبادرة من أجل كاتالونيا'' (الخضر) الذي طالب باستدعاء السفير الاسباني بالمغرب للتشاور بعد التدخل العنيف ضد متظاهرين الإسبان الكتالونيين. وطالب خوان اريرا رئيس الحكومة الإسباني خوسي لويس رودريغيث ثباثيرو ب''اتخاذ موقف صارم في مواجهة التدخل العنيف للشرطة المغربية'' مقترحا استدعاء السفير الإسباني للتشاور. وذكر اريرا بأن الشرطة المغربية كانت قد اعتدت بعنف على 14 مواطنا إسبانيا قاموا بتنظيم مظاهرة سلمية بمدينة العيونالمحتلة بالصحراء الغربية أمام مقر بعثة ''المينورسو'' من أجل ''إدانة الانتهاكات المغربية الجسيمة لحقوق الإنسان والاحتلال غير الشرعي من طرف المغرب للصحراء الغربية''. ونتج عن هذا الاعتداء إصابة سيدة تبلغ من العمر 50 سنة على مستوى العين جراء الضرب فيما جرح البعض الآخر حسب ذات المصدر.